ما تصورت أن يأتي يوم أنعيك فيه يا رفيق العقل والقلب
د. سعيد إسماعيل علي
منذ شهر على وجه التقريب، جاءنى صوته عبر الهاتف، يزف لى بشرى نجاح مساعيه التى استغرقت سنوات، لإعادة إصدار المجلة الفريدة( المسلم المعاصر)، التى كان قد أنشأها الراحل العظيم الدكتور جمال الدين عطية، واستمرت أكثر من أربعين عاما، تبث فكرا وسطيا، وتجديدا تنويريا، تفوقت فيه على الدور الذى قامت به مجلة ( المنار) التى أنشأها محمد رشيد رضا..
إنه الدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة الإسلامية بحقوق الاسكندرية..
عرفته منذ سنوات بعيدة نسبيا من خلال بعض الندوات التى كان المعهد العالمى للفكر الإسلامى بالزمالك يعقدها، وكان وقتها أحد المذيعين البارزين فى إذاعة القرآن الكريم..
دعانى أكثر من مرة إلى إذاعة القرآن لمناقشتى فى كتاب قرأته فى الفكر الإسلامى..
وفى مرة عرضت عليه فكرة حديث قصير فى إذاعة القرآن ، ضمن سلسلة بعنوان ( مفاهيم تربوية فى القرآن الكريم)..
وبعد فترة قصيرة أخطرنى أنه حصل على الموافقة، وتم اختيار وقت ذهبى تكون فيه نسبة الاستماع لإذاعة القرآن فى الذروة..الخمس دقائق التى تسبق تلاوة القرآن الكريم التى تسبق بدورها آذان المغرب..مدة ثلاثين حلقة..ومتى؟ طوال شهر رمضان ..
فى بداية التسجيل، أقبلت باعتبارى أستذا فى التربية الإسلامية، وهو ( مذيع)..
وكم فوجئت أنه ، بين حين وآخر، يوقف التسجيل ليصحح لى كلمة، أو تركيب عبارة، فإذا بى أشعر بأن قامتى لا بد أن تتواضع لهذا الإنسان العالم العظيم..
وذاكر الرجل واجتهد، حتى حصل على درجة الدكتوراه فى الشريعة الإسلامية، وليصبح بعدها عضو هيئة تدريس حقوق الاسكندرية..
كان له فضل كبير فى إشراكى فى مشروعات مكتبة الاسكندرية، حيث ظهر هذا من خلال تكليفى بإعداد جديد لكتاب الإمام الشوكانى فى ( أدب الطلب)..
ثم كان المشروع الكبير، مقدمة تحليلية طويلة استغرقت أكثر من مائة وعشرين صفحة، لطبعة جديدة من كتاب طه حسين الشهير: مستقبل الثقافة فى مصر..
ومنذ سنتين تقريبا ، وعن طريقه، تم تكليفى بكتابة دراسة مطولة عن قضية المرأة، كما تناولها عدد من رواد الفكر الإسلامى فى العصر الحديث، حث استغرقت منى أكثر من مائة صفحة، ولم تصدر حتى الآن..
حقا ، كان إنسانا نادرا ، خلقا، وعلما ، وتقوى، ومثابرة، ونشاطا..
ندعو الله له بالرحمة، آملين أن ما قام به يجد من يكمله، حيث مصلحة الأمة والثقافة..