كتب: عبد الرحمن هاشم
أكد الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في حلقة (القيم العليا التي أرساها النبي في فتح مكة) من برنامج (حديث الصيام) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) في فتح مكة عظَّم قيمة الوطن والمواطنة، وضرب أروع الأمثلة في ذلك، حيث حافظ على مكة وعلى أهلها وعلى حياة الناس (المسلمين وغير المسلمين)، حيث فرض حظر التجوال في مكة منعا للاحتكاك وحتى لا تستثار النعرات القديمة، ودعا إلى المكث في البيوت، وشعار (خليك في بيتك) الذي نرفعه جميعا حاليا في ظل أزمة كورونا، أعلن النبي (صلى الله عليه وسلم) شعارا مناظرا ومدويا في سمع الزمان حين قال (ومن أغلق بابَه فهو آمنٌ) أي دخل داره، فالبيت هو بوتقة الأمن والآمان وهو أساس النجاة في المحن، فعن عقبة ابن عامر الجهني (رضي الله عنه) قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ ما النَّجاةُ قال: (أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ).
وأشار “سليمان” إلى أنه ما أشبه الليلة بالبارحة، فبلادنا المحروسة بقيادتها الواعية الحكيمة (وفقهم الله وسدد خطاهم) يبذلون كل ما في وسعهم للحفاظ على أرواح المواطنين، ويجب على الموطنين أن يساعدوا الدولة للعبور من هذه الأزمة بسلام وآمان بإذن الله.
وأضاف أن القيم التي أسسها النبي الكريم وأرساها لأصحابه والمسلمين من بعده في فتح مكة، كثيرة جدا ومن بينها:
– قيم الإعداد والتخطيط الإستراتيجي والتنظيم واستثمار الوقت المناسب
– اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب
– قيمة التواضع والتغافي عن قسوة أهل مكة حيث دخل مكة متواضعا وبعيدا عن الغرور والكبر فطأطأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأسه خضوعًا لله وشكرًا له، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، ولم يأخذه ما يأخذ الفاتحين من تعاظُمٍ واستِكْبار، بل دخل مكة فاتحًا متواضعًا لله، برًّا رحيمًا، جوادًا كريمًا، سمحًا رؤوفًا، عفوًّا عطوفًا.
– تكريم كبير القوم وإنزال الناس منازلهم، حيث كرَّم أبا سفيان فقال (ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن)
– تحطيم الأصنام حول الكعبة
– المساواة بين البشر وترسيخ التعددية وقبول الآخر حيث أمر النبي الكريم بلال بن رباح بإطلاق الآذان بصوته الندي من فوق الكعبة، بيد أن بعض أهل مكة استهزؤا منه، فقال بعضهم ألم يجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا، فأنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، ليساوي بين الناس ويعلن أن أساس المفاضلة هو التقوى والعمل الصالح.
– الصلاة في الكعبة
– أداء الأمانة حيث رد النبي عليه الصلاة والسلام مفاتيح الكعبة إلى سادنها (عثمان بن طلحة الداري وأخوه شيبة) وإبقائها في ذريتهما وستظل في ذريتهم خالدة تالدة لا ينزعها منهم إلا ظالم.
– الوفاء لزوجته خديجة، حيث أبى (صلى الله عليه وسلم) أن ينزل في بيت أحد من أهل مكة، وأقيمت له خيمة في الْحَجونِ وهو مكان في أعلى مكة بجوار مقابر أحبابه.. ليؤسس لقيمة الوفاء لأحبابه وأصحاب الفضل.
– العفو عند المقدرة والصفح المبين عن أهل مكة الذين ناصبوه وأصحابه العداء والإيذاء وجعل هذا اليوم هو يوم المرحمة …
– جبر خاطر الأنصار (المَحْيا محياكم والمَماتُ مماتُكم).
وفي نهاية كلمته أكد الدكتور أحمد علي سليمان أن فتح مكة كان صفحة جديدة وأنموذجا مباركا وملهما للدنيا كلها للحفاظ على الأنفس والأرواح، وأسست لمناجم القيم العليا التي من شأنها إحداث الصلاح والفلاح والرشاد للكون والحياة لبني الإنسان ببركة خير الأنام ومسك الختام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..