الشاذلى شاهد عيان على إنكسارات وإنتصارات قامات مجتمعيه .
سيتوقف التاريخ طويلا أمام إعتلاء المستشار أحمد سعد الدين كرسى الدكتور على عبدالعال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب الصحفى
النائب محمود الشاذلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقينا .. إن مدرسة الحياه من أعظم المدارس ، لأن الدروس فيها يتعايشها كل الناس ، والوقائع يقترب منها الجميع ، ويبقى أهمية التعلم من دروسها وإستلهام العبر ، وتصحيح الأخطاء ، وإدراك أنه لاأحد مخلد فيها كائنا من كان ، ولامنصب دائم لأحد أبد الآبدين ، فكم رحل أناس رغم مايمتلكونه من مال ، وما يتمتعون به من جاه ، ومايشغلون من منصب ، لم يمنعهم أى منها من قدر الله عز وجل ، وكم عاصرنا أشخاصا كانوا ملىء السمع والبصر ، ويشار إليهم بالبنان ، ويهتز لهم الوجدان ، ويرتعد منهم البشر ، ثم بين عشية وضحاها يتجاهلهم الناس أحياءا وينسونهم أمواتا .
جميعا سيطرت علينا الأنا ولم يعد لدينا القدره على فهم مجريات الأمور ، ولم يعد الموت يردع الأنا التى بداخلنا ، والجبروت الذى يتحكم فينا لذا وجدت من المناسب تذكير نفسى قبل الجميع ببعض مايحدث بالمجتمع لعلنا نفيق ، ويتوقف الإنسان عن قهر أخاه الإنسان .
عايشت فى مسيرة حياتى الصحفيه والنيابيه وقائع كثيره كنت فيها شاهد عيان وراصدا بدقه لمجرياتها وتحولاتها ونتائجها ، بل إننى كنت فى بعضها فاعل رئيسى ، أجد من الأهميه طرحها لعلها توقظ المغيبين الذين يظنون أن الدنيا دانت لهم لمجرد أنهم يتصدرون المشهد ، ويتخذون القرارات ، ويسيطرون على أجواء السياسه يرسمون معالمها ، ويحددون أهدافها ، ويتصرفون على أنهم مخلدون إلى أبد الآبدين . يقينا إنها الغفله وزهوة المنصب ، وخيلاء المكانه السياسيه ، والحزبيه ، والمجتمعيه ، وأحمد الله أن من سأتناولهم اليوم معظمهم أحياءا يرزقون .
الوزير كمال الشاذلى كان أحد أبرز أهم الساسه الذين لعبوا دورا برلمانيا وحزبيا كبيرا سنين طوال حتى بات يحفظ إسمه حتى الأطفال من كثرة مايذكره أهلهم ، وكان له شخطه شهيره فى النواب بالبرلمان عايشتها بنفسى عندما كنت عضوا بمجلس الشعب ، والواقعه الشهيره التى كان يخبط يد كل نائب كان يحاول مصافحة مبارك عندما إلتقاهم رآها كل المصريين ، بل إن كثر من النواب والساسه ومعظمهم أحياء كانوا يوسطوننى لديه رغم أننى وفدى ليرضى عنهم لأنه كان أقوى الأبواب لإستمرار النواب تحت القبه أو دخولهم من الأساس ، وبينى وبينه واقعه شهيره تحت القبه لامجال لذكرها رصدها من شرفة الصحافه بقاعة مجلس الشعب وتناولها الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ رفعت رشاد بجريدة الأخبار إبان كان محررا برلمانيا ، بعد كل ذلك لم يتمكن إبنه معتز من العوده للبرلمان أليس فى ذلك عبره وعظه ، ومن عايش كمال الشاذلى لايمكن أن يتخيل أن يحدث ذلك لإبنه .
الكاتب الصحفى الكبير إبراهيم نافع نقيب الصحفيين ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام ، إقتربت منه كثيرا ، وعايشت مواقفه ، وإتصالاته بكبار المسئولين ، وكيف كان يطلب الجميع وده على كافة المستويات ، وكان طلبه عند أى مسئول بمثابة أمر ، وكان حوله صولجان ، ومريدين ، وتلاميذ ، ثم فجأه سافر للعلاج وإستقر به المقام بالخارج ، وقبل وفاته في الساعات الأولي من الأول من يناير عام 2018 بأيام أراد نافع العوده لمصر التى رحل عنها عام 2012 وخاطبت زوجته المسئولون للسماح له بالعودة إلى مصر على أن يحاكم من منزله وألا يوضع بالسجون ، حيث كان يخضع للمحاكمة أمام محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بعابدين ، مع 3 آخرين من الرؤساء السابقين لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام ، في قضية اتهامهم بارتكاب وقائع تمثل إضرار بأموال المؤسسة بقيمة 268 مليونا و121 ألف جنيه، من خلال تقديم هدايا باهظة الثمن على حساب المؤسسة، لعدد من المسؤولين السابقين في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك ، وهي القضية المعروفة إعلاميًا بـ”هدايا مؤسسة الأهرام”.
عندما رأيت المستشار أحمد سعد عبدالرحيم وكيل أول مجلس النواب يجلس على كرسى الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب السابق نيابة عن المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب ، قلت سبحان الله العظيم ، وإسترجعت الذاكره عندما دخلت على المستشار أحمد سعد مكتبه عندما كان أمينا عاما لمجلس النواب أحاول تطييب خاطره بحكم مابيننا من أهليه وعشرة عمر وذلك بعد أن سحب الدكتور على عبدالعال كل صلاحياته وجدته قويا ثابتا لايهتز فاستحيت أن أطيب خاطره وخرجت فخورا بثباته .
قلت سبحان الله العظيم رب العرش الكريم وأدركت أن بين المستشار أحمد سعد وبين الله عمار وهذا يقين فهو إبن الأكرمين وحفيد عالم جليل ، ونشأ فى كنف أهل العلم أصحاب الخلق الحميد ، دار ذلك فى ذهنى عندما رأيته يجلس على كرسى المستشار محمود فوزى الأمين العام لمجلس النواب الذى جاء خلفا له فى ظروف دراماتيكيه ، وأجواء ضبابيه ، وإحتفاليه من الدكتور على عبدالعال تجاهل فيها الدور الكبير الذى أداه المستشار أحمد سعد كأمين عام ، وذلك حيث كان قائما بعمل الأمين العام حتى يحضر المستشار أحمد مناع الأمين العام ، وسبق ذلك نظرة الوداع التى ألقاها المستشار أحمد سعد على المستشار محمود فوزى أثناء إلقاء كلمته بعد إنتخابه وكيلا أول .
قلت سبحان الله العظيم عندما تابعت رحيل المستشار محمود فوزى من البرلمان رغم أنه كان على يقين بإستمراره فى مكانه ظنا منه أن الدكتور على عبدالعال مستمرا فى رئاسة المجلس ، فأحدث أزمه غير مسبوقه فى تاريخ البرلمان مع المحررين البرلمانيين مازالنا نحاول فك خيوطها ، وطلاسمها حتى الآن ، وعدت بالذاكره عن الرحيل المشرف للمستشار أحمد سعد عندما قدم إستقالته تأثرا بما تم معه من الدكتور على عبدالعال ، ماكنت أنا شخصيا أتصور على الإطلاق أن يحدث ذلك وأرى تلك الأمور القدريه بهذه السرعه الكبيره .
يبقى على الجميع وأنا أولهم أن نتعظ ونتوقف عن عشق الأنا ، والإعتزاز بالذات ، والإنتباه بعدم التعامل مع الناس على أن المنصب دائم ، والوجود فى الحياه يتسم بالخلود ، ويتوقف الجميع وفورا عن الجبروت الذى يحدثه الخيلاء الذى تمكن من كل صاحب سلطه ، وفى هذا السياق يجدر التأكيد على أن التناول منطلقه رصدا لواقع وإستلهاما لعبر وأبدا لايمكن أن يكون فى سياق الشماته فى المنكسرين ، أو التقليل من شأن الراحلين لأنهم جميعا محل تقدير وإحترام ، وأدوا رسالتهم بأمانه ، وما الرؤيه المطروحه إلا فى سياق الأداء لأن شخوصهم محل إحترام ، وكذلك كان التناول من زاوية أن المناصب بل والدنيا جميعها لن تدوم لأحد لذا يتعين أن نستحضر العظه ونستلهم العبر ، وندرك أننا نعيش فى معية الرحمن والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن لذا كان دعاء النبى صلى الله عليه وسلم يامثبت القلوب ثبت قلبى على دينك .