بقلم فضيلة الشيخ مكرم عبداللطيف
مدير عام أوقاف كفر صقر بمحافظة الشرقية
أخى الحبيب عند استخدامك للمحمول اعلم بأنه نعمة تستحق شكر المنعم فاياك أن تكون عليك نقمة بسوء الاستخدام والطريقة المثلى تتمثل فيما يلى :
- ابدأ بتحية الإسلام: “السلام عليكم”؛ فهي شِعار الإسلام ومِفتاح الأمان، وابتعد عن التغريب والتقليد؛ مثل: “صباح الخير – صباح النور”، أو “مساء الخير – مساء النور”، أو “ألوو – هالوو – هاي”، فابدأ مكالمتك بالسلام واختِمْها بالسلام؛ قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبتُم؟ أفشوا السلام بينكم)؛ رواه مسلم.
- عليك بالإيجاز في الحديث والاختصار دون إهدار للوقت والجهد والمال، فيجب عليك أن تراعي مدة الاتصال؛ فإن لكل مقال مِقدارًا، وأن تبعد عن الثرثرة وكثرة الكلام دون فائدة، واعلم أن الإنسان يَزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يَحصد يوم القيامة ما زرع، فمَن زرع خيرًا من قول أو عمل حصَد الكرامة، ومَن زرع شرًّا من قول أو عمل حصد الندامة، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].
- يَنبغي عليك أن تتحرَّى الأوقات المناسبة للاتصال؛ فقد يكون المتَّصَل عليه مشغولاً أو نائمًا أو مريضًا أو في مكان لا يَسمح له بالرد عليك؛ مثل أن يكون في جنازة أو عند المقابر، وإياك إياك أن تتصل بأحد في أوقات الصلوات الخمس؛ فالأولى مِن أن تتَّصل عليه أن تذهب وتُصلي.
- حاول أن تتأكد من صحة الرقم قبل الاتصال وإن كنت تحفظه؛ حتى لا تزعج مريضًا، أو تُوقظ نائمًا، أو تشوِّش على مُصلٍّ، فما لا ترضاه لنفسك، لا ترضَه لغَيرك، وإذا حدث منك خطأ فلتُبادر بالاعتذار، وإذا كنت أنت المتَّصَل عليه فلتقبل الاعتذار دون غضب أو انفِعال
- التزم بالأدب في الحوار والكلام، وأنزل الناس منازلهم حسب مقام المُتكلِّم معك، ومنازل الناس تكون على حسب السن والقدر والقرابة، وذي الشأن، والمكانة الاجتماعية، ولا سيما الوالدين والعالِم العامِل، ومع مَن هو أقل منك في السن أو القدر، فيكون ذلك من التواضع والمحبة فتُدخِل عليه السرور؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليس مِنَّا من لم يوقّر كبيرنا، ويَرحم صغيرنا، ويَعرِف لعالِمِنا حقَّه)؛ رواه أحمد.
- والأدب في المهاتفة هو أن تخفض صوتك، فليكن مَسموعًا، وأن تَبتعِد عن القهقهة والتبذُّل حتى لا يَصير طبعًا من طباعك تُعرَف به؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “مَن كَثُر ضحكه قلَّت هيبته، ومَن مزَح استُخفَّ به، ومَن كثر من شيء عُرف به، ومَن كَثُر كلامه كثر سقَطه، ومَن كثر سقطه قلَّ حياؤه، ومن قل حياؤه قلَّ ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه”.
- لا تُكثِر مِن مرات الاتصال عن المُعتاد حتى لا تُصيب المتَّصَل عليه بالضجر والإزعاج، فعليك أن تستعمل الأشياء بلطْفٍ لا بعُنف، ولتتَّصل في أوقات مُختلِفة حتى يتمكَّن مِن الرد عليك.
- يجب أن تُراعي عدم إحراج المتَّصَل عليه، فيجب أن تَعرِف نفسك للمتصل عليه فتقول: أنا فلان، والأفضل ألا تبدأ بلفظة (أنا)، بل تقول: فلان الفلاني..
– لا يجوز لك تسجيل المكالمات الهاتفية بدون إذن المتَّصَل عليه، أو وضع الهاتف عند مكبِّر الصوت (السماعة الخارجية أو الميكروفون) وفتحه على الملأ من الناس، بل يجب عليك الاستئذان من المتَّصِل أو المتَّصَل عليه، وإلا فهذا الفعل يُعدُّ تتبعًا للعوْرات، وخيانة للأمانة، واستغفالاً للآخرين، حتى ولو كان من قبيل الدعابة فإنه لا يَجوز شرعًا؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صُبَّ في أذنيه الآنك يوم القيامة))؛ أخرجه البخاري، والآنُك: هو الرصاص المُذاب.
- إذا وجدت مِن المتَّصَل عليه في المحادثة أو المكالمة جفاء أو حفاوة وترحيبًا أقل من المعتاد، فلا يؤثر ذلك عليك فتتضايق أو تجفوه، فربما كان له عذر أو مشغولاً بأمر مهمٍّ قد غيَّر مزاجه، فلتُحسِن الظن بأخيك المسلم وتَلتمِس له الأعذار، وإن كنت أنت المتَّصَل عليه، يُمكن أن تعتذِر عن استكمال المحادثة دون اللجوء إلى الكذب والأعذار المفتعلة.
- يجب عليك أن تبتعِد عن الغِيبة والنميمة فإنهما من الكبائر.
- اجعل هاتفك المحمول وسيلةً لا غاية، فهناك الكثير من الناس من يُنفِق أموالاً كثيرة، وتتراكم عليه الديون من أجل هذا الهاتف (الجوال)، فلا تُسرف في استخدامه، ولا تُبالغ في سعر شرائه، فلقد رأينا في الآونة الأخيرة من يَبيع كُليتَه من أجل شراء هاتف محمول باهظ الثمن!! وهناك أيضًا مَن يَسرق من أجل هذا الهاتف، ويكون الهدف في نهاية الأمر هو التباهي والتفاخُر بين الناس بالهاتف المَحمول؛ حيث لفت الأنظار ومُحاولة خداع الناس؛ كالذي يجلس بين الناس ويوهمهم بأنه شخص مُهمٌّ أو ذو شأن أو صاحب مال، فيُخرِج الهاتف يخيل للناس أنه يُجري مكالمة هاتفية مع شخص مُهمٍّ ويُقنعهم بذلك، فيَصدُق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((المتشبِّع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور))؛ متفق عليه.
- اغلق محمولك وعظم شعائر الله وحرماته وأنت فى بيت الله عزوجل:
إن من أكثر ما يحزنني ويُدمي قلبي من كثير ممن يحملون هذا المحمول هو انْبِعَاث أصوات الأغاني والرنات في أثناء الصلاة في المسجد، حتى وصل الأمر إلى أن أئمة المساجدِ أَصْبَحُوا ينبهون قبل كل صلاة على إغلاق المحمول، وألصقت الملصقات الصغيرة والكبيرة لهذا الأمر، ولكن لا مجيب! فتجد الواحد منهم يقف في الصلاة ثم يرن هاتفه المحمول بصوت عالٍ بنغمات خليعة راقصة وأغانٍ صاخبة -وإنا لله وإنا إليه راجعون-
وأنا أحدثك حديثًا من القلب إلى القلب، يا أخي اصدقني القول: لو ذهبت لتقابل مسئولا مهمًا، وعندك موعد معه، فكيف سيكون استعدادك لهذا اللقاء؟ كيف سيكون حالك في أثناء المقابلة؟
أجيبك: ستكون في أشد الحرص على إظهار أفضل ما لديك له، والتودد إليه، وعدم مضايقته، ولو كان الأمر يتعلق بمصلحة لك، فإنك قد تُغلق هاتفك عندما تقابله حتى لا يقطع أحد حديثك المهم معه، أليس كذلك؟
وهل الأمر وصل لهذه الأهمية لدرجة أنك لا تستطيع أن تُغلق المحمول وأنت تناجي ربك، هل الصفقة ستضيع، أو الأولاد، أو الأموال، أو التجارة، أو…؟ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:24].
إن كنت ممن لا يُغلقون المحمول قبل الصلاة، أو كنت ممن ينبعث من جهازهم أصوات الأغاني، والرنات، والموسيقى في أثناء الصلاة فتذكرقوله تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح:13]، أي ما لكم لا تخافون لله عظمته وكبرياءه وهو القاهر فوق عباده، وهذا استفهام قصده التوبيخ والتعجب من عدم التعظيم والإجلال لله.
وخطورة الأمر تكمن في أن الإسلام حرَص على أن تكون صلاةُ المسلم كاملةَ الخشوع بعيدةً عما يلهي عنها ويؤدي إلى الانشغال بغيرها عنها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد، فسمع الصحابة يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: “أَلاَ إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ؛ فَلاَ يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلاَ يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ: فِي الصَّلاَةِ” [صحيح الجامع (2639)].