مسقط – خاص:
حرصت سلطنة عُمان منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، خلال مسيرتها التنموية والنهضوية على انتهاج التوازن الذي يجمع أهمية استمرارية واستدامة مسيرة التنمية بكافة أبعادها من جهة، وكذلك الحرص على مقتضيات سلامة البيئة وحماية الحياة الفطرية من جهة أخرى،
وهو ما أكد عليه دوماً السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان في أكثر من مناسبه.
وانطلاقًا من هذا التوازن خطت مراحل التنمية العُمانية في مساراتها المرسومة مع إيلاء البيئة الاهتمام الذي يليق بها، بحيث لا يطغى جانب على آخر، أو تحديدا أن لا يطغى مسار التنمية على مسار الحفاظ على البيئة، خصوصا وأن هناك نهضة تنموية تشهدها السلطنة وانتعاشًا اقتصاديًّا يدفع نحو تفعيل كلِّ قطاعات التنمية ورفدها بما تحتاجه من الدعم والوسائل ليأخذ مكانه في سلَّم التنمية، ويلعب دوره المنتظر منه.
وفي سبيل إنجاح هذا التوازن جاءت الأنظمة والقوانين والتشريعات العُمانية مُواكِبةً للنهضة التنموية، ومُلبِّيةً لاحتياجات البيئة وسلامتها والحفاظ عليها وصونها من التلوُّث، وحمايتها من أي اعتداء.
كما أخذت سلطنة عُمان بكافة المعايير الدولية التي تمخَّض عنها بروتوكول كيوتو، وكلِّ المواثيق التي نصَّت على احترام التوازن البيئي، وخفض انبعاث الغازات الضارة،
وفي هذا المضمار حرصت عُمان على أن تكون سبَّاقة إلى التنبيه إلى أهمية هذه الموازنة بين قطاعات التنمية والإنتاج وبين حماية البيئة والوسط المحيط، والدعوة إلى الإصحاح البيئي.
ومما يحسب لسلطنة عُمان طوال عقود النهضة أنها التزمت التزاما تامًّا بالمواثيق والمعاهدات والبروتوكولات المنظِّمة وذات العلاقة بالبيئة والتغيُّر المناخي، واحترمتها أشد احترام،
بل إنها من الدول السبَّاقة إلى توفير جهودها وتوظيف خبراتها في مجال حماية البيئة وسلامتها، والتعاون مع المنظمات الدولية، والدعوة المستمرَّة إلى أهمية إيلاء البيئة الاهتمام الذي يليق بها وبمكانتها، والحفاظ على سلامتها وعدم الإعتداء عليها.
فقد قدَّمت عُمان شهادات استحقاق لريادتها في مجال حفظ البيئة وصونها، وأعطت المثال الحيَّ والأخلاقي في هذا الجانب، وأسهمت مع الشركاء الدوليين والمنظَّمات الدولية المهتمين بنظافة البيئة وسلامتها في تشجيع الآخرين لأن يحذو حذوهم، وخصصت جوائز كجائزة السلطان قابوس لحماية البيئة التي تُعد أبرز نموذج لمواقف السلطنة المشهود بها في خدمة قضايا البيئة.
وتأتي مشاركة سلطنة عُمان دول العالم الإحتفال باليوم العالمي للبيئة الذي يصادف الخامس من يونيو من كلِّ عام دلالة أخرى على مدى الإهتمام الذي تحرص عليه السلطنة تجاه البيئة، حيث يدعو الاحتفال هذا العام 2021 إلى إتخاذ إجراءات عاجلة لإحياء واستعادة الأنظمة البيئية المتضررة ليتمكَّن الناس من الحصول على الغذاء والمياه النظيفة وسبل العيش، وإعادة النباتات والحيوانات من حافة الانقراض، ومن قمم الجبال إلى أعماق البحر، كما تشمل العديد الإجراءات البسيطة التي يمكن للجميع عملها يوميًّا، مثل زراعة الأشجار، أو تخضير المدن، أو إعادة بناء الحدائق، أو تنظيف القمامة بجانب الأنهار والسواحل.
وفي هذا الصدد تعمل هيئة البيئة بسلطنة عُمان، حاليا على تحديث قانون حماية البيئة ومكافحة التلوُّث رقم 2001/114 وهو القانون الرئيس الذي يغطِّي معظم جوانب العمل البيئي في السلطنة،
وإضافة بعض الفصول التي تتطلَّبها المرحلة الحالية محليًّا وإقليميا ودوليا؛ لكي يأخذ في الإعتبار كلَّ المتغيرات البيئية محليا وإقليميا،
بما في ذلك الحفاظ على المنظومات البيئية وأيضًا تقييم الأصول البيئية، ومحاولة استيعاب القيمة الإقتصادية والمالية للمفردة البيئية كالأشجار وبعض الكائنات البرية والكائنات المهددة بالانقراض آخذًا في الإعتبار التنمية الإقتصادية الشاملة التي شهدتها السلطنة وتشهدها تسارعا ونموا خلال الأعوام القادمة.