كتب – عبد العزيز اغراز :
ساهم عثمان الشريف حسن، عضو المجلس العلمي المحلي بمدينة العيون المغربية ، مساء الخميس 23 رمضان المنصرم، الموافق 06 ماي الجاري، في فعاليات اللقاءات العلمية والأدبية الرمضانية، التي تنظمها جمعية “تبيين للعلوم والتراث والتنمية”، الراعية لموقع الشيخ ماء العينين، بمحاضرة محم عنوان” قراءة في كتاب “نعت البدايات وتوصيف النهايات” للشيخ ماء العينين “، وبثت المحاضرة رقميا عبر صفحات الجمعية وموقع الشيخ ماء العينين على موقع الفيسبوك، وتم بث حصة من القران الكريم في بدايتها.
استهل عثمان الشريف حسن مداخلته بذكر نبذة عن خصال فضيلة الشيخ ماء العينين، مبرزا علو همته وتميزه منذ شبابه بلزوم الطاعات والعزوف عن ميولات اقرانه في مثل سنه،
كما ذكر مقولة والد الشيخ فيه “ابني ماء العينين خير مني”، وقدم الأستاذ المحاضر تفسيران لهذا الوصف ، اولهما ان المقصود هو ابني خير مني اي افضل مني مكانة واحسن مني وجودا وأكثر لياقة لان يتصدر المجالس أكثر مني، وثانيهما “خير مني اي هبة من الله عز وجل حباني بها، وسأظهر من خلاله في بقاع متعددة فيكون هو الخير الذي يبين فضيلتي ومكانتي وحظوتي بين الاولياء، إذن فالتفسيران لا تعارض بينهما”، وتابع ان من مظاهر غزارة علم هذا الشيخ، انه لا ينكر على اي عالم مهما كان توجهه.
كما بين المحاضر الفضل والخير الموجود في مصاحبة الصالحين والسعي اليهم، مضيفا ان ذلك دأب كل انسان يحاول ان يسير على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم سائرا على اثرهم، عسى ان يصل الى ما وصلوا اليه.
وأكد المتدخل أن قراءته في كتاب نعت البدايات وتوصيف النهايات، لا تشمله جميعه ولا تأخذ ما يوجد فيه ولا تحيط به، لكنها تحاول ان تأخذ منه شيئا يسيرا تخرج به كخلاصة،
وأشار إلى أن الشيخ ماء العينين قد انتهى من تأليفه سنة 1300 هجرية، بعد تأليفه كتاب “فاتق الرتق” سنة 1293ه تقريبا، مبينا انه جاء في سلسلة من التأليف العرفانية الربانية، ك”سهل المرتقى”،
واوضح ان تسميته ب”نعت البدايات وتوصيف النهايات”، يعود لكونه ملتمس الطريق لمن يبحث عن موطن القدم في البداية، والنبراس الذي ينير طريقه،
مضيفا ان كل مبتدأ اعتمد هذا الكتاب سيعرف طريقه وسيسلك طريقا يوصله الى مرفأ امان والى محطة سليمة غانمة.
وتابع الشريف حسن أن صاحب البداية الذي اتمها واخذ زاده وسلك واراد أن يرسو اخيرا الى نهاية يرتاح ويطمئن اليها بصفة نهائية، هنا جاء الشيخ ماء العينين ليصف له هذه النهاية، كيف يأخذ بها ويجلس جلوس المطمئن ويسلك سلوك المختار الآمن مرتاحا بقضاء الله عز وجل راض كل الرضاء بقضاء الله وقدره، لذته وراحته فيما يرضي ربه.
وأوضح المتدخل ان مقدمة الكتاب تظهر ان الشيخ ماء العينين كان اشعريا فقيها عالما متصوفا سنيا، حذرا من ان يجرح عالما او ان يقدح لمتصوف سلوكه، ثم انتقل الى الباب الأول من الكتاب المعنون ب”آداب المريد مع شيخه وما يصلح له معه الى تمام رسخه”، الذي يبين ان علاقة المريد بشيخه ينبغي ان تتسم بالاتباع والتسليم والادب، الى ان يبلغ درجة الرسوخ.
بعد ذلك شرح الباب الثاني من الكتاب، وهو آداب المريد مع عبادة ربه، مؤكدا ان “لا شيء ينفع الانسان ايا كان الا اذا اخلص العبادة لله عز وجل،
وكلما اخطأ الانسان في حق ربه لقي الوبال والعياذ بالله وأول من سيلقى منه المريد الوبال هو شيخه، لان الشيخ يصبر فيما يصيبه ولكنه لا يصبر ابدا اذا اصيبت حرمات الله عز وجل وهذا سلوك اتخذه الشيوخ من رسول الله صلى الله عليه وسلم”، مستدلا بقول عائشة رضي الله “ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غضب لنفسه، ولم يغضب الا اذا مست محارم الله عز وجل”، مضيفا انه يتعين على المريد بعد ان اظهر ادبه مع شيخه، يجب عليه ان يتأدب مع ربه حتى يبقى كاسبا لشيخه وتكون الطريق في سلوكه مع شيخه مثمرة.
اما الباب الثالث من الكتاب فيتحدث حسب الاستاذ المحاضر في آداب المريد مع اخوانه الذين هم على مراده من اعوانه، مستشهدا بقوله تعالى “انما المؤمنون اخوة “،
مضيفا ان السنة النبوية الشريفة علمتنا ان علي بن ابي طالب وزيد بن حارثة وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وغيرهم من الصحابة كانوا اخوة، متعاونين متحابين، موضحا أنهم من قبائل شتى لكنهم اجتمعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ووحدهم هذا الاجتماع وصدقوا اخلاصا لله تبارك وتعالى،
منبها إلى ان شيخ التربية “حينما يربي مريده على طاعة الله يحذره من أن يتكبر على اي واحد من المنتمين اليه، المنتمين الى سبيل الله، السارين في نهج الله الباحثين عما يرضي الله عز وجل فلا منصب ولا ثوب ولا جسد ولا نسب ولا حسب يجعل احد منهم يغيظ الاخر أو يغضبه أو يتكبر عليه كلهم اخوة في الله”،
كما ذكر قصة مؤاخاة الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في المدينة المنورة، وبين بعد ذلك ان الباب الرابع من الكتاب يتمحور حول “ما ينتفع به من الاقوال والافعال”.
بعد ذكر آداب المريد في الكتاب الاول “نعت البدايات”، انتقل المحاضر الى الكتاب الثاني الذي يتناول آداب الشيخ المربي “توصيف النهايات”، مبتدئا بالباب الاول المعنون ب “آداب المربي مع ربه”، مبينا ان الشيخ ماء العينين يدعو هنا شيوخ التربية الى لزوم التواضع وعدم نسبة ما يحصل لمريديهم من صلاح وخير الى انفسهم بل ينسبون الفضل في ذلك الى الله عز وجل، لأنه هو المعطي، مشيرا الى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم الليل حتى تتورم قدماه الشريفتين، شكرا لله.
ثم انتقل اثر ذلك الى بيان الباب الثاني وهو “ادب الشيخ المربي مع تلامذته”، موضحا ان الكثير من المربين والاساتذة قد يتوه اعجابا بنفسه،
مذكرا بسلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته، الذي كان واحدا منهم، متابعا “اذا قاموا للحطب احتطب معهم واذا قاموا للعمل تناول جانبا من العمل معهم، وكان أكثرهم صبرا وأكثرهم عطاء وسخاء وأكثرهم شجاعة وتقدما في الميدان
وكان خافضا لجناحه صلى الله عليه وسلم مع امته حتى ان الأمة تأخذ بيده ولا يأخذ بيده منها حتى يقضي حاجتها اوترسل يده”، مستنتجا انه “هكذا ينبغي ان يتأدب الشيخ المربي مع تلامذته، حتى يعطيهم النموذج من نفسه في تواضعه وفي تعامله وفي غيرته وفي حسن وجودة تلقيه لما يرغبون فيه وإعطائه لمرادهم، وفي ايصالهم للدرجة العليا،
لان من تواضع له الله رفع”، مضيفا ان الشيخ المربي مطالب بالأدب مع مخلوقات الله كلهم، وان تتسم معاملته مع الناس باللين والرحمة مستدلا بالاثر “ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء”.
بعد المحاضرة برمجت الجهة المنظمة لهذه الفعاليات حصة تواصلية مع المتابعين لهذا السمر العلمي والروحي قام فيها المحاضر بالرد على استفسارات المتسائلين.