وُلد “يوشيهيدي سوغا” عام 1948م لعائلة من مُزارعي الفراولة، ويضعه صعوده المطرد في مكانه متفردة عن النخبة التي سيطرت على الحياة السياسية اليابانية لفترات طويلة. بدأت رحلته السياسية باشتغاله في حملة انتخابية برلمانية فور تخرجه من جامعة هوسي بطوكيو، ثم عمل بعدها سكرتيرًا لنائبٍ في الحزب الليبرالي الديمقراطي قبل أن ينطلق في مسيرته السياسية الخاصة. انتُخب عضوًا في مجلس مدينة يوكوهاما عام 1987م، وفي عام 1996م انتُخب للمرة الأولى عضوًا في المجلس التشريعي “الدايت”، وفي عام 2005م عيّنه رئيس الوزراء آنذاك “جونيتشيرو كويزومي” نائبًا أولا لوزير الشؤون الداخلية والاتصالات، وفي العام التالي قرر رئيس الوزراء المؤقت وقتها “شينزو آبي” ترقيته إلى منصب وزير مكلف بثلاث حقائب وزارية حتى عام 2007م، واستمرت علاقته بآبي بعد عودة الأخير لتولي رئاسة الوزراء عام 2012م، حيث قام بتعيينه في منصب وزير شؤون مجلس الوزراء.
رئيس وزراء اليابان يستقيل من منصبه لأسباب صحية
وعلى مدى الأعوام الثمانية التالية، ظل “الساعد الأيمن” لآبي في دائرة الضوء، مقدمًا الإحاطات الصحفية مرتين يوميًا، ومحتفظًا بسمعة جيدة في إدارة البيروقراطية اليابانية المعقدة. وبصفته وجه الحكومة أمام الجمهور، تولى مهمة الكشف عن اسم العهد الإمبراطوري الجديد عام 2019م بعد تأكيد أنباء تخلي الإمبراطور “أكيهيتو” عن العرش، وأعلن “سوغا” أن العهد الجديد في ظل ولاية الإمبراطور “ناروهيتو” سيحمل اسم “رايوا” والذي يعني “التناغم الجميل”، ما جعله شخصيًا يُلقب باسم “العم رايوا”، وحين أعلن “شينزو آبي” في 28 أغسطس/ آب الماضي عزمه الاستقالة من منصبه لأسباب صحية، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون “سوغا” في مقدمة السباق لخلافته.
ومع إعلان “سوغا” رسميًا عن ترشحه في الثاني من سبتمبر/ أيلول، كانت الفصائل الرئيسية في الحزب الحاكم قد أكدت بالفعل دعمها للرجل الذي تولى منصب وزير شؤون مجلس الوزراء لسنوات. وبدعم الحزب، يكون “سوغا” قد أصبح أول زعيم للحزب الليبرالي الديمقراطي لا ينتمي لأي فصيل حزبي أو عائلة سياسية، وعلى خُطى آبي الذي تولى رئاسة الوزراء لأطول فترة في تاريخ اليابان، يُعتقد أن “يوشيهيدي سوغا” سيمثل الاستمرارية والاستقرار. وحين أعلِن عن ترشحه لزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي قال إنه سيواصل السياسة الاقتصادية المميزة لآبي، والتي تقوم على التسهيلات النقدية والتحفيز المالي والإصلاحات الهيكلية، كما سيسعى إلى مراجعة دستور اليابان الذي صيغ بعد الحرب العالمية الثانية، بما يضفي الشرعية على قوات الدفاع الذاتي، وهي إحدى المرتكزات الأساسية لأجندة “آبي”، غير أن أولويته في الوقت الحالي تنصب على التعامل مع تفشي وباء (كوفيد-19) وما خلفه من انكماش اقتصادي.
اليابان تشهد أكبر انكماش اقتصادي في تاريخها الحديث بسبب “كورونا”
يخطط “سوغا” لتوسيع نطاق اختبارات الكشف عن الإصابة بالفيروس، وتأمين إمدادات كافية من اللقاحات خلال النصف الأول من عام 2021م، كما يسعى إلى إعادة إحياء الاقتصادات الإقليمية من خلال رفع الحد الأدني للأجور، وتعزيز الإصلاحات الزراعية، وتشجيع السياحة. وفيما يخص السياسة الخارجية، يعطي “سوغا” الأولوية للتحالف الأمريكي الياباني طويل الأمد، ويأمل في الوصول إلى “منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادي”، كما يسعى إلى الحفاظ على علاقات مستقرة مع الصين. يطمح “سوغا” كذلك إلى مواصلة الجهود من أجل حل أزمة اليابانيين المختطفين من جانب كوريا الشمالية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعقد لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي “كيم جونغ أون” دون شروط مسبقة.