كتب – عبد الرحمن هاشم:
سأل سائل يقول: ما كيفية تطهير الأرض من النجاسة ؟
وأجاب فضيلة الشيخ الدكتور مجدي عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى قائلا:
أولًا : من المقرر شرعًا أن الأرض كلها طاهرة تصح الصلاة على أي جزء منها، ما لم تتنجس ، والأصل في ذلك ما رواه الإمام البخاري عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي “، وذكر منها : ” وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ ” . وفي رواية لمسلم : ” وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا ” ، وهذا نص في طهارة الأرض .
ثانيًا : تطهير ما تنجس من الأرض بمائع كالبول يكون بغمرها بالماء ؛ بحيث يذهب لون النجاسة وريحها ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء ، استدلالًا بما رواه أنس رضي الله عنه قال : ” جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةٍ – أي: ناحية – مِنَ الْمَسْجِدِ ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ ( أي : دَلْو) مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ ” .
وعند الأحناف تطهر الأرض بالجفاف وتجوز الصلاة عليها ، لحديث ابن عمر قال : ” كانت الكلاب تبول ، وتقبل وتدبر في المسجد ، في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك “.
والخلاصة : أن الأصل في الأرض أنها طاهرة ، فإن وقع عليها نجاسة مائعة كالبول فإنها تطهر بصبِّ الماء عليها ، حتى يذهب لون النجاسة وريحها .
وإن كانت الأرض صلبة فإنها تطهر بالحفر حتى يصل الحفر إلى موضعٍ لم تصله النجاسة ، كما أنها إذا أصابها المطر أو السيل وجرى عليها فإنها تطهر ؛ لأن تطهير النجاسة لا يُعتبَر فيه نية ولا فعل ، وكذا بإلقاء التراب عليها حتى تُزَال رائحة النجاسة ، أو بأي مادة تزيل النجاسة .
وعند الحنفيَّة تطهر الأرض بالصور المتقدمة بالإضافة إلى الجفاف ، وهو الأوسع والأيسر والمُفْتَى به .
والله أعلم