بقلم: الشيخ محمد حسن ابو مسلم
من علماء الأزهر الشريف والأوقاف
حق لنا أن نتعرف على حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ظل الاحتفال بميلاده ومواكبة للحدث الذي يجري من جانب الغرب في الاساءة لجنابه صلى الله عليه وسلم، فماهي تلك الحقوق؟ والجواب، حقوق النبي صلى الله عليه وسلمَ، هي أعظمُ حقوق المخلوقين قدراً، وأجلها مكانة، وأرفعُها شأناً؛ومن حقوقه عليه الصلاة والسلام: تعظيمُ شرعِه والتزام سُنّتِه، فما عظّمَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلمَ- ولا وَقرَه من يَعْترضُ على شرعِه وحُكمِه، فعن أبي رافع عن النبي -صلى الله عليه وسلمَ- قال: “لا ألْفِيَنَّ أحدَكم مُتّكِئًا على أريكتِه، يأتيه الأمرُ من أمري مما أمَرْتُ به أو نهيْت عنه؛ فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه“، فلا حق لمخلوق أعظمُ من حق رسول الله، إنه الحق الذي أوجبه الله -تعالى- على عباده، وجعله أصلا من أصول الدين، وأساسَا تبنى عليه أركانه، فذلك ما تقتضيه الشهادتان؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فواجب على كل من ينطق بهذه الشهادة، ويَدِينُ لله -تعالى- بهذا الدين، أن يُحيط بحقوق رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- معرفة وعلمًا، ويلتزم بها اعتقادًا وقولًا وعملًا.
وإن من أعظم الحقوق لرسول الله وأولاها: الإيمانُ الصادق به، والتصديق بنبوّته ورسالته، مع ما يقتضيه ذلك من شهادة باللسان، وطاعة واتباع؛ فذلك مما أمر الله به عباده فقال: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
ومن حقوقه: محبته أكثرَ من غيره من الخلق؛ لأن محبته عبادة وطاعة يتقرب بها المسلم إلى الله، وهي أصل عظيم من أصول الدين، ودعامة أساسية من دعائم الإيمان؛ كما قال -تعالى-: (النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)؛ فمحبته -صلى الله عليه وسلمَ- أولى من محبة النفس والمال والولد والناس أجمعين، فمَن أحبه بصدق فقد علا شأنه، وثبت إيمانه؛ ففي الصحيحين عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلمَ-: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه مِن والِده ووَلَده، والناسِ أجمعين“، وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن هشام -رضي الله عنه- قال: “كنا مع النبي، وهو آخِذٌ بيَدِ عمرَ بن الخطاب؛ فقال له عمرُ: يا رسول الله، لأنتَ أحَبّ إليّ مِن كل شيء إلا مِن نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلمَ-: “لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك“، فقال له عمر: فإنه الآن، والله، لأنت أحبّ إليّ من نفسي؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلمَ- “الآن يا عمر“.
فكيف لا نحبه؛ وهو خيرُ من مشى على الأرض، وخيرُ من طلعت عليه الشمس، بل هو شمس الدنيا وضياؤها، وبهجتها وسُرورها؟ كمْ هدى به الله من الضلالة، وعلّم به من الجهالة، وبصّرَ به من العماية، وأرشد به من الغواية؛ فتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، فهو أحق الناس بالمحبة والتوقير.
ومن حقوقه: طاعتُه واتباعه؛ فحق على الأمة أن تطيع نبيها -صلى الله عليه وسلمَ- ولا تعصيه، وأن تمتثل أمره ولا تجافيه، فهو المبلغ عن رب العالمين؛ فطاعته دين، واتباعه شريعة، قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بإذنِ اللَّهِ)، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، وطاعته طاعة لله، قال تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)، ومن حقوقه: لزوم الصلاة والسلام عليه؛ فمن حق النبي -صلى الله عليه وسلمَ- علينا أن نصلي ونسلم عليه، وهذا حَقّ ثابت بأمر من الله -عز وجل- لعباده؛ إكراما لنبيه وتشريفًا، قال الله –تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، فالمحِب لرسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- لا يَمَلّ من كثرة الصلاة والسلام عليه، ولا يبخل بالصلاة عليه عند سماع اسمه وقراءة حديثه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: “البخيل مَن ذكِرتُ عنده ثم لم يُصَلّ عَليّ“.
ولنا أن نتساءل، لماذا يحدث هذا الهجوم الشرس الأوروبى على نبينا الحبيب دائما؟ ومالحل؟ السبب في تلك الهجمات التي تسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم، تقصيرنا نحن المسلمون في التزام سنته وعدم الاقتداء والتأسي به في كل حياتنا، فالسنة تكون منهج عملي يُطبق في كل حياتنا والأخلاق الفاضلة تكون منهج حياة، ونرد على تلك الاساءات الغربية في حق النبي صلى الله عليه وسلم؟تكون بالحسنى بمعنى تعريف الغرب بسماحة الاسلام، فمثلاً يرمي الغرب الاسلام بالإرهاب فتبين لهم جانب خُلق الصفح والعفو في الاسلام ونعرفهم بأن الإسلام لم ينتشر بالسيف أو العنف كما يرددون بل انتشر بالدعوة الحسنى حيث قال تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).