سياسة خرقاء أم مقصوده؟
تحليل/ عايدة عوض
منذ ٢٠٠٨ والاقتصاد الامريكي في انحدار ولكن يختبئ وراء طبع البنكنوت والسيولة النقدية التي اتبعها البنك الفدرالي والتي لا تقوم بحل المشكلة الأساسية وهي الاستدانة، بل تتفاقم المشكلة بهذه الطريقة. وكان التكهن بأن الاقتصاد الامريكي لن يتمكن من التماسك وسينهار في الربع الأول او الثاني من ٢٠٢٠. وكان التكهن ايضاً انه عندما يبدأ الاقتصاد الامريكي في الانهيار فستكون هذه علامة بدء الحرب العالمية الثالثة. وفوجئ العالم بالرغم من كل هذه التكهنات، عندما بدأت الحرب التي لم يعي اغلب سكان العالم بأنها حرب فعلية، بإنتشار وباء كورونا اولاً في الصين وفي معقل الصناعة بها ، في عاصمة إقليم هوبي بمدينة ووهان، وانتشاره بشكل غريب في كل أنحاء العالم. وحتى الان لم تظهر كل البراهين على من الذي بدأ هذه الضربة وما دافعها ولكن توجد ادلة كثيره ان البلد الوحيد الذي كان لديه الدافع الأكبر هى امريكا. وتعاملاتها اللاحقة اكبر دليل على ان هناك اچندة مسبقه لتفعيل عدة أعمال اعتماداً على تغطية الوباء. احدها هو هدم النظام الاقتصادي للدول الغربية وايضاً الإسراع في تطبيق عدة متطلبات لترسيخ النظام العالمي الجديد ومن ضمنها التقليل الكبير في عدد سكان الارض وايضاً إعطاء الفرصة لتغير نمط الحياة الاجتماعية في البلاد الغربية من حريات مختلفه. وكانت هناك خطة ممنهجة منذ فترة سابقه، واشتدت مؤخراً لسلب حريات الشعب الامريكي بطريقة ممنهج وتدريجية حتى لا يشعر بها وهي ما يقال عنها نظرية “سلق الضفدع”: لو ألقيت بضفدع في ماء يغلى سيقفز منه سريعاً لكن لو ألقيت به في ماء دافئ وبالتدريج رفعت حرارته فلن يشعر بأنه يسلق لانه يتعود على ذلك تدريجياً وحتى يموت. وهذا هو الأسلوب الذي اتبع مع المواطنين الامريكيين في سلب كل أنواع الحريات التي كفلها لهم الدستور.
والان وصلنا الى الانهيار الاقتصادي الفعلي لأمريكا وطبعاً اتهم في الوباء بالرغم من ان العالم يعرف جيداً ان الوباء حدث ليغطي عليه. وإمعاناً في التمادي في التغطية بدأت امريكا سياسة اتهام الصين بهذا الوباء، ولعدة أيام كان ترامب لا يشير الي الوباء الا باسم الوباء الصيني، حتى اعترضت منظمة الصحة العالمية وأسمته كوفيد ١٩. ولكن تفتق ذهن امريكا لاتهام الصين بالتقصير في الابلاغ ولذا اصبحت مدانة في نظره بكل الخسائر التي تكبدتها دول العالم من جراء الوباء وبدأ ترامب التاجر يطالب بتعويضات من الصين لخسائر امريكا، ويحث الدول الغربية بفعل المثل لانها كلها اقتصاداتها في حالة انهيار ايضاً. وطبعاً اعترضت الصين بشدة وحتى منظمة الصحة العالمية أشادت بكل الاجراءات التي اتخذتها الصين في التبليغ والإجراءات الاحترازية لعدم نشر الوباء. ولكن مازالت امريكا مصممة على اتهام الصين وطلب التعويضات. وفي محاولة لاجبار الصين على دفع التعويضات أعلن ترامب انه يفكر في إلغاء بعض اذون الخزانة الاميركية التي لدي الصين. وطبعاً هذا يعنى ان على الصين اتخاذ الخطوة الدفاعية ببيع هذه الأذون وطرح ١،٠٩٧ مليار دولار منها للبيع دولياً وهذا يعني انهيار الدولار بالكامل. ولا يمكن ان يكون ترامب غافل عن رد الفعل هذا، فللمرة الثانية نري امريكا تقوم بعمل من المؤكد انه سيصيب الدولار في مقتل وهذا هدم مدبر لهدم الاقتصاد عن اخره.
وفي نفس السياق نجد ان السكرتير العام أنتونيو جوتيريش منذ مارس وهو يحاول تمرير قرار في مجلس الامن يطالب بوقف كل الحروب في العالم في هدنة إنسانية لتتفرغ كل الأطراف المتحاربة لمقاومة وباء كورونا. ونجد ان الصين كانت اثرت على ذكر منظمة الصحة الدولية ومجهوداتها في هذا المجال في صياغة هذا القرار، وبعد موافقة جميع الأعضاء، عندما طرح للتصويت اعترضت امريكا عليه وطالبت انه لابد من تعديل الصياغة إما برفع اي ذكر لمنظمة الصحة العالمية او بإدانة المنظمة للصين في هذا القرار. وبذلك أوقفت امريكا قرار من مجلس الامن كان سيلزم كل دول العالم وكل الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار حتى الانتهاء من محاربة الوباء. فهل هذه سياسة خرقاء أم انها مقصوده؟ ولو مقصوده فهل هذا يعنى ان امريكا لا تريد وجود قرار مجلس الامن هى مصدقة عليه بوقف كل العمليات العسكرية؟ هل هذا يعنى انها في نيتها القيام بأعمال عسكرية وشيكة؟
ثم قامت امريكا بسحب اثنان من بطاريات صواريخ باتريوت الدفاعية من السعودية واثنين أخريين من الشرق الأوسط وعدد من الجنود الموجودين في السعودية. وصرح مسؤل في البنتاجون ان هذا الانسحاب كان مقرر له مارس الماضي وأنه روتيني وكانت هذه بطاريات قد نقلت الى السعودية عندما كانت تحت تهديد لبترولها من ايران. ولكن كان ترامب قد هدد السعودية بسحب دفاعاته عنها لو لم ترضخ وتخفض إنتاجها من البترول لمساعدة السوق على الإبقاء على السعر العالى الذي يغطي تكلفة استخراج البترول الامريكي. ولم تقوم السعودية بذلك واتفقت مع روسيا انهما سيقومان بالتخفيض بهامش صغير في ابريل. وقبل القيام بذلك كان سوق البترول الامريكي قد انهار. فهل سحب هذه البطاريات من حول مصافي البترول السعودية تعتبر دعوة للحوثيين او لايران بضربها لتوفي بغرض ترامب إيقاف تدفق البترول السعودي في السوق العالمي؟ هل هى سياسة مقصوده أم خرقاء؟
وقال ترامب يوم الخميس عندما سئل عن قرار إزالة بطاريات باتريوت: “حسنا، لا أريد التحدث عن ذلك ولكننا نقوم ببعض الأشياء.. نحن نتخذ الكثير من التحركات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. نحن نقوم بالعديد من الأشياء في جميع أنحاء العالم عسكريا”.
والجدير بالذكر انه في بحر “بارنتس” على مقربة من المياه الإقليمية الروسية ولأول مره منذ ثمانينيات القرن الماضي ، أبحرت اربع سفن امريكية وهي بحسب بيان سلاح البحرية الامريكية ثلاث مدمرات بالإضافة الى سفينة تموين وترافقهم فرقاطة بريطانيه. وقيل “ان هدف هذه المهمة هو التأكيد على حرية الملاحة وإظهار التكامل المثالي بين الحلفاء”، مشددا على أن “ما من سفينة أمريكية على الإطلاق أبحرت في بحر بارنتس منذ منتصف الثمانينيات”. وبالرغم من ان البحرية الامريكية كانت قد أبلغت روسيا مسبقاً بذلك الا ان وزير الدفاع مارك إسپر قد قال: “نحن نشهد زيادة في نشاط الصين في بحر الصين الجنوبي”. وأضاف: “نرى الروس يواصلون اختبار دفاعنا الجوي في ألاسكا وعلى الحدود الشمالية”.
تصريح يبدو مبهم وقد يعني اي شئ ولكن عندما يتخذ في إطار ما يحدث الان على الصعيد الدبلوماسي وفي مجلس الامن، يكون هذا الكلام له وقع اخطر. وبالرغم من انه لم يصرح بأي شئ فعلي.
حفظ الله العالم من الأشرار.