بقلم: الشيخ سعد الفقي
كاتب وباحث
عملت إماما وخطيبا بوزاره الأوقاف، وكان الإمام والخطيب لاسيما الذي يحافظ علي كرامته وعمله ويشارك الناس الافراح والاحزان، يتمتع بمكانة بين اهالي المنطقة التي يعمل بها، كنت حريصا علي ذلك، وكنا ندرك أن الناس يمكن أن يتغافلوا لك بعض التقصير أذا كنت مهموما بما يعانون، فرحا بما يسعدهم، وكنت ومازلت اري ان الاختبار الحقيقي لعمل الإمام هو شهر رمضان المبارك، فهو شهر العبادة، واذا كان الإمام والخطيب يدعو الناس الي المزيد من التقرب الي الله، فمن باب أولي لزاما عليه أن يكون قدوة لهم من خلال أداء الأعمال المكلف بها. ففي رمضان عار كبير أن يترك الإمام مسجده في أي فرض والحجة أن عمله يبدأ من صلاة العصر حتي العشاء، فقد كنت وامثالي نحرص علي التواجد في أيام الشهر الفضيل وفي كل الفروض بداية من صلاة الفجر وحتي مابعد صلاة التراويح ، علاوة علي الدروس اليومية التي كانت تؤدي وتدور جميعها تقريبا حول الاحكام الشرعية الصلاة والصيام والزكاة وصدقة الفطر.
الإمام الناجح هو من يكون رفيقا لمسجده أيام شهر رمضان، لا يمكن أن أنسي مشايخ القرية من حملة كتاب الله، وكانوا يتطوعون ويتسابقون للمشاركة في امامة الناس في صلاة القيام، اذكر منهم من رحل عن دنيانا الي الدار الاخرة وآخرون مازالوا احياء ورحم الله الشيخ ذاكر يوسف عبد الحميد والشيخ احمد عبد الرحمن وغيرهم كثير، اما الأحياء فمازال الشيخ طه بكر يؤدي دوره متطوعا في خدمة المسجد مؤذنا واماما عند غياب الإمام الراتب، الذاكرة متخمة بالأحداث الرمضانية، وبعد صلاة القيام كنا نلتقي عقب الانتهاء من صلاة القيام في الشقة المجاورة للمسجد وكانت مخصصه للإمام، فقد كان الراحل الدكتور الاحمدي ابو النور يشترط لضم المسجد أن تكون به شقة للإمام والخطيب، وهذا ما حدث فعلا، كنا نلتقي نتناول المشروبات الساخنة علاوة علي الكنافه والقطايف التي كان الجميع يحرص علي الإتيان بها، شخصيات كثيرة ارتبطت بها في المسجد رحم الله من رحل منهم الحاج طلبة ابو شعبان، والراحل عمر سليمان البقري، والحاج عبد الرحمن خضر، وعمي بلال مجاهد البقري وغيرهم كثير لا يتسع المجال لذكرهم، كانوا جميعا نبلاء انقياء اصفياء، كانوا رجالا يعيشون بالفطرة كما يقولون لم يعرف أحدهم الكذب أو التكلف أو التملق، بل كانوا كما ولدتهم أمهاتهم حيث الطيبة والأدب والاحترام والتقدير والتسامح، كنت خادما للجميع واتذكر أنني عندما كنت اريد ان يقوم أحد الزملاء مكاني بخطبة الجمعه كانوا يقولون نريدك انت ولانريد اخر ..رحم الله من كانوا لنا زادا وكانوا عناوين مضيئة.