الجرائمُ استجابات نفسية لمنبهات خارجية
بقلم/ د. نجلاء الورداني
قد ترد الجريمة والسلوكيات المنحرفة إلى استجابات نفسية وعصبية لمنبهات تتضمنها البيئة الخارجية التي يعيش في كنفها الأفراد، إذ أنها تعترف بالطابع الفسيولوجي لمحددات السلوك المنحرف والجرائم وفي الوقت نفسه تعتبر البيئة المحرك والموجه للسلوك الإنساني عامة، حيث ترى أنه يوجد لدى الأشخاص آليات فسيولوجية عصبية تمكنهم من السلوك بعدوانية إلا أن إثارة هذه الآليات تعتمد على التحريض وتخضع للسيطرة الفكرية، فالسلوكيات المنحرفة والجرائم لديها هي سلوك مرضي مكتسب بواسطة التجربة والتعلم، والإعداد، والتعزيز، وغيرها من العمليات النفسية والإدراكية،
كما ينتقل هذا السلوك عبر الأعراف الاجتماعية والمعتقدات، والأيديولوجيات التي تعمل على المصادقة عليه وقبوله ضمن دائرة ثقافة ما.
ويعد اللجوء إلى السلوك الإجرامي والمنحرف هنا تعبير عن حاجة ونقص واضطراب في الشخصية، وعن تصور ارتدادي للهوية، فالرجل الذي يعنف امرأة يوجد في موقف أدنى مقارنة بضحيته فمثلًا من يمارس التحرش أو الاغتصاب لا يستطيع تلبية حاجته في إطار علاقة سوية طبيعية، حيث ينظر لنفسه ويجدها في موقع أدنى مقارنةً بالضحية التي تمتلك ذلك الشيء الذي يحتاج إليه سواء (متعة جنسية، فرصة عمل، دخل مادي.. إلخ)، وبالتالي يتم إسقاطه على آخر مخالف للذات يكون بمنزلة كبش فداء، ومن ثم أثناء ممارسته للجريمة يكون كل همه إسقاط معاناته وإحباطاته على ضحيته.