إيناس مقلد – الوكالات:
اتهمت إيران جهاز «الموساد» الإسرائيلي ومنظمة «مجاهدي خلق» بتنفيذ عملية «معقدة» باستخدام أسلوب «جديد بالكامل»، لاغتيال العالم النووي محسن فخري زاده الذي شيّع أمس.
وعلى هامش وداع العالم البارز الذي اغتيل يوم الجمعة قرب طهران تعهد مسؤولون إيرانيون بمواصلة الدور الذي كان يؤديه. وكانت وزارة الدفاع قد أفادت يوم الجمعة بأن فخري زاده (59 عاما) توفي متأثرا بجروحه بعد عملية استهداف لموكبه شملت تفجير سيارة وإطلاق رصاص، وذلك على طريق في مدينة آب سرد بمقاطعة دماوند شرق طهران.
وكشف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني أمس أن الاغتيال كان «عملية معقدة استخدمت فيها أجهزة إلكترونية، ولم يكن ثمة أي شخص في المكان»، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن ذلك.
وأتت تصريحاته في مقابلات مصورة نشرها التلفزيون الرسمي ووكالة «فارس» للأنباء، على هامش مراسم التشييع.
وكانت الوكالة قد أوردت يوم الأحد أن إطلاق النار كان من خلال رشاش آلي موضوع على متن شاحنة صغيرة، وتم التحكم به عن بعد، قبل أن يتم تفجير السيارة.
وأفاد شمخاني في تصريحاته: «استخدم العدو أسلوبا جديدا بالكامل، واحترافيا»، كاشفا أن فخري زاده كان مهددا «منذ عشرين عاما»، وتم إفشال محاولات سابقة لاستهدافه.
وأوضح المسؤول أن العملية «تورط فيها المنافقون»، وهي مفردة يستخدمها المسؤولون الإيرانيون عادة للإشارة إلى منظمة «مجاهدي خلق»، إلا أن «العنصر الإجرامي في كل هذا هو النظام الصهيوني والموساد»، بحسب شمخاني.
وأقيمت صباح أمس مراسم التشييع في مقر وزارة الدفاع في طهران، بمشاركة رسمية وحضور محدود، على عكس المشاركة الشعبية العارمة التي عادة ما تمتاز بها وداعات مماثلة، في ظل الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وحضر المراسم التي أقيمت في باحة خارجية مسؤولون عسكريون ومدنيون بدا عليهم التأثر.
وقال وزير الدفاع أمير حاتمي: «لو لم يرتكب الأعداء هذه الجريمة الخسيسة وأسالوا دماء شهيدنا العزيز، لكان قد بقي مجهولا»، مضيفا: «على الأعداء أن يعلموا أن هذه الجريمة ستكون أولى هزائمهم».
وأظهرت اللقطات تأثرا بالغا من الحاضرين، من بينهم قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد فيلق القدس في الحرس العميد إسماعيل قاآني، ورئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ووزير الاستخبارات محمود علوي.
وسجي نعش الراحل وقد لف بالعلم الإيراني، إلى جانب منبر الخطباء، محاطا بأكاليل الزهور. ورفعت صور تظهره بجانب المرشد الإيراني علي خامنئي. كما رفعت صور تظهر وجه فخري زاده إلى جانب وجه اللواء قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، الذي اغتيل في يناير الماضي بضربة جوية أمريكية في بغداد.
وأقيمت لفخري زاده الذي كان يعد من أبرز العلماء الإيرانيين في مجاله مراسم تكريم اعتبارا من يوم السبت، فنقل جثمانه إلى مدينة مشهد (شمال شرق) للصلاة عليه في العتبة الرضوية، وبعدها إلى العتبة الفاطمية في مدينة قم جنوب طهران، ومرقد الإمام الخميني في العاصمة طهران.
وكان فخري زاده رئيسا لمنظمة الأبحاث والإبداع (سبند) التابعة لوزارة الدفاع. وقال حاتمي بعد وفاته إن الراحل كان معاونا له وأدى «دورا مهما في الابتكارات الدفاعية» وفي «الدفاع النووي».
وفي كلمته أمس أكد حاتمي أن الحكومة قررت «مضاعفة موازنة سبند»، وأن إيران «ماضية في مسار التقدم والاقتدار، ونهج الشهيد فخري زاده سيستمر باقتدار». وأمّ الصلاة ضياء الدين آقاجان بور ممثل المرشد الأعلى لإيران.
وفي ختام المراسم في الوزارة نقل حرس الشرف النعش على الأكف إلى مساحة مفتوحة حيث ألقى الحاضرون نظرة الوداع عليه، قبل نقله إلى مزار إمامزاده صالح في شمال طهران حيث ووري الثرى، على مقربة من عالمَين نوويين إيرانيين آخرين تم اغتيالهما عامي 2010 و2011.
وفقدت إيران عددا من علمائها خلال الأعوام الماضية، في اغتيالات وجهت أصابع الاتهام فيها إلى إسرائيل. ولم تعلق إسرائيل رسميا على الاغتيال.
وفي لبنان أدانت وزارة الخارجية الاغتيال في بيان أمس، داعية «جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس تفاديا للانزلاق نحو السيناريو الأسوأ في المنطقة».
وكان المرشد الأعلى خامنئي قد أكد يوم السبت ضرورة «معاقبة» الضالعين في الاغتيال، ومواصلة نشاطات العالم الراحل.