مدى جواز الطعن بالاستئناف على حكم الخلع
بقلم / د. محمد حسين نجم المحامى بالنقض
أعطت المادة (20) من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 الحق للزوجة فى طلب الطلاق خلعا والسند فى ذلك هو التنازل عن حقوقها الناتجة عن علاقة الزوجية ورد مقدم الصداق المدفوع من الزوج عند بداية العلاقة الزوجية، وأن تقر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
والحكمة التى تولالها المشرع فى تقرير حق طلب الخلع أن العلاقة الشخصية بين الزوجين هى الصلة التى تجعل الحياة الزوجية صالحة فيبقى الزواج بها، لذلك فقد حرص الشارع – عز وجل- على بقاء المودة وحث على حسن العشرة، ولكن عندما تحل الكراهية محل المودة والرحمة، ويشتد الشقاق ويصعب الوفاق، فقد رخص سبحانه وتعالى للزوج أن ينهى العلاقة بالطلاق يستعمله عند الحاجة وفى الحدود التى رسمها له الشارع الحكيم، وفى مقابل هذا الحق الذى قرره جل شانه للرجل فقد كان حتما مقتضيا أن يقرر للزوجة حقا فى طلب التطليق لأسباب عدة، كما قرر لها حقا فى أن تفتدى نفسها فترد على الزوج ما دفعه من عاجل الصداق، وهو ما يطلق عليه ” الخلع”.
وقد حدد القانون شروطا اجرائية للحكم بالخلع حيث لا يحكم القاضى به إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين وندب حكمين لموالاة مساعى الصلح بينهما، ولا يتطلب القانون كما يعتقد البعض أسبابا أخرى والسبب فى ذلك تناول الأفلام والمسلسلات لفكرة وجود شرط معين من قصور فى القدرة الجنسية للزوج أو صدور أصوات من الزوج أثناء النوم إلى غير ذلك من الأسباب.
وحيث أن المشرع رعى فى هذه العلاقة أنه يحكمها “طلب” الزوجة “الخلع” من الزوج وفى المقابل رد ما دفعه من عاجل الصداق، ونقرر أن التطبيق الصحيح فى ظل فساد الذمم يجب أن يتدخل المشرع بإضافة قيود قانونية لحماية حق الزوج فى استرداد ما سبق أن أداه للزوجة بفتح حق التقاضى على درجتين فيما يخص حق طلب مقدم الصداق لصعوبة إثباته وفى الأغلب الأعم يكتب الزوجين مقدم صداق صورى للهروب من الرسوم المستحقة عند تحرير عقد الزواج.
ويفهم من ذلك أنه بصدور الحكم من محكمة الأسرة فى دعوى الخلع لا يجوز الطعن عليه بطريق الاستئناف أى محكمة الدرجة الثانية، وهو الأمر الجائز قانونا بإقرار المحكمة الدستورية العليا لمطابقته للدستور المصرى، ولكن يوجد استثناء على تلك القاعدة الوارد فى المادة (221) من قانون المرافعات المدنية والتجارية والتى أجازت الطعن بالاستئناف على الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو وقوع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثّر فى الحكم.
ومثال للأسباب المبطلة للحكم، صدوره فى جلسة سرية أو صدوره من قاض قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية، أو صدورة من قاضى غير الذى سمع المرافعة، أو عدم اشتماله على البيانات التى أوجب القانون اشتماله عليها. كما إذا خلا من الأسباب التى بنى عليها، ومثل الأسباب المبطلة للإجراءات عدم مراعاة الإجراءات التى نص عليها القانون لتحقيق الدعوى كعدم إعلان الحكم الصادر بإجراء الإثبات لمن لم يكن حاضرا من الخصوم أو سماع المحكمة فى أثناء المداولة أقوالا من أحد الخصوم بغير حضور الخصم الآخر أو قبول أوراق أو مذكرات منه دون اطلاع الخصم الآخر”.
ومن أسباب البطلان عدم اتصال علم المدعى عليه (الزوج) بصحيفة دعوى الخلع ويؤدى إلى بطلان انعدام انعقاد خصومة دعوى الخلع أمام محكمة الأسرة لعدم اتصال علم الزوج بقيام خصومة الخلع قانونا، وعليه فإن الحكم الصادر بالخلع فى حالة توافر أحد أسباب البطلان يجوز الطعن عليه بطريق الاستئناف.