كتب: عبد الرحمن هاشم
ثمَّن الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الأوقاف بقيادة معالي أ.د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وقراراتها الحكيمة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وتبيانها للرخص الشرعية وتكاملها مع المؤسسة الدينية، واتساقها مع العلم الحديث وتعليمات منظمة الصحة العالمية، وعلى تحملها الكثير من الضغوط من أجل الحفاظ على المصريين، في إطار توجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية التي طلبت وبوضوح بذل كل الجهود الممكنة للحفاظ على حياة المصريين، فى ظل هذه الظروف التى نحياها فى مصر ويحياها العالم أجمع، مشيرا إلى أن السيد الرئيس والحكومة والقوات المسلحة وجيش مصر الأبيض من الأطباء والممرضين، والإعلاميين، ضربوا أروع الأمثلة في الحفاظ على حياة المصريين، ويجب على الجماهير أن تلتزم بالتعليمات حتى تعبر سفينة الوطن إلى بر الأمان.
وقال في كلمته بملتقى الفكر الإسلامي والتي حملت عنوان (منظومة القيم الإسلامية والإنسانية) والتي بثتها قناة النيل الثقافية مساء 19 رمضان، قال: يجب علينا أن نتمسك بالقيم الاسلامية الرفيعة التى جاء بها نبينا الكريم ليتمها وينشرها في العالمين… من أجل إصلاح النفس والكون والحياة.. جاء بمنظومة من القيم النبيلة التى من شأنها -حال تمسكنا بها- أن تحقق مجتمعا فاضلا تسوده الأخلاق الرفيعة والمودة والمحبة والأخوة الإنسانية، والرفق والتراحم والإحسان والتعددية.. فقد بعث النبى (صلى الله عليه وسلم) ليكمل ما بناه الرسل السابقون..
وأشار “سليمان” إلى أن الله سبحانه وتعالى خلقنا في هذه الحياة لكى نعبد الرحمن ونعمر الأكوان ونرعى الإنسان.. والقيم الإسلامية والإنسانية النبيلة من شأنها أن تسهم بسهم وافر في تحقيق ذلك في كل مكان وزمان، لاسيما فى هذا الظرف الخطير الذى يمر به العالم حاليا..
وأوضح أن هذه القيم هى التى أوجدت مجتمعا إسلاميًّا زاهرًا وزاخرًا بالعلوم والآداب والفنون فى عصور الحضارة الاسلامية الزاهرة، فيوم أن تمسك المسلمون بكتاب ربهم وسنة نبيهم وبالقيم النبيلة التى جاء النبى ليزرعها فى قلب الإنسان وفى قلب المجتمع وفى قلب الحياة، يوم أن تمسكنا بها كنا العالم الأول الذى أنار الوجود كله بتعاليم السماء وبالعلوم والفنون والأخلاق..
والمجتمع الذى تسوده القيم والأخلاق الرفيعة تزدهر طاقاته الجسمانية والفكرية والروحية وتسوده علاقات المحبة والمودة والوئام والمصالح المشتركة والأخوة الانسانية وتتعايش فيه الجماهير بشتى أطيافها وتوجهاتها جنبا إلى جنب بكل سلام… والكل فيه مصان على نفسه وعرضه وعقله وماله…إلخ بنص القرآن الكريم، حتى المشرك، يقول الله تعالى في سورة التوبة: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) قال (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فقد وسَّع الدائرة لتشمل الجميع.. (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ) بأن طلب منك الأمن والحماية وكل ما من شأنه تحقيق أمنه الجسدى أو النفسى أو الروحى أو الغذائى أو الفكرى.. وكل من طلب حمايتك ورعايتك عليك أيها المسلم بتعاليم دينك أن تكون بجانبه.. قال تعالى (فَأَجِرْهُ) بالأمر وعلى جناح السرعة، ويا لها من دعوة عظيمة إلى احترام التعددية والاختلاف!!..
وطالب الدكتور أحمد علي سليمان بضرورة أن نتكاتف ونتوحد ونكون على قلب رجل واحد خلف قائدنا وخلف حكومتنا وجيشنا وشرطتنا في ظل هذه الظروف العصيبة؛ فإذا كانت طاعة الله ورسوله وولي الأمر واجبة في الأوقات العادية؛ فإنها من أوجب الواجبات في هذه الأيام، ففيها النجاة..
وبين أن النبى (صلى الله عليه وسلم) هو مَن علَّم الدنيا كلها فكرة الحجر الصحى التى يحتمى بها العالم الآن، وألا ندخل مكانًا فيه وباء وألا نخرج من مكان وصله وباء، منعًا للعدوى وحصرًا للوباء في أضيق نطاق.
وحذر سليمان من نشر الشائعات أو الأخبار المشكوك، ودعى إلى تحري الدقة المطلقة، مشيرًا أن النبي رسم لنا طريق النجاة واضحا، فعن عقبة ابن عامر الجهني (رضي الله عنه) قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ ما النَّجاةُ؟ قال: (أمسِكْ عليكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتِكَ).
وطالب المواطنين بمتابعة الأخبار والبيانات الرسمية الصادرة من أجهزة الدولة، وهي مَن تمتلك البيانات الصحيحة ويهمها سلامة الوطن والمواطنين، وحذر من الآليات الإعلامية الخسيسة التى يديرها الارهابيون وأعداء الوطن..
وأشار إلى أننا فى هذه الأزمة تعلمنا دروسا كثيرة.. فقد رأينا قدرة الله ماثلة أمامنا، من خلال مخلوق صغير لا يرى بالعين حيَّر الدنيا وأخاف البشرية.. تعلمنا أن نحترم أقدار الله فى الخلق والكون والحياة، وأن النجاة الحقيقية فى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله، وأن نرد الأمور إلى أهل الذكر فأهل الذكر فى هذه الجائحة هم الأطباء والعاملون في الحقل الطبي.. تعلمنا أن مصر التى ذكرها الله صراحة وكناية فى القرآن محفوظة بحفظ بالله.. وطالب المصريين بحمد الله وشكره على نعمة الدين ونعمة الأمن والأمان وعلى نعمة الوطن المبارك الذي باركه الله، وعلى أبطاله العظام من جيش مصر النظامي وجيشها الأبيض الذين يبذلون جهودا جبارة ومخلصة من أجل أن تعبر سفينة الوطن من هذه الجائحة بسلام..
وطالب المصريين بالتفاؤل والأمل في رحمة الله فقد نهى ربنا عن اليأس والقنوط مهما كانت الظروف والمصائب.. .والمؤمن مؤمل في رحمة الله ويوقن أن بعد العسر يسرا، وأن بعد الضيق فرجا، ويجب أن نربي أولادنا دائما على أن المستقبل دائما يحمل الخير، وأن الخير قادم.. وأن الأمل والتفاؤل أكسير الحياة.. يقول الحق تبارك وتعالى: (وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)، ويقول تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) ويقول أيضا: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) أي تسكن وتستأنس بجلال الله فتطمئن، ومن ثم يزول قلقها واضطرابها، هذا وقد وردت هذه الآية الكريمة في سورة الرعد، والرعد مخيف، فجاءت الآية لتبث الأمل والطمأنينة في قلوب الذاكرين. والمؤمن دائماً مقبل على ربه مرتبط بمشيئته
وأكد أن التفاؤل ينشط أجهزةَ المناعةِ النفسية والجسدية، مما يجعل المرء على جادة الصحة والسلامة والوقاية؛ لذلك يجب أن نزرع الأمل والتفاؤل في النفوس وقيل (تفاءلوا بالخير تجدوه) وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يحب الفأل الحسن.. والدراسات العلمية تثبت أن المتفائلين هم: أكثر الناس نجاحًا، وأكثر الناس إيجابية، وأكثر الناس تعاونًا، وأكثر الناس إنجازًا، وأكثر الناس حكمة، وأكثر الناس صحة، وأطول الناس أعمارا بإذن الله
وطالب بضرورة التوكل على رب الأرباب والأخذ بالأسباب وأهمها أسباب الوقاية وهي موجودة في شعائرنا ونمارسها صباح مساء ومن أهمها الوضوء والنظافة والاغتسالات الواجبة والمسنونة… وأن نجلس في بيوتنا ونتباعد عن الناس جسديًّا وننفذ كل التوجيهات بمنتهى الدقة حتى يزول الوباء بإذن الله.
وأوضح أنه على الرغم من هذه المحنة الخطيرة إلا أن الله تعالى منحنا في خضمها منحا شتى؛ فعلى الرغم من غلق المساجد مؤقتا لهذه العلة فإن هذا الوباء تسبب فى أن تحولت بيوتنا إلى مساجد، فعندنا حوالي 120 ألف مسجد، وعندنا قرابة 20 مليون منزل، ومن فضل الله تقام حاليا صلاة الجماعات والتراويح فى 20 مليون جماعة فى بيوت المصريين، فضلا عن الالفة والترابط الذي زاد مؤخرا بين أفراد الأسرة..
كما أكد ضرورة التحلي بقيم المرحلة ومن بينها قيم الاعتدال وعدم التبذير بمعناه الشامل سواء في الكلام أو الطعام أوالشراب أو المياه أو الكهرباء… وعلينا أن نكثر من العطاء فهذا الوقت يحتاج إلى مزيد من بذل الخيرات والصدقات والهبات فنهاك فقراء تؤلمهم الحاجة وعمال توقفت أعمالهم، وعلينا أن نرعاهم وننفق عليهم ونعطيهم من خيرات الله الكثيرة التي بين أيدينا..
فاللهم بحق اسمك الأعظم وبحق كتابك الكريم ونبيك الأمين.. وبحق أولياء الله الصالحين والعارفين والفقهاء والعلماء والأتقياء والضعفاء والشيوخ والأطفال ارفع عن مصر والعالم هذا الوباء..