إيناس مقلد -(أ ف ب):
شهدت مدينة فيلادلفيا الأمريكية الثلاثاء ليلة جديدة من التظاهرات تخلّلتها توقيفات وعمليات نهب، غداة مقتل رجل أسود على يد الشرطة. وكتبت شرطة المدينة في تغريدة أن «حشدًا كبيرًا» يضمّ حوالي ألف شخص يهاجم متاجر في شمال شرق فيلادلفيا. وأظهرت مشاهد التُقطت من مروحية مخربين يُفرغون متجر ألبسة رياضية ومحلاً آخر، كما أظهرت مقاطع فيديو صورتها وسائل إعلام محلية نهب متجر أغذية كبير في شمال المدينة.
وخرجت التظاهرات في حيّ آخر، في «ويست فيلادلفيا» (غرب فيلادلفيا) حيث كان يعيش والتر والاس جونيور، الشاب الأسود البالغ 27 عامًا الذي أرداه شرطيان بعد ظهر الاثنين. وأفاد صحافيون في وكالة فرانس برس أن عدد المتظاهرين مساء الثلاثاء تخطى ألفا وكانوا يسيرون قبل أن توقفهم الشرطة التي فرضت طوقًا أمنيًا. وتفرق الحشد لكن مجموعات صغيرة تضم كل منها حوالي مائة شخص، انتشرت في الحيّ، فأحرق بعضهم مستوعبات نفايات وقطع أثاث نقلوها إلى وسط الطريق.
في عدة أماكن، تدخّلت الشرطة من دون إنذار مسبق لتفريق المجموعات الصغيرة مستخدمة أحيانًا الهراوات، وأوقفت عددًا من الأشخاص. في اليوم السابق، أُصيب أكثر من ثلاثين شرطيًا بجروح بينهم شرطية كسرت ساقها بعدما صدمتها شاحنة «عمدا»، وفق ما ذكرت المسؤولة عن شرطة المدينة دانيال أوتلو، وهي كانت لا تزال في المستشفى الثلاثاء.
وتم تعليق مهام الشرطيين المتورطين بمقتل والتر والاس جونيور بانتظار نتائج التحقيق الذي تجريه الشرطة والمدعي العام المحلي. وكان الشرطيان توجّها إلى مكان الحادث بعد أن ورد اتصال يفيد عن شجار عائلي وعن وجود رجل يحمل سكينًا. وأوضح المتحدث باسم شرطة فيلادلفيا إريك غريب أن والاس جونيور رفض إلقاء سلاحه رغم أوامر الشرطة. وأكدت عائلة الشاب بلسان محاميها أن الاتصال لم يكن موجهًا للشرطة إنما للطوارئ الصحية إذ إن والاس جونيور يعاني من مشاكل نفسية وكان في خضمّ نوبة.
واعتبر إيزرا أليدو وهو فنان من أصل إفريقي يبلغ 25 عامًا أن «الشرطيين مدربان بشكل سيء». وقال نات تورنر وهو مصوّر أمريكي إفريقي عمره 61 عامًا «لا يمكن إعادة تأهيل الكراهية» مشيرًا إلى ان النقابة الوطنية الرئيسية للشرطيين أعربت مؤخرًا عن دعمها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأضاف أن شرطيي فيلادلفيا «لا يدركون على ما يبدو أن أرواحنا لديها قيمة مثل أي روح أخرى».
للحفاظ على النظام في هذه المدينة التي باتت إحدى ساحات المعركة الانتخابية الرئيسية بين الجمهوريين والديمقراطيين، استدعت رئاسة البلدية الثلاثاء الحرس الوطني. وأعرب رئيس البلدية الديمقراطي جيم كيني عن قلقه حيال ارتفاع مفاجئ لمنسوب التوتر في مدينة حيث ترافقت تظاهرات حركة «بلاك لايفز ماتر» (حياة السود مهمة) إثر مقتل جورج فلويد في أواخر مايو، بأعمال تخريب وعنف وارتفاع معدّل الجرائم.
إلا أنه ميز بين «المتظاهرين السلميين الذين كانوا هنا مساء أمس وسيكونون ربما هنا لأسبوع أو اثنين» والمتظاهرين الذين يقومون بـ«أعمال تخريب ونهب وهي ليست أشكال مقبولة لحرية التعبير» وإذا تواصلت أعمال العنف في الأيام المقبلة، فإن الوضع في فيلادلفيا يمكن أن يصبح مسألة مركزية في نهاية حملة الانتخابات الرئاسية. فقد جعل ترامب والجمهوريون من ارتفاع معدّل الجريمة في المدن الكبيرة التي غالبًا ما يديرها الديمقراطيون، حجةً ضد جو بايدن.