الإسلام لا يعرف اليأس.. ونصر العاشر من رمضان
بقلم الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ * أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ * لا تَيْئَسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً * لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ القاسمَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ * إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ
واللهِ مَا لَكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ * فحَسْبُك اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ
حياة الإنسان مليئة بالمكدرات والمشكلات التي تنغص الحياة، والناس تجاه المشكلات والتحديات إما مؤمّل بالخير وإما يائس أو قانط..
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط مهما كانت الظروف والمصائب.
والمؤمن يجب أن يحترم أقدار الله في الكون وفي الخلق والحياة، والمؤمن الحق يعلم أن بعد العسر يسرا، وأن بعد الضيق فرجا. ويجب أن نربي أولادنا دائما على أن المستقبل دائما يحمل الخير.. وأن الخير قادم .. الخير قادم.. الخير قادم..
انظروا إلى سيدنا يعقوب عليه السلام وهو يربي أبناءه -وهو النبي الكريم ابن الكريم- ويقول لهم: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (يوسف:87).. لم يفقد يعقوب عيله السلام الأمل.. عنده يقين وثقة في الله.. عنده أمل كبير في أن الله سيجمع عليه ابنه يوسف.. لم ييأس ولم يقنط..
إن اليأس والقنوط بعيد عن الإسلام بل إن اليأس أعدى أعداء الإسلام..
اليأس لا يتمكن إلا من الضعيف الذي هزمه الشيطان في عراك الحياة وفي حراكها..
وهما نتذكر قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ، فإنَّ لو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ) (أخرجه مسلم).
وسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، لم ييأس من شيء، بل كان دائم التفاؤل والاستبشار بتوفيق الله عز وجل.. لم ييأس لما أذاه المشركون .. لم ييأس لما عذبوا المسلمين.. لم ييأس من مقاطعة المشركين له ولذويه وأقاربه حتى ذاقوا الفقر والفاقة.. لم ييأس لما أذوه أهلُ الطائف..
لم ييأس لما خطط المشركون لقتله وتوزيع دمه بين القبائل.. لم ييأس وهو وصحبه في الغار والمشركون في خارجه.. لم ييأس لما وصل إليه بعض المطاردين.. لم ييأس لما دخل المدينة وهي بيئة جديدة وقد ترك المهاجرون أمولاهم وأرضهم وديارهم وكل ما يملكون في مكة..
لم ييأس لما دخل معركة بدر وميزان القوة غير متكافيء.. لم ييأس بعد هزيمة المسلمين في أُحد.. لما ييأس يوم الأحزاب وقد أجتمع أهل الشر عليه من كل مكان ومن كل ناحية.. لم ييأس من غدر اليهود وقد خططوا لقتله.. لم ييأس في وفاة أولاده واحدا بعد الآخر… لم ييأس يوم حنين…ولا في.. غيرها..
لقد تحمل أحداثًا هائلة مكنته من تحمل عظائم الشدائد.. هكذا الكبار.. لم ييأسووا ولم يقنطوا.. قال تعالى: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) (الحجر:56).
أمِّلوا في الله تعالى خيراً، وإياكم والهزيمة النفسية واليأس أو القنوط..
نتذكر بعد هزيمة القوات المسلحة المصرية في نكسة 1967م وكانت المعنويات محطمة، ولكن بالعزيمة الصادقة، والإيمان بالله، والثقة في نصره المبين، والتخطيط والإعداد، فحقق الله تعالى لنا ملحمة تاريخية يوم العاشر من رمضان..
وفي شهر رمضان نتذكر انتصارات كبيرة للمسلمين من أهمها: غزوة بدر- فتح مكة – موقعة حطين- فتح أنطاكية -معركة عين جالوت- معركة عمورية..
نتذكر بكل فخر يوم العاشر من رمضان السادس من أكتوبر وانتصار القوات المصرية على الصهاينة.. دخلنا حرب 6 أكتوبر 10 رمضان وقد تسلحنا بالإيمان واليقين في الله والمصاحف لم تفارق الدبابات ولا المركبات..
رحم الله الرئيس الخالد محمد أنور السادات ورجال مصر الأبرار والشهداء في كل العصور
ولا ننس الدور الكبير الذي قام به الدعاة في إيقاظ الهمم، سواء الدور التنويري، أو الدور التوعوي، أو الدور التعبوي..
لقد استطعنا بحول الله في رمضان أن نحول الانكسار إلى انتصار بفضل الله وبفضل الأمل والثقة واليقين في رب العزة جل وعلا.