كتب عبد الرحمن هاشم
قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في المؤتمر الصحفي الذي عُقد أمس عبر الفيديو إن المنظمة أُبلِغت بقرابة 4.6 مليون حالة جديدة على مستوى العالم الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي جديد منذ بداية اندلاع الجائحة، مع الإبلاغ عن 78000 حالة وفاة جديدة في الأسبوع نفسه. وتجاوَز إجمالي الحالات التي أُبلِغت بها المنظمة 75 مليون حالة، مع تسجيل أكثر من 1.6 مليون حالة وفاة.
وعلى المستوى الإقليمي أوضح أن هناك اتجاهاً عاماً لانخفاض عدد الحالات والوفيات خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث أبلغ 15 بلداً من أصل 22 بلداً عن انخفاض عدد الحالات، وأبلغ 13 بلداً عن انخفاض عدد الوفيات.
وأضاف: نواصِل العمل عن كثَب مع جميع بلدان الإقليم لرصد الوضع الراهن وتقديم الإرشادات والتوصيات المناسبة لتعزيز تدخُّلات الاستجابة. وستكون الأسابيع المقبلة حرجة، لأننا سنشهد اجتماعات الناس التقليدية للاحتفال بموسم الأعياد كما سيشهد الشتاء انخفاض درجات الحرارة بمعدلٍ أكبر.
وتنصح المنظمة، وفقاً لإرشاداتها المحدَّثة بشأن ارتداء الكمامات في سياق كوفيد-19، بارتداء الكمامات في إطار حزمة شاملة من تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها للحد من انتشار الفيروس. وينبغي ارتداء الكمامات خاصةً في الأماكن المغلقة إذا كانت التهوية رديئة، أو إذا تعذَّر التباعد البدني.
وحثَّ الدكتور المنظري سكان الإقليم على تجنُّب السفر والتجمُّعات الكبيرة غير الضرورية من أجل الحد من انتشار الفيروس ومنع حدوث أي طفرات لكوفيد-19. ومع أننا نعلم كم التضحيات والحلول الصعبة التي يتطلبها ذلك، لكن لا ينبغي لموسم الأعياد أن يكون عذراً لتخفيف التدابير الاجتماعية الرامية إلى الحد من انتشار الفيروس.
وأضاف: نتابع جميعاً عن كثَب الأنباء السارة التي وردت مؤخراً في نهاية هذا العام الصعب. فقد أصبحت لقاحات كوفيد-19 في المتناول أخيراً، مع العديد من الإنجازات التي تلوح في الأفق. وطُوِّرت ثلاثة لقاحات مأمونة وفعَّالة في وقت قياسي وبدأ الناس يحصلون على التطعيمات بالفعل، وشمل ذلك إقليمنا. وتعمل المنظمة مع الشركاء لضمان تحقيق الإنصاف في توفير اللقاحات، لا سيَّما للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وستكون الفترة المقبلة صعبة علينا جميعاً في إقليمنا، ومن الضروري للغاية أن نحرص على تقليص الخوف والوصم والتردد. ونُعوِّل على وسائل الإعلام، بصفتهم شركاء رئيسيين، في الاضطلاع بدورٍ بالغ الأهمية من خلال الحرص على أن تكون تغطيتهم الإعلامية بشأن لقاحات كوفيد-19 مستنيرة ومستندة إلى الحقائق. فهذا ليس وقت الإثارة أو البحث عن العناوين الجذَّابة.
وفي الأسبوع الماضي، أبلغ مسؤولو الصحة في جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة منظمة الصحة العالمية والجمهور عن اكتشاف سلالات جديدة من الفيروس المُسبِّب لسراية كوفيد-19 في بلدانهم. وحتى 22 كانون الأول/ديسمبر، كانت السلالة الجديدة التي ظهرت في المملكة المتحدة قد اكتُشِفَت بأعداد قليلة في أستراليا والدانمرك وإيطاليا وآيسلندا وهولندا. ومع أن كلتا السلالتيْن لهما تحوُّر مشترك واحد، فإن السلالتيْن اللتيْن أبلغت عنهما جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة مختلفتان، وكشف تحليل التسلسل أن كلاً منهما نشأ على حدة.
وذكرت المملكة المتحدة أن هذه السلالة الجديدة تنتقل بسهولة أكبر، لكن ليس هناك ما يشير حتى الآن إلى وجود احتمالية أكبر لتسبُّبها في مرض وخيم أو تأثيرها على اللقاحات. وتُجرَى الآن دراسات لتحديد ما إذا كانت زيادة الانتشار ترجع إلى سلالة الفيروس نفسها، أم ترجع إلى ما حدث من تغيُّرات في سلوك الناس على مدى الأشهر العديدة الماضية، أم كلا الأمرين معاً.
وأشار إلى أن جميع الفيروسات تتحوَّر أثناء سريانها، وقد يؤدي ذلك إلى تغييرات في خصائصها. وبينما تتحوَّر الفيروسات وتتغيَّر، تظل الطريقة المُجدية لوقاية أنفسنا كما هي، ويجب اتباع تدابير الوقاية بجدية، الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، للمساعدة في إبطاء انتشار الفيروس وإيقافه في نهاية المطاف.
وتُبرِز السلالات الجديدة التي ظهرت في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا أهمية إجراء تحليل لتسلسل فيروس كورونا سارس-2 وتبادُل بيانات التسلسل على الصعيد الدولي. ويتمتع عدد من بلدان الإقليم بالقدرة على إجراء تحليل لتسلسل فيروسات كورونا سارس-2، وأنصح هذه البلدان بزيادة هذا التسلسل حيثما أمكن، وتبادُل ما تتوصَّل إليه من بيانات على الصعيد الدولي.
وبالنسبة للبلدان التي لا تملك القدرة على إجراء تحليل التسلسل، ستعمل المنظمة على تيسير نقل العينات الإيجابية إلى المراكز الدولية المتعاونة مع المنظمة بشأن كوفيد-19 من أجل إجراء اختبارات متقدمة.
فكلما ازدادت معرفتنا بهذا الفيروس، ستُتاح لنا فرصة أكبر لمكافحته بصورة أفضل. ويتعيَّن علينا وقف سريان جميع فيروسات كورونا سارس-2 بأسرع ما يمكن، قبل أن تُتاح لها فرصة أكبر للتحوُّر والانتشار.
وبينما نستعد للاحتفال على مدى الأسابيع المقبلة، ينبغي أن نتخذ جميع الاحتياطات اللازمة للحفاظ على سلامتنا وسلامة الآخرين، لا سيَّما أولئك الذين يعيشون في مناطق ينتشر فيها كوفيد-19 انتشاراً كبيراً.
ونصح بأن نفي بالتزاماتنا كأفراد ومجتمعات وحكومات في الأشهر المقبلة: لمواصلة بناء نُظُم الترصُّد في مجال الصحة العامة، والتعاون مع المجتمعات، والحفاظ على الصحة العامة واتباع التدابير الاجتماعية، ومواصلة اتخاذ تلك الإجراءات لنصبح قادرين على حماية أنفسنا وأحبَّائنا وإنقاذ الأرواح.
ويمكننا خفض معدل سريان المرض من خلال معرفة المخاطر التي تواجهنا والحد منها. وهذه هي أفضل هديَّة يمكن أن يُقدِّمها كلٌ منا للآخر: هديَّة الصحة والحياة والأمل في تحقيق مستقبل أفضل وأكثر أمنًا.