اللاجئون بين الحماية الدولية والمعاملة الإنسانية
بقلم: نبيل أبو الياسين
بقلم: نبيل أبو الياسين
تُشكل قضية اللجوء ، والنزوح القسري إحدى أكثر القضايا إلحاحاً التي تواجه المجتمع الدولي ، كون هذه الفئة من الناس الأكثر تماساً مع المعاناة سواء كان ذلك نتيجة لصراعات سياسية ، أو اضطهادات طائفية ،أو أي نوع من أنواع انتهاكات حقوق الإنسان فجعلتهم بين الحماية الدولية المطلوبة، والمعاملة الإنسانية المفقودة .
لكن التحديات ، والتغيرات في منطقتنا العربية التي تواجه هذه القضية اليوم أثرت بشكل مباشر على مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وخلقت توجهاً جديداً لها، فأوجدت فجوة بين سياستها المتبعة وبين الواقع المعاصر، ولذلك لزاماً عليها الآن انتهاج فكرة التطوير، والتغيير الاستراتيجي ، وتحتاج أيضاً إلى إعادة النظر، وتقييم أشكال التعامل الدولي معها بشكل يتناسب مع الألفية الجديدة.
لـيضع العالم كله أمام مسؤولياته التاريخية فى كيفية المعاملة الإنسانية لـ « اللاجئين» ، والحفاظ على جميع حقوقهم ، دون متاجرةً أو إبتزاز وعدم التقصير في أداء واجباها الإنساني إزاء أي لاجئ ممن إضطروا لمغادرة بلادهم بسبب الحروب والأزمات السياسية ،أوالظروف الإقتصادية الصعبة.
وأن تكون استضافتهم على أراضي تلكُم الدول «دول الاستضافة» بين شعوبهم ويتمتعون بكافة الخدمات التى تقدمها الدول لمواطنيها، وأن يتمتعوا بجميع الحقوق، وبجميع أنواع الخدمات التي تقدمها الدولة بما فيها الخدمات التعليمية، والصحية، والكهرباء، ومياه الشرب، وغيرها من الخدمات الأخرى، وتيسير لهم إجراءات « الإقامة » وغيرها من الإجراءات، وعدم المغالاه في قيمة الرسوم وإزالة أي عوائق تُرهقهم، وتعيق سير الإجراءات.
وأن يتم التعامل مع مشكلة اللاجئين كقضية إنسانية بالدرجة الأولى بعيداً عن أية اعتبارات أخرى، وتجريم ومعاقبة الأنظمة الداعمة للإرهاب التي تستغل اللاجئين لديها فى الأعمال الإرهابية والإجرامية على أراضى دول أخرى وفقاً للقانون الدولي الإنساني، ومن المعلوم أن القانون الدولي الإنساني هو فرع من فروع القانون الدولي العام، وهو حديث النشأة، ويوفر سبل الحماية الخاصة باللاجئين.
نرى عجزا وتقصيرا غير مبرر في الترتيبات الدولية لإدارة أزمة اللاجئين عن مواجهة التحديات الراهنة، وبما في ذلك حماية السكان المستضعفين داخل خط الصراعات ومعالجة التأثيرات على دول خط المواجهة الأول لذا تدعو الحاجة الآن إلى بلورة رؤية تحويلية، يُساندها التزام سياسي ومالي عالمي دائم، لحماية الناس من تهوّر حكوماتهم، وتأمين حياة كريمة لمن يهربون من فظائع الصراع ويتطلّب ذلك نظماً تضامنية دولية ومبادئ واضحة للمشاركة في تحمّل الأعباء.
ولابد أن تتضمّن هذه المبادئ التزاماً من الحكومات لدعم اللاجئين كي يحافظوا على قدراتهم وأن تشمل أيضاً خلق إطار إقليمي من التعاون يسمح للاجئين بحرية التنقل، والحصول على التوظيف، والخدمات في أرجاء المنطقة، وهناك سابقة لمثل هذا الإطار تتمثل في بروتوكول الدار البيضاء للعام 1965 الذي كان يرمي إلى معالجة حقوق اللاجئين.
وأختم مقالي باستنكاري المؤلم من تبني بعض بلدان الدول العربية وغيرها من الدول سياسة المقاربة غير الادماجية التي تعتبر اللاجئين ضيوفاً مؤقتين غير مرغوب بهم فهي تحرمهم من وضعهم كلاجئين، ومن حقوقهم الأساسية، وتعتبرهم في آن ًعبئاً، وخطراً محتملاً على أمن الدولة وسلامتها، والمؤسف تحكم استراتيجيات في مختلف السياسات في أغلب الحالات باعتبارات اقتصادية، وسياسية، وأمنية، وديموغرافية ،وثقافية أيضاً، وانشغال دول عربية بالمحافظة على أنظمة الحوكمة، وتوزيع الثروة فيها.