أهل العلم في حياة دائمة
بقلم الشيخ/ محمد عصمت الكيلاني
فقم بعلم ولا تطلب به بدلا فالناس موتى وأهل العلم أحياء .. كلمات قالها قديمًا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجه؛ فالعلم لا بديل له مهما علا شأن الإنسان وارتفع إلا أن أهل العلم أعلا.
خلق الله جميع الخلق لكنه جل وعلا رفع أهل الإيمان به درجة وفى نفس الوقت رفع أهل العلم منهم درجات.. قال تبارك وتعالى ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) (سورة المجادلة آ يه رقم ١١)فأهل العلم دومًا عند الله أعلا وأكرم من غيرهم.
ولا عجب حينما تعلم أن أول ما نزل من خبر السماء إلى الأرض أي من كلام الله على قلب رسول الله (صل الله عليه وسلم) آمراً له بالعلم والتعلم فقال له (اقرأ باسم ربك الذى خلق* خلق الإنسان من علق*اقرأ وربك الأكرم*الذى علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم)(سورة العلق)
بل إن الله تعالى لم يأمر نبيه (صل الله عليه وسلم) بالاستزادة من شئ إلا من العلم (وقل ربي زدني علمًا)(سورة طه آية رقم١١٤) وذاك إلا لما للعلم من أثر في حياة البشر فبالعلم تبنى الأمجاد وتشيد الحضارات وتسود الشعوب وتبنى الممالك بل لا يستطيع الفرد ان يقدم خيرا لنفسه ولا وطنه عزاً ولا مجداً ولا نصًرا إلا بالعلم وما فشا الجهل في أمة من الأمم إلا قوض أركانها وصدع بنيانها وأوقعها في الرذائل والمتاهات المهلكة يقول الشاعر: (وأن كبير القوم لا علم عنده ** صغيرًا إذا التفت عليه المحافل)
كما أن رسولنا المصطفى (صل الله عليم وسلم) بين لنا فضل صاحب العلم على غيره من البشر ففيما روى الإمام الترمذي من حديث أمامه رضى الله عنه أن رسول الله (صل الله عليه وسلم) قال: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم) ثم قال رسول الله (صل الله عليه وسلم) (ان الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير) ومن بيان فضل العالم على غيره فشتان بين القمر وبين سائر الكواكب لا ثيما إذا كان القمر في ليلة التمام قال صل الله عليه وسلم (فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)(رواه ابو داود والترمذي) لذا أخطأ كل الخطأ من سوّى بين العالم وغير العالم لأن الله تبارك وتعالى لم يساوى بينهم قال جل وعلا: (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)(سورة الزمر آية رقم ٩) فلا يستوي أبدًا عالم بجاهل حتى في دنيا الحيوانات نجد أن الكلب المعلم والصقر المعلم أفضل من الكلب الجاهل والصقر الجاهل وإن كانوا في الأصل كلاب وصقور إلا أن الله سبحانه وتعالى أباح لنا في شريعة الإسلام صيد الكلب المعلم والصقر المعلم بخلاف الجاهل منهما قال تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) (سورة المائدة آية رقم ٤).
لذا أهيب بكل طالب علم وطالبة أنتم اصطفاء الله واختياره ولقد فضلكم الله على كثير من خلقه تفضيلا ورفعكم فوق عباده درجات فاحرصوا كل الحرص على تحصيل العلوم ولا تفوتوا الفرصة أبدا في طلبكم للعلم واتقوا الله ويعلمكم الله واعلموا ان المعصية سبب في الحرمان من العلم. (قال الشافعي رحمه الله تعالى: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ونور لا يهدى لعاصي) وأوصيكم بما وصى لقمان الحكيم ابنه فقال: ( يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء).