لم يعن القائمون على الدعوة الإسلامية بتجديد الخطاب الديني إضعافه أو تغيير ماهو معلوم من الدين بالضرورة أو تسييسه كما يظن البعض، وإنما أرادوا بذلك تغيير أسلوب الخطاب وتفعيل مافي الدين من سماحة وسعة دون إفراط أو تفريط ،فالرسول -عليه الصلاة والسلام – ماخير بين أمرين إلا واختار أيسرهما . وقد علمنا الله -سبحانه وتعالى – كيف يكون أسلوب الدعوة إليه بقوله: ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن… ) سورة النحل الآية 125. فالداعية يجب أن يتحلى بالحكمة القولية والعملية استنادا إلى ماقال الله ،وقال رسوله الكريم، والموعظة الحسنة الخالية من انغلاق العقل ،وفظاظة القلب ، ويظهر ذلك جليا في التوجيهات الإلهية لموسى وأخيه هارون عليهما السلام حينما أمرهم بالذهاب إلى فرعون ودعوته، فقال سبحانه :؛ (اذهبا إلى فرعون إنه طغى وقولا له قولا لينا …) سورة طه الآية 43. كما أن الجدال يشترط فيه الإحسان في القول وعدم الاعتداء اللفظي أو التجريح العقائدي كاتهام الآخرين بالمروق أو الخروج عن الملة أو ما إلى ذلك مما نشاهده عبر قنوات الإعلام المختلفة، فالحجة والبرهان جديران بكشف الحقيقة ودحض الأكاذيب والأباطيل المضللة وقد علمنا القرآن الكريم ذلك لمن يشككون في وحدانية الله في قوله “أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ” سورة النمل الآية 64. وفي موضع آخر يرد القرآن الكريم بحجة دامغة بقوله .. لوكان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان رب العرش عما يصفون ) سورة الأنبياء الآية 22. وقد صور القرآن الكريم مناظرة جدلية دارت بين سيدنا إبراهيم – عليه السلام – والنمرود {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 258] . إن أعداء الإسلام وصموا الإسلام بالإرهاب والتطرف وهو منه براء، وماجنى على الإسلام إلا متبعوه بتشددهم تارة، وأخذهم بظاهر النص دون فقهه تارة أخرى ، وإلصاق بالدين ماليس فيه ..فاتهم الغرب الإسلام وألصقوا به أخطاء متبعيه وجعلوها من أصل الدين . أيها المسلمون سيسألكم الله تعالى عن تفريطكم في حق دينكم، وعدم نصرته بالحق المبين، فماذا ستقولون لربكم؟ !