كتب – عبد الرحمن هاشم:
سأل سائل يقول: أحيانًا كثيرة أصلي على الجنازة وقت وجودي في المسجد ثم أنصرف ؛ فهل أكون بذلك مُتَّبِعًا لها؟
وأجاب فضيلة الشيخ الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى قائلا:
أولا : حث الشرع الشريف على اتباع الجنائز ، وهو سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه : ” أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ ” ، وعدَّ منها : ” اتباع الجنائز ” .
ثانيًا : اتباع الجنائز يحصل بفعل صورة من صور ثلاث ، وإن فعل المسلم جميعها كان أفضل وثوابه أكثر ، وهذه الصور كالتالي :
الأولى : أن يصلي المسلم عليها ثم ينصرف .
والثانية : بعد الصلاة على الجنازة يتبعها المسلم حتى تصل إلى المكان الذي ستقبر فيه ثم يقف حتى تدفن ثم ينصرف ، ويظهر ثواب هاتين الصورتين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا ، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ ” .
والثالثة : أنْ يفعل ما جاء في الصورتين السابقتين ثم يجلس عند قبره بمقدار ما يدعو له بالرحمة وبالمغفرة والتثبيت ، ويشارك في قراءة سورة يس أو سورة تبارك أو ما جرت عادة الناس بقراءته ؛ وذلك لما روى عثمان بن عفان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فَرَغَ مِن دَفْنِ الميت وقف عليه وقال : ” استغفروا لأخيكُم ، وسَلُوا له التثبتَ ؛ فإنه الآن يُسألُ ” .
وجاء في وصية عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال : «إِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا ، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي».
والخلاصة : أن فاعل إحدى هذه الصور الثلاث يكون مُتَبِّعًا للجنازة وله فيها أجْرٌ ، وإنْ كان الأفضل فعل جميعها ما أمكن .
والله أعلم