كتب: أحمد السيد، سمير عبد الشكور
عملت سلطنة عُمان منذ بواكير النهضة على تطبيق سياسة تأمين سلامة البيئة ومكافحة التلوث والمحافظة على النظم البيئية المخـتلفة في إطـــار الأهداف الأسـاسية للتنــمية المـــستدامة وحماية الحياة الفطرية وصون الطبيعة والحفاظ على المـــوارد المتــجددة والعمل على استغلالها بصورة مستدامة.
كما عملت الحكومة ممثلة في عدد من المؤسسات الهيئات البيئية المتعاقبة على تطـوير آفاق البحث العلمي في المجالات البيئية وتبادل الخبرات وجمع البيانات العلمية والاستفادة منها وتتولى مسؤولية نشــر الوعــي وغرس مفــاهيم متطـــلبات التعـــامل مع البيئة لدى كافة فئات المجتمع وترسيخ مبادئ المحافظة على البيئة وموارده الطبيــعية والإسهام في دعـم الجهــود المبذولة وفقا لأهداف التنمية المستدامة.
وتتولى ” هيئة البيئة ” مهمة إصدار القوانين والتشريعات البيئية بحسب ما تقتضيه المصلحة البيئية وتنفيذ القوانين والتشريعات المختصة بالمحميات الطبيعية والبيئة البحرية والتنوع الأحيائي وإدخال مبدأ الادارة البيئية كوسيلة أساسية لرفع كفاءة المشاريع التنموية في كافة المجالات الى جانب الاهتمام بالرقابة والتفتيش البيئي باعتبارهما المرصد الاساسي للتعرف على الوضع البيئي وتقييم التأثيرات البيئية واتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهتها.
وتحرص الهيئة على إبراز البعد البيئي في منظومة العمل التنموي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وتأكيد مبدأ التوازن بين متطلبات التنمية والمحافظة على سلامة البيئة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق إدخال مبدأ الإدارة البيئية السليمة كوسيلة لرفع كفاءة المشاريع التنموية في كافة المجالات.
وتهتم حكومة السلطنة بعمليات تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع الصناعية والخدمية ومشاريع البنية الأساسية قبل إقامتها وتنظم من خلال “هيئة البيئة” برامج منتظمة للرقابة والتفتيش البيئي عليها بعد تشغيلها على اعتبار أن ذلك يوفر تشخيصًا ميدانيًا يُعرف بالأوضاع البيئية القائمة للمشاريع والتدقيق على التأثيرات البيئية الناتجة عنها بعد تشغيلها واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تلك التأثيرات ومنعها أو التقليل منها إلى أقصى حد ممكن.
وتقوم الهيئة بمتابعة تنفيذ القوانين والنظم واللوائح والقرارات وبرامج الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية، وإعداد خطط وبرامج حماية البيئة انسجاما مع الأهداف والسياسات الوطنية وتوافقا مع التزامات السلطنة بالاتفاقيات البيئية الدولية في إطار الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة ومتابعة تنفيذ وإعداد وتحديث الاستراتيجية الوطنية لإدارة المواد الكيميائية بالإضافة إلى دراسة بيانات تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع المختلفة وإصدار التراخيص والموافقات البيئية وإنشاء وتشغيل شبكات وطنية لرصد الملوثات البيئية مثل محطات رصد جودة الهواء وتنفيذ برامج منتظمة لزيارات التفتيش الميداني للمشاريع والمنشآت من أجل متابعتها والتأكد من مدى تطبيقها القوانين واللوائح والاشتراطات البيئية وضبط وإصدار المخالفات البيئية للمشاريع غير الملتزمة بيئيا بالإضافة إلى إعداد البيانات والمؤشرات المعنية بالبيئة والتنمية المستدامة وتضمينها في التقارير الوطنية وفقا لمتطلبات الاتفاقيات البيئية الدولية ذات العلاقة.
وتُعنى الهيئة في جانب آخر بإعداد وتنفيذ القوانين والنظم واللوائح والقرارات المتعلقة بصون الطبيعة والحفاظ على مفردات الحياة الفطرية، وتطوير ومتابعة الاستراتيجية الوطنية وخطة عمل التنوع الأحيائي والخطط الوطنية المتعلقة بإدارة المناطق الساحلية ومكافحة التصحر والالتزام باتفاقيات صون الطبيعة.
كما تقوم بوضع الاقتراحات لإنشاء المحميات الطبيعية والمواقع المحمية المؤقتة والمواقع ذات الأهمية الخاصة وإعداد خطط إدارتها، والتنسيق مع الهيئات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال صون الطبيعة .. كما أنها تقوم بزيارات تفتيش ميدانية ومتابعة مدى تطبيق القوانين والاشتراطات البيئية وضبط وإصدار المخالفات.
وتعمل الحكومة ممثلة في الهيئة على إصدار التصاريح الخاصة بالتنوع الأحيائي ودخول المحميات والغوص والإسهام في تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع التنموية بمناطق الصون والحياة الفطرية والمشاركة في إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بالتنوع الأحيائي وإعداد التقارير الخاصة بوضع الحياة الفطرية في السلطنة .. كما تقوم بتأهيل النظم البيئية المتدهورة وإكثار الحياة الفطرية المهددة وإنشاء وتزويد وحدات حماية الحياة الفطرية بالمستلزمات الفنية للقيام بالأنشطة اليومية الخاصة بحماية الحياة الفطرية من عمليات الصيد غير المشروع.
ويعد التعاون الدولي إحدى أهم نقاط الاتصال بين السلطنة ممثلة في “هيئة البيئة” والجهات الإقليمية والعربية والدولية حيث يتولى المختصون دراســـة وتقيـــــيم ومتـــابعة المواضيع الواردة من مختلف المنظمات الإقليمية والعربية والدولية والتنسيق بشأنها مع الجهات المختصة داخل وخارج الهيئة وإعداد خطة التعاون الفني الثنائي مع دول العالم ومتابعة الاتفاقيات مع المنظمات الدولية والعربية والإقليمية ودراسة مختلف مجالات التعاون وتقييمها سنويًا وإعداد أعمال اللجان الثنائية والمشتركة وتنفيذ توصياتها بالتنسيق مع جهات الاختصاص والتنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية فيما يتعلق بمشاركة السلطنة في المؤتمرات والفعاليات الخارجية ذات العلاقة بأنشطة الهيئة المختلفة واتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بالمشاركات الخارجية وبزيارة الوفود الرسمية السلطنة وفقا للأنظمة والقوانين المعمول بها بالتنسيق مع جهات الاختصاص وبإعداد التقارير الخاصة بأنشطة المنظمات الإقليمية والعربية والدولية التي يكون للهيئة عضوية فيها واقتراح السبل الممكنة للاستفادة من الأنشطة والبرامج التي تنفذها تلك المنظمات.
وفي إطار سعي سلطنة عُمان الحثيث لتحقيق الأهداف المبتغاة فيما يتعلق بالجوانب البيئية ضمن الرؤية المستقبلية “عُمان 2040 ” واستخدام موارد التنوع الأحيائي على نحو قابل للاستدامة وربط ذلك بخطط التنمية والمتطلبات المرحلية بما يسهم في تحقيق التوازن المنشود لمستقبل أفضل وإيجاد بيئة آمنة خالية من الأضرار والملوثات.
فقد خرجت أعمال منتدى عُمان البيئي في دورته الرابعة الذي نظمته “هيئة البيئة”، بمجموعة من التوصيات يأتي في مقدمتها التوسع في تنفيذ المبادرات الوطنية التي تسهم في ضمان حماية البيئة والتخلص تماما من التصرفات السلبية الضارة بالبيئة والمجتمع على حد سواء.
واشتملت التوصيات على ضرورة تبنِّي منظومة الاقتصاد الأخضر من خلال الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والمتنوعة في السلطنة وتشجيع عمليات إعادة التدوير وأهمية تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة وبين الإنتاج والاستهلاك وبين قدرة البيئة على العطاء وقدرتها على التحمل.
ولعل ذلك يتطلب ضرورة تكاتف كافة فئات المجتمع ومؤسساته نحو الاستخدام المستدام للموارد والثروات الطبيعية وصولا إلى قيمة مضافة عالية وطاقة متجددة ومصادر متنوعة وترشيد فاعل للاستهلاك بما يحقق أمن الطاقة.
كما أوصى المنتدى بضرورة النهوض بالوعي المجتمعي فيما يتعلق بحماية البيئة والتقيد بقواعد الاستهلاك والإنتاج من خلال توسيع برامج التوعية البيئية وإيجاد التشريعات الناظمة للمحافظة على البيئة واستدامتها والمرتبطة بعمل العديد من الصناعات والقطاعات المتنوعة بحيث تحقق التوازن بين متطلبات الاقتصاد ومبادئ المحافظة على البيئة.
فضلاً عن أهمية تطوير السياسات واللوائح المعنية بتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لدى القطاع الخاص والمجتمع المدني وانتهاج سياسات الاستثمار الحكومي في رأس المال الطبيعي لتحقيق أمن الطاقة.
وتبقى عملية إعادة هيكلة القطاع المائي وتوسيع الموارد المائية أولوية قصوى، خصوصا تلك التي تشجع القطاع الزراعي وتستخدم التكنولوجيا الحديثة والمتطورة والهادفة إلى خفيض كلفة الإنتاج وتطبيق مبدأ وفورات الحجم.