كتب – سمير عبد الشكور:
في سابقة علمية تعد الأولى من نوعها في العالم؛ عاد النيزك المريخي “سيح الأحيمر 008” الذي عثر عليه في السلطنة بولاية هيماء بمحافظة الوسطى عام 1999م؛ إلى موطنه الأصلي كوكب المريخ، عبر رحلة سيرتها وكالة “ناسا” إلى المريخ في حدث علمي كبير يهدف إلى التعرف على تاريخ النظام الشمسي ومكوناته من خلال مختلف العصور منذ ولادة الشمس والكواكب حولها.إذ تشير الدلائل إلى أن الصخور تحمل أدلة على التركيب الجيولوجي للمريخ.وبهذا يكون النيزك العماني “سيح الأحيمر 008” أول صخرة يقوم البشر بإعادتها إلى وطنها الأم المريخ.وسيعمل هذا الحدث العلمي الكبير على تعريف دول العالم بالسلطنة، فنيزك “سيح الأحيمر 008” والذي يزن أكثر من ثمانية كجم تشكل منذ حوالي 450 مليون سنة بسبب حدث كوني ناجم عن اصطدام كويكب أو مذنب بكوكب المريخ وتطاير أجزاء منه إلى الفضاء قبل أن يسقط هذا المذنب على أراضي السلطنة.
وأشار حساب ناسا بالعربية إلى أنّه وبعد الفحص الكيميائي الدقيق في مختبر “ماكس بلانك” بألمانيا وجد الباحثون أدلة على أن أصل الصخرة النيزكية “سيح الأحيمر 008” يرجع إلى المريخ وليس الأرض؛ لذا وقع عليها الاختيار لحملها إلى المريخ لاستخدامه كهدف للمعايرة.
وقد ذكر الحساب على تويتر: بأنه تمّ الاحتفاظ بالنيزك الذي عثر عليه في السلطنة في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، والذي يضم نيازك مثيرة ومتنوعة من مختلف دول العالم، حيث يبلغ عدد النيازك المريخية التي تمّ الحصول عليها في أمنا الأرض حوالي 424 نيزكا فقط، الأمر الذي يشير إلى أنّ نيزك “سيح الأحيمر 008” بولاية هيما يعد نيزكًا نادرا في العالم.
وأضاف ذات الحساب أن الدلائل تشير إلى أنّ الصخور تحمل أدلة على التركيب الجيولوجي للمريخ…وحمل نيزك “سيح الأحيمر 008” الرمز SaU008 بوصفه أول صخرة يقوم البشر بإعادتها لوطنها الأم.واستطرد حساب ناسا بأنّ عودة نيزك “سيح الأحيمر 008” إلى المريخ لم يكن مخططا له من قبل الجيولوجيين في عام 1999م؛ ولكن عند بدء العمل على بناء الجوال المريخي perseverance اقترح العلماء استخدام نيزك مريخي تمّ الحصول عليه في الأرض ليكون ضمن الجوال؛ ليساهم هذا النيزك العماني المريخي في معالجة الصور التي يلتقطها الجوال إلى ألوانها ونسيجها الحقيقي بعيدا عن التأثر بأي ظروف طبيعية.وتابع الحساب أنّ النيزك المريخي سيعمل مباشرة كهدف معايرة بدلا عن قطعة معدنية أو قطع ملونة ذات ألوان محددة كما جرت العادة.ونوّه حساب ناسا بأنّ النيازك لا تعتبر ثروة مالية كما يروج لها؛ بل تشكل أهمية علمية تسهم في مساعدة العلماء والباحثين على الفهم العميق لخصائص المجموعة الشمسية وكيفية نشأتها.
ولفت الحساب إلى أنّ هذه الصخور يمكن أن تكون طريقا لفتح علمي جديد، ومن شأنها أن تحمل أدلة على التركيب الجيولوجي للمريخ وكذلك البيولوجي الذي حتما سيقدم إضاءات حول الاعتقاد بوجود سابق للكائنات الحية في الكوكب الأحمر.وأكد مالك بن محمد الدوحاني عضو مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية بأن للنيازك أهمية علمية كبيرة، ويجب الاهتمام بها ودراستها في الجامعات المحلية من قبل الباحثين والمتخصصين والمساهمة في الجهود العلمية الدولية لفهم ومعرفة نشأة المجموعة الشمسية وتاريخها.
إلى جانب إمكانية الاستفادة منها بشكل سياحي بوضعها في المتاحف الوطنية لجذب السواح للتعرف على هذه النيازك، خصوصا النيازك المريخية والقمرية التي تم الحصول عليها في السلطنة والتي تعتبر من النيازك النادرة.ومن جانب آخر قال الدكتور سعود بن حميد الشعيلي رئيس فريق إدارة البرنامج الوطني للفضاء بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات: اهتمت المراكز البحثية حول العالم بدراسة النيازك لارتباطها الوثيق بأبحاث علوم الفضاء والفلك، وعلوم الأرض، وينبغي على مراكز الأبحاث والدراسات في السلطنة أن تكثف الاهتمام بهذه النيازك. فكل نيزك عبارة عن كمية كبيرة من المعلومات عن خفايا وتفاصيل النظام الشمسي ويمثل ثروة علمية لعلماء الفلك والجيولوجيا.من جهته قال الدكتور محمد بن هلال الكندي رئيس مركز استشارات علوم الأرض: إن نيزك سيح الأحيمر 8 هو واحد من النيازك المريخية التي عثر عليها في سيح الأحيمر بمحافظة الوسطى، وقد وثّق النيزك علميا في عام ١٩٩٩ ونشرت عنه في عام ٢٠٠٠ ورقة علمية مع نيزك آخر يدعى “سيح الأحيمر 5” عثر عليه على مسافة تبعد نحو كيلومترين بينهما، وعثر على قطعتين من نيزك سيح الأحيمر 8 وثلاث قطع مختلفة من سيح الأحيمر 5. مضيفا أن نيزك سيح الأحيمر 8 ينتمي إلى نيازك الشيرجوتايت، والتي تمثل أغلب النيازك المريخية، مشيرا إلى أن نيازك المريخ بركانية وتحتوي على نسبة عالية من بلورات معادن الأوليفين.