بقلم: أ.د.: عبدالغنى الغريب
الاستاذ بجامعة الأزهر الشريف
وُلد الإمام البخاري رضي الله عنه يوم الجمعة ببخاري سنة ١٩٤هجرية ، وقد ذهبت عيناه في صغره، فرأت أمه إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها : يا هذه قد ردّ الله على ابنك بصره بكثرة دعائك أو بكائك، فأصبح وقد ردّ الله له بصره.
قال رضي الله عنه :أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا.
قال رضي الله عنه : أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
قال عنه الترمذي : لم أرَ بالعراق، ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
جاء إليه الإمام مسلم وقال له : دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأساتذة، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله.
قال عنه ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل.
قال عنه ابن كثير : هو إمام أهل الحديث في زمانه، والمقتدي به في أوانه، والمقدّم على سائر اضرابه واقرانه.
هذا الرجل الذي ألف ّ كتابا من أصح الكتب بعد كتاب الله، خرج علينا كاتب مغمور ليقول لنا : علينا أن ننتقد تراثنا الذي وفّر المادة الحية لهذه الرسومات المسيئة : وأولها صحيح البخاري، فهو يتناقض تناقضا تاما مع القرآن الكريم.
لا أدري أي جهل دفع هذا الكاتب لكتابة مثل هذا الكلام وهذا التعميم، ثم ما هذه الحماقة التي لا نظير لها التي جعلت تراث المسلمين كله في نظره مسئولا عن خسة رسام فرنسي حاقد تطاول فيها على سيد الأنبياء والمرسلين في فجور ووقاحة استنكرها الملاحدة قبل المسلمين، وأي جهل وجرأة على هذا الكلام الذي يقول به مثل هذا الكاتب دون وازع من دين أو رادع من حياء حين قال : إن صحيح البخاري يتناقض مع القرآن تماما.
واستعير كلمات قالها الدكتور أحمد التويجري حين قال : إن كثيرا من مسائل الاعتقاد، وواجبات وشروط وسنن ومستحبات العبادات، وسيرة الرسول عليه افضل الصلاةوالسلام، ومعظم ما أمرنا ووجهنا به من آداب وأخلاق ما عرفنا شيئا منها إلا من خلال ما رواه الإمام البخاري في صحيحه، وما رواه أمثاله من أئمة الحديث.
إن الإمام البخاري رحمه الله لم يكن معصوما، ويكفيه فخرا أن الإمام النووي – وهو من هو – قال عن صحيحه : اتفق العلماء على أن أصح الكتب المصنفة صحيحا البخاري ومسلم، واتفق الجمهور على أن صحيح البخاري اصحهما، وأكثرها فوائد.
يكفيه فخرا أن الإمام أحمد بن حنبل قال عنه : ما أخرجت خراسان : مثل محمد بن إسماعيل.
إن هؤلاء ومن يسيرون في فلكهم، ومن ينهلون منهجهم لا علاقة لهم بتراث الأمة ولا بحضارته التي كانت من أعظم الحضارات. إن من المخزي وأكبر العار أن يتجاوز أبناء الإسلام أشد أعداء الإسلام في الافتراء على أمته وتراثها وعلمائها. إن مثلى يا إمام كمثل أعرابي ضل الطريق فى الصحراء،فلما طلع عليه القمر اهتدى بنوره،فقال: ماذا أقول لك أيها القمر؟ أأقول رفعك الله؟ لقد رفعك. أأقول جمّلك الله؟ لقد جمّلك.أأقول نوّرك الله؟ لقد نوّرك .
جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت.