أنوار الزمان والعشر الأواخر من رمضان
بقلم/ د. محمود عابدين
في عمق أعماق النفس البشرية احتياج ملح وصوت ينادي ولا يسمعه أحد تحول بنينه وبين بلوغ الآذان حواجز وسدود
صوت لا يعرف الإنسان كنهه ولا حقيقته لكنه يشعر به فيسعد له أحيانا ويكتئب لأجله أحيانا أخري
فيبحث الإنسان عن ترجمة لهذا الذي يجول بخاطره فلا يجد سوي تكهنات اجتهادات. أهو صوت العقل أم الضمير أم هو نداء الروح الكامنة في الأبدان. ربما، وربما كل ذلك.
فالخالق سبحانه وحده هو العالم بهذه النفس البشرية وما فيها ومن فيها.
واللافت للانتباه ان الله تعالي جعل في المكان والزمان ما يشبع هذا النداء، ويخرجه من محبسه البدني الي أفق السعادة الحقيقية.
فقد قال تعالي(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
فهيا بنا الي حيث إشباع الروح الكامن في بدن كل منا
ففي بعض الأماكن أسرار وأنوار وفي بعض الزمان أسرار وأنوار
وهذا بعض الزمان المبارك من الشهر المبارك أعني العشر الأواخر أو ما بقي منها
ففيها أنوار الزمان الشريف الذي هو منحة وعطاء كريم من رب كريم
فمن أنوار أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)
ولأنه زمان شريف ملئ بالأنوار التي تغذي الروح. تجيب نداء الفطرة والضمير، خصها نبي الإنسانية صلي الله عليه وسلم بنوع مختلف من الإقبال والمتابعة للطاعة والدوام عليها فقد كان يشد مئزره ويوقظ أهله ويحي ليله، وما كان ينام فيها عليه الصلاة والسلام الا قليلا
فهناك ترتاح الضمائر وتسكن القلوب وتنفعل الروح مع أنوار هذا الزمان، تلك الانوار الإلهية والعطايا الربانية
هناك يجد الإنسان انسانيته ويجد القلب راحته ويخرج من الزمان المبارك شخص جديد وانسان مختلف
ومن انوار العشر الأواخر من رمضان تحري ليلة نزول القرآن حيث تمتلئ الأرض بأنوار الملائكة، فيداعب وجودها وجود الضمير والروح الفطرة الكامن في باطن كل مسلم
فما أحوجنا لاقتناص أنوار ذلك الزمان.