بقلم: محمد محمود حبيب
باحث ومدرب تنمية بشرية باستخدام علم النفس
باحث بالمركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية
يتفق كافة المتخصصين في علم النفس على أن العلاج النفسي لم يصل بعد إلى الحد المفترض أن يبلغه؛ فبالرغم من الأهمية القصوى للطب النفسي، إلا أنه مازالت هناك الكثير من العقبات والعوائق لانتشاره من أهمها:
أولًا: الاعتقاد أنه يتعارض مع الدين، فهناك ملايين الأشخاص مازالوا يرون بأن لا فائدة منه، أو أنه يصطدم مع الدين، وكل دين بدون استثناء.
ثانيًا: النظرة الخاطئة للمريض النفساني ذاته أثناء مرضه، فغالب الناس تراه كالمجرم وتخاف وتهرب منه، لكن المريض النفسي إنسان قبل أن يكون مريضًا؛ ولذلك فلابد وأن يعيد المجتمع نظرته لهذا النوع من المرض وخاصة أن أغلب الأفعال التي ينتج عنها جرائم وكوارث مجتمعية سببها الأمراض النفسية.
ثالثًا: النظرة الغير منصفة لمن يتعافى من المرض النفسي، فللأسف أغلبية الناس لا تغيّر نظرتها للشخص الذي تم علاجه من المرض النفسي، فكم من شخص تم شفاؤه من مرضه النفسي ولا يُسمح له بالعودة إلى عمله! ومعظم الناس يستمرون في نظرتهم الخاطئة والسلبية له حتى بعد علاجه، والأعجب قد يكون الرفض أو مؤيد رفض عودته لعمله هو السبب في إصابته بالمشاكل النفسية.
رابعًا: غض الطرف وإهمال التبرع لعلاج المريض النفسي، فالمريض النفسي يعاني، ويعاني أيضًا من حوله كالمريض العضوي الآخر.
خامسًا: الاعتقاد الخاطئ في حصر أسباب المرض النفسي في حدوث صدمات اجتماعية أو أسرية أو شخصية عنيفة، والتغافل عن حدوث العديد من الأمراض والمشاكل والاضطرابات النفسية نتيجة التقدم التكنولوجي والوحدة والانطوائية وطغيان المادة وغياب التواصل الاجتماعي الحقيقي والواقعي.
سادسًا: النظرة الاجتماعية السائدة حول المرض النفسي، أنه وصمة عار يجب التبرؤ منه.
سابعًا: التعود على الصورة الذهنية الخاطئة والسلبية عن الطبيب النفسي، وكما في الأفلام العربية القديمة من أنه إنسان مهرج ويقوم بأعمال فيها اضطراب وكوميديا، مما ترسخ عند الناس أن المريض النفسي أعقل من الطبيب.
ثامنًا: الاعتقاد بأن الذي يتعامل مع المريض النفسي يصاب بالمرض النفسي من كثرة الاحتكاك به.
ولعلاج ذلك يجب بذل العديد من الجهود على المستوى الشخصي والمجتمعي والحكومي لتصحيح صورة علم النفس والطب النفسي وتحسين صورة المريض والطبيب ومنها:
أولًا: ينبغي التوسع في التوعية بأن الدين لا يتعارض مع الطب النفسي، لأن الشخص الذي لا يستطيع أن يُقبل على الله وعلى قراءة الكتب المقدسة وتمنعه الوساوس والأوهام من الإقبال على الله والعبادة نتيجة مؤثرات خارجية عنه يحتاج لعلم النفس لمساعدته، وأن علم أو طب النفس يساعد الإنسان لأنه لا يُعد من الوسائل الضارة للوصول للغايات السامية، ولا يحتمل وجود أي تعارض بينهما.
ثانيًا: المريض النفسي إنسان، وقد يكون ضحية وليس مجرمًا.
ثالثًا: يجب على المجتمع أن يغيّر نظرته للمريض النفسي بعد علاجه مثل أي مرض آخر.
رابعًا: يجب الاهتمام برعاية المريض النفسي وزيادة المخصصات المالية والتبرعات لعلاجه، نظرًا لارتفاع تكاليف علاجه من أدوية وجلسات.
خامسًا: يجب التوعية بأن هناك تطورا مذهلا وسرعة للحياة تسبب مشاكل نفسية، ولا تقتصر فقط على الصدمات أو الحوادث، بمعنى الاهتمام بالأسباب الخفية للمرض النفسي من أجل الالتفات له والاهتمام به.
سادسًا: يجب تغيير هذه الصورة عن الطبيب النفسي في الأعمال الفنية الجديدة والاعتراف بالخطأ القديم.
سابعًا: ينبغي تصحيح ذلك بتثقيف المجتمع بداية من وضع مادة علمية دراسية متدرجة من سن مبكرة تثقف المجتمع على التعامل الجيد والجاد والصحيح مع من يعاني من مشاكل نفسية، كاهتمام الدول والحكومات بالطب النفسي ومجالات علم النفس بزيادة الميزانيات والمخصصات له، مع إنشاء أكاديميات وكليات متخصصة فيه.
ثامنًا: يجب تغيير النظرة الاجتماعية السائدة حول المرض النفسي على أنه وصمة عار ويجب التبرؤ منه؛ فهذا أمر بالغ الخطورة؛ وفيه ظلم كبير ينبغي تغييره وخاصة أنه قد يتعرض له أي شخص، لأن المشاكل النفسية في ازدياد.