شهداء بئر العبد بلا مزايدات
-
بقلم:الكاتب الصحفىالنائب محمود الشاذلى
يقينا إن حرمة دم المسلم مقدمة على حرمة الكعبة المشرفة ، بل حرمة دم المسلم أعظم عند الله عز وجل من زوال الدنيا فقد ورد في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم) ، وجاء في رواية أخرى عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار) وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح الترغيب .
إنطلاقا من ذلك فإن الإبتهاج أو حتى الصمت حيال مايحدث من قتل لجنودنا الشهداء بسيناء والذى كان آخره منذ أيام ببئر العبد بسيناء أمر جلل من يقبل به خائنا لدينه ، ووطنه ، وبلده ، ولايستحق الرأفه أو الرحمه أيا ماكان هو من يكون ، ويبقى أن من يأتى بهذه الفظائع لايمكن أن يكون مسلم أو حتى إنسان حتى ولو كان بشهادة ميلاده أنه مسلم ، اللعنة عليه ومن حرضه ، ودفع به وأقنعه بهذا النهج اللعين .
بمنتهى الصدق .. يتعين أن يكون تناولنا لهذا الأمر الجلل منطلقه الوعى ، والحكمه ، والرويه ، وبحث كيفية التصدى لتلك الأفعال المشينه التى لايرتكبها إلا مجرمين بحق ، بعيدا عن المزايدات الرخيصه ، والحب الأعمى ، والجهاله الغير مسبوقه ، ونظرية إقتل ، إسحل ، إسلخ ، إذبح ، إعدم ، لأى أحد دون يقين ، وإتهام أى أحد بلا دليل ، لذا لاأتأثر كثيرا بحالة التشنج التى تنتاب البعض عقب كل حادث لعين ، ومايتم المناداه به من ربنا يلعن الكفره الإرهابيين الاسلاميين ، الدين منهم برىء .
نحن فى أشد الحاجه لترسيخ الموضوعيه ، وإستحضار العقل ، والاصطفاف الوطنى بحق ، والإبتعاد عن العنتريه ، والمنظره الخادعه الممزوجه بالشعارات الطنانه الرنانه ، لأن الأمر جد خطير ، والأرواح التى تزهق هى لأبناء وأخوه أعزاء على قلوبنا يؤدون واجبهم الوطنى من يقترب منهم بسوء ولو باللفظ ولديه عقيدة القتل والتدمير مجرم وخائن لهذا الوطن ، لذا بات من المهم ليس تلك الحاله العنتريه ، والصخب ، والضجيج ، والصراخ الذى يصاحب كل عمل إجرامى لأن كل ذلك لايوقف هذا الإجرام على الإطلاق ، إنما معرفة من وراء جريمة بئر العبد وكل جريمه إرهابيه خسيسه ، وكان يتعين القبض عليهم أحياءا من منطقة الحادث ، حتى يتم معرفة من ورائهم بالضبط ، وما هي أهدافهم ، بل وأرى سحقهم ولو بلامحاكمه طالما تم القبض عليهم متلبسين بعارهم ، وإستقر اليقين أنهم المجرمين الفعليين الحقيقيين ، فى تلك الحاله سأكون أول من يقول وبأعلى صوت وعن يقين إقتل ، إسحل ، إسلخ ، إذبح ، إعدم .
الهتاف بمصرنا الحبيبه لاشك نابعا من الأعماق وعن حق يوازيه أن تتسم منطلقاتنا بتعظيم مصرنا الحبيبه على أرض الواقع وإتخاذ كافة التدابير واليقظه الشديده لعدم تكرار هذا السيناريو البغيض الذى جعل القلوب تئن من الوجع .. جميعا نلعن الإرهاب والإرهابيين ، ونشتمهم بأقزع الألفاظ ، ونشجب ونستنكر ونمتعظ ونمصمص الشفاه ، وهذا أمر لاأراه مستهجنا شريطة أن يكون مقرونا به علاج هذه المأساه من جذورها ، ومحوها من ذاكرتنا للأبد بإجراءات رادعه ، صادقه ، يقينيه ، فاعله بصدق ، وحق ، بعيدا عن الشعارات والصور التى تظهر مجموعه من المجرمين يرتدون الشبشب والبنطلون ولحاهم كثيفه كان يتعين القبض عليهم قبل وقوع أى حادث إجرامى يروح ضحيته أنبل ، وأشرف أبناء هذا الوطن الغالى وليس بعده .
تأثرا بهذا الحادث البشع لم أعد أفهم أشياءا كثيره تحدث بالوطن جلها طريقة تفكيرنا عند حدوث أى عمل إجرامى ، إنطلاقا من سياسة رد الفعل وليس الفعل ، حتى تمنيت أن تمحو ذاكرتى وأكون مواطنا بسيطا لايمتهن مهنة البحث عن المتاعب ، أو يسلك دروب السياسة وأوحالها حتى لايتأثر القلب وتبتعد عنه الأمراض ، والتوترات ولا يصيبه الآلام ، الناس يسألوننى وأنا صامت ، لأننى لاأملك المعلومه اليقينيه ، وليس لدى رفاهية طرح رؤيه لاشك ستضيع وسط صخب وضجيج إقتل إسحل ، عذب ، موت ، وتلك تصرفات لاتعدو أن تكون كلاما فى كلام بلا رؤيه حقيقيه تقول لنا أين نبدأ فى سحق هذا الإجرام .
بمنتهى المصداقيه تحدث معى بالأمس أحباب كثر من أهالينا الطيبين الذين كشف حديثهم معى تمتعهم بحس وطنى حقيقى ومخلص إستشعرت أنه نابعا من القلب ، تجلى بما بدا على وجوههم من علامات التأثر الشديد بماحدث لجنودنا الأحباب من قوى الشر وعناصر الإرهاب ، قالوا لى بلا تشنج ، وعنتريه ، لاتحدثنا عما جرى لأننا نرفضه بقوه ، ونتألم له بشده ، إنما طمئننا أولا على ماهو قادم ، كيف يمكن الإنتباه لهذا الإجرام قبل وقوعه ، وهل لهذا علاقه بأننا نتعرض لمؤامرات خارجيه ، قال لى هؤلاء الناس العظماء من البسطاء الذين لايعرفون عن السياسه إلا مايدور فى الدائره أثناء الإنتخابات البرلمانيه ، كيف لحادث بهذه البشاعه والضخامه أن يقع دون أن يتم القبض على واحدا فقط من المجرمين الذين إرتكبوه حتى نمزقه بأظافرنا ، ونأكله بأسناننا ، ونقطعه إربا إربا بأيدينا .
حاول هؤلاء الكرام من أهلى الطيبين تخفيف التوتر الذى صاحب سماعى لكلماتهم ، ورؤيتى لتعبيرات وجوههم ، فقالوا لى بهدوء شديد ، وثقه لايتسرب إليها شك ، ويقين راسخ يفتقده كل المتعلمين فى هذا الزمان ، إطمئن إن مصر قادره بإذن الله على سحق هؤلاء المجرمين ، بل هى عصيه على أن ينال منها هؤلاء الأوغاد شريطة أن نكون يدا واحده ، وقلب واحد ، فمتى تتحقق أمنية هؤلاء البسطاء الطيبين من أهالينا ونكون يدا واحده وقلب واحد .