كتبت: إيمان عوني مقلد
أكدت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة أوراكل التوصل إلى اتفاق شراكة مع الشركة الصينية المالكة لتطبيق تيك توك للمقاطع المصورة القصيرة.
وكانت شركة مايكروسوفت قد خرجت من المفاوضات مع شركة بايت دانس الصينية مساء الأحد، لتعلن وكالة رويترز للأنباء بعد ذلك أن أوراكل ستصبح الشريك التكنولوجي وستتولى إدارة بيانات مستخدمي تيك توك في الولايات المتحدة.
ومن شأن شراكة كهذه أن تعالج المخاوف الأمنية الأمريكية لكنها لن تكون عملية بيع كاملة، بحسب ما ذكرته مصادر لوكالة رويترز.
غير أن وسائل الإعلام الصينية قالت إن بايت دانس لن تبيع عملياتها في الولايات المتحدة بشكل مباشر ولن تعطي شفرة مصدر تيك توك لأي جهة. جذور أوراكل الأمنية
تقوم أوراكل ببيع تكنولوجيا قواعد البيانات وأنظمة كلاود للشركات. وكانت من أوائل الشركات التي ساعدت العملاء في هيكلة سجلاتها على هذا النحو. وقد اختار رئيسها وأحد مؤسسيها لاري إليسون لها هذا الاسم نسبة للاسم المشفر للمشروع الذي نفذه لصالح أول عملائه عام 1975 وهو المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه).
وتأسست الشركة بعد ذلك بعامين ونفذت تعاقدات مع السي أي أيه والاستخبارات البحرية واستخبارات القوات الجوية ووكالة الأمن القومي.
وقد نشر موقع الأخبار غيزمودو بيانات مفصلة لأنشطة أوراكل مع أجهزة الاستخبارات التابعة للحكومة الأمريكية، قائلاً إنها علاقة “تم تجاهلها بصورة متكررة من جانب هؤلاء الذين يحبون التظاهر بأن أوراكل مجرد شركة ناشئة متواضعة كغيرها في وادي السليكون”.
لكن عملاء الشركة وخدماتها السحابية تمتد حالياً على نطاق واسع، من تقديم خدمات لشركات تصنيع السيارات مثل مازدا وياماها، إلى متاجر البيع بالتجزئة مثل كو أوب ودبنهامز في المملكة المتحدة.
ويمكن استخدام تكنولوجيا أوراكل في تتبع جميع البيانات، كما يقول إليسون. “جميع البيانات بشأن حساباتك البنكية، رصيدك الجاري، مدخراتك، كلها مخزنة في قاعدة بيانات تابعة لأوراكل.” حسما قال في كتاب The Naked Crowd (الحشود العارية) للمؤلفف جيفري روزن الذي صدر عام 2004.
” حجوزات الطيران التي قمت بها مخزنة في قاعدة بيانات لدى أوراكل. الكتب التي اشتريتها من موقع أمازون مخزنة على قاعدة بيانات لأوراكل. تفاصيل حسابك على موقع ياهو مخزنة على قاعدة بيانات لأوراكل… لا توجد خصوصية.”
اختيار آمن؟
تزعم الإدارة الأمريكية أن تيك توك وغيره من التطبيقات الصينية مصادر تهديد للأمن القومي، ولهذا السبب يمكن اعتبار أوراكل – في ضوء تاريخها في مجال الاستخبارات- خياراً موثوقا به.
يقول كريس ستوكل-ووكر مؤلف كتاب على وشك الصدور بشأن هذه المنصة ” على السطح لا يبدو أن أوراكل وتيك توك متوافقان. أوراكل تبدو شركة رتيبة، بينما تيك تيك هو تطبيق عفوي يركز على الشباب”.
ويضيف ” لكن هناك عوامل جيوسياسية خفية. إذا كانت مخاوف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تيك توك تتمثل في الأمن، فإن أوراكل ستكون رهاناً أكثر أمانا”. ويعد إليسون- الذي صنفته مجلة فوربس كخامس أغني شخص في العالم- داعماً صريحاً للرئيس ترامب وقد أطلق حملة لجمع التبرعات لصالح حملته في فبراير/ شباط الماضي.
وكان ترامب قد قال في وقت سابق إنه يعتقد أن أوراكل أفضل من يمكنه إبرام صفقة تيك توك.
وقال الشهر الماضي ” أعتقد أن أوراكل شركة عظيمة، وأعتقد أن مالكها شخص رائع.”
” إنه شخص رائع. اعتقد أن أوراكل ستستطيع التعامل مع الموقف”.
المواعيد النهائية لتيك توك
•15 سبتمبر/ أيلول: الموعد النهائي الذي حدده الرئيس دونالد ترامب لبايت دانس لإيجاد اتفاق.
•20 سبتمبر/ أيلول : بدء سريان الأمر التنفيذي لمنع الشركات من التعامل مع بايت دانس بموجب القضاء الأمريكي.
•12 نوفمبر/ تشرين الثاني: بدء سريان أمر تنفيذي ثان لإمهال بايت دانس موعداً نهائياً للتخلي عن الأصول الأمريكية لتيك توك.
غير أن أي اتفاق يتطلب موافقة الحكومتين الأمريكية والصينية. وقد أفادت وسائل الإعلام الصينية بأن بايت دانس لن تبيع الشركة لأوراكل.
وتُتهم أوراكل بالعداء للصين، بعد فصلها 900 موظف من فريقها العامل هناك، وذلك في الأسبوع نفسه الذي فرضت فيه الولايات المتحدة تعريفات جمركية إضافية على البضائع الصينية . وأرجع الموظفون قرار تخفيض أعدادهم إلى التوتر بين الولايات المتحدة والصين.
“شراكة تكنولوجية”
ما يُفهم هو أن انخراط أوراكل في تيك توك لن يكون بمثابة عملية بيع مباشر بل “شراكة تكنولوجية” بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال ووكالة رويترز. وهذا يرجح أن سيطرة الشركة الأمريكية على تيك توك ستكون محدودة.
قبل أسبوعين أعلنت الصين عن قيود حكومية جديدة على الصادرات التكنولوجية. ما يعني أن بيع بعض أنواع التكنولوجيا كتقنيات الذكاء الاصطناعي لأي كيان أجنبي يقتضي الحصول على موافقة مسبقة.
يرى كثيرون أن نقطة القوة الرئيسية لتيك توك هي طريقة تحديد المقاطع المصورة المقترحة، ونوعية المستخدمين الذين تظهر لديهم هذه المقاطع وتوقيت عرضها، وأن أوراكل قد لا يُسمح لها بمعرفة تفاصيلها بشكل محدد أو استخدامها لأغراض أخرى.
يقول أليكس ستاموس ضابط الأمن السابق في فيسبوك في تغريدة على تويتر ” إن التوصل لصفقة تتولى فيها أوراكل إدارة البيانات دون الحصول على كود المصدر وتنفيذ تغييرات كبيرة في التشغيل، ليس كافياً لتبديد أي من المخاوف المشروعة بشأن تيك توك. وقبول البيت الأبيض لصفقة كهذه سيثبت أن الأمر محض هراء”.
غير أن خبيرة أخرى تعتقد في إمكانية نجاح الشراكة. تقول تامارا ليتلتون صاحبة مؤسسة The Social Element الاستشارية ” العنصر الأمني لدى أواركل قد يخفف التوتر، وقد يساعد تيك توك كذلك في أن يبدو أكثر نضجاً”.
” تواجه منصة تيك توك صعوبات في ضبط محتواها في الوقت الحالي، ورغم السمعة الجيدة لنظام اللوغاريتمات الخاص بها إلا أنه قد يعمل ضدها في بعض الأحيان. ويمكن لخبرة أوراكل أن تساعد في حل بعض هذه المشكلات”.