ليصم لسانك.. واتخذ الحسنات محبوبك
بقلم/ د. أسامة فخري الجندي
من علماء وزارة الأوقاف
على المسلم أن يكون مُتَّبِعًا للهدي النبوي الكريم في جميع أحواله (صلى الله عليه وسلم)، لا سيما ما يتعلق بجانب العبادات والطاعات ، وقد وردت جملةٌ كريمة من الأحاديث المشرفةِ تخبر عن الحالة التي ينبغي أن يكون عليها كل مسلم حال صيامه وقيامه من آداب وقيَم وأخلاق وسلوكيات نبوية كريمة ، فمنها ما يتعلق باستحضار نية الإخلاص في صيامه لله عز وجل ، وهذا ما أكّدته السنة المشرفة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) [متفق عليه] .
ومن حسن اتباع الهدي النبوي في رمضان “حفظ اللسان” عن كل لغو ، حتى قيل : إن كل كلام لا جدوى منه فهو لغو ، فالصائم هو الذي يجتنب كلَّ ما من شأنه أن يوقعه في الذنوب والمعاصي ؛ ليحصل على الأجر الوفير من الله عز وجل ، وأما مَنْ يتركُ طعامَه وشرابَه ولا يترك المعاصي فلا فائدة من صومه ،فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قال: قال رَسُولُ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ لَم يَدَعْ قَوْلَ الزُوْرِ والعَمَلَ بِهِ والجَهْلَ فَلَيْسَ للّه حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ) [أخرجه البخاري وأبو داود] .
وعن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (رضي الله عنه) قال : (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً ) [شعب الإيمان للبيهقي] .
ثم ينبغي أن يُعلم أن الكلمة حين تخرج فإنما تتعاون وتتكاتف مجموعة من الجوارح في إخراجها فهناك ضمير ينبه وعقل يفكر وأحبال صوتية تصنع الصوت ولسان ينطق ويترجم ذلك التنبيه والتفكير والصناعة وعين ترى أثر الكلمة وأذن تنطبع بما تسمع وهواء ينقل الكلام … كل هذه النعم تعاونت لتخرج الكلمة ومعلوم أن الإنسان سيُسأل عن كل هذه الجوارح فلينتبه الناس عند الكلام فلا يخرج إلا ما هو طيب حتى تأتي هذه الجوار شاهدة لهم لا عليهم .
وعن حاتم الأصم ، قال :(نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا فهو مع محبوبه إلى القبر فإذا وصل إلى القبر فَارَقَه فجعلْتُ الحسناتِ مَحْبُوبِي فإذا دخلتُ القبرَ دَخَلَ محبوبي معي) . [إحياء علوم الدين].