كتب: عبد الرحمن هاشم
قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في افتتاح المؤتمر الصحفي الذي عقده ظهر اليوم إن الوضع الحالي في إقليم شرق المتوسط مُقلقٌ بشدة، إذ يزداد عدد حالات الإصابة كل يوم. كما أن الزيادة الكبيرة لأعداد الحالات في بعض البلدان، مثل العراق، والمغرب، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، تثير قلقاً بالغاً، وتُسلِّط الضوءَ على الحاجة المُلِحّة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامةً.
وأفاد بأن هذا الارتفاع المفاجئ في أعداد الحالات أمر متوقّع بسبب قيام البلدان بتخفيف القيود بعد أشهر من فرض الحظر الشامل، وما صاحب ذلك التخفيف من زيادة تنقل السكان، إلا أن الحكومات لا يسعها أن تواصِل الاستجابة على النحو الذي تقوم به منذ بداية الجائحة.
فلم يعد يكفي أن تقتصر الاختبارات على الأشخاص الذين يتوجهون إلى المستشفيات والعيادات وتظهر عليهم بالفعل أعراض الإصابة. وكلما ارتفع عدد الأشخاص الذين يخضعون للاختبار، ارتفع عدد الحالات التي تُكتشف وتُعزل بشكل ملائم. وكلما ارتفع عدد المخالطين الذين يجري تتبُّعهم، زادت فعالية جهود احتواء العدوى.
وأوضح أنه يجب على الأفراد والمجتمعات التحلي باليقظة والالتزام الصارم بالتدابير الاجتماعية، مثل ارتداء الكمامات، والحفاظ على التباعد البدني، واتباع تدابير النظافة الشخصية الصحيحة.
وأكد د. المنظري أن الخدمات الصحية أصبحت محدودة بسبب انشغال مزيد من العاملين الصحيين والمرافق الصحية بالتصدي لكوفيد-19. ونتيجةً لذلك، انخفضت الأولوية الممنوحة للخدمات الصحية الأساسية، مثل التمنيع، وعلاج الأمراض المزمنة، والصحة الإنجابية، وخدمات صحة الأسنان، وغيرها الكثير.
وازداد الأمر سوءاً بسبب حظر الخروج الذي فرضته بلدان كثيرة في بداية الجائحة، مما أدى إلى فرض قيود كبيرة على التنقل، والخوف من التعرض للعدوى بكوفيد-19 في المرافق الصحية، وانتشار الوصم الاجتماعي، وكثرة الشائعات.
كما أن كثيراً من العاملين في مجال الرعاية الصحية كانوا يخشون من عدم توفير الحماية الكافية لهم من كوفيد-19 بسبب عدم وجود ما يكفي من معدات الوقاية الشخصية، بالإضافة إلى محدودية التدابير الأخرى، مما أدى إلى نقص عدد العاملين في مرافق الرعاية الصحية.
وإضافةً إلى ذلك، تعذَّر توصيل الأدوية والمعدات واللقاحات الأساسية بسبب إغلاق كثير من الموانئ، مما تسبب في نقصها بشكل كبير في بعض البلدان.
وأشار إلى أن إقليم شرق المتوسط، بوجه عام، من أكثر أقاليم المنظمة التي شهدت اضطراباً في الخدمات الصحية الأساسية منذ بداية جائحة كوفيد-19.
وفي مسح أجرته المنظمة مؤخراً، تبيَّن أن الخدمات الصحية الأساسية توقفت جزئياً أو كلياً في ما يقرب من نصف بلدان الإقليم. وتشمل هذه الخدمات علاج ارتفاع ضغط الدم، والعناية العاجلة بالأسنان، وخدمات الرعاية المُلطِّفة، وخدمات الربو، وخدمات إعادة التأهيل، والتدبير العلاجي للسكري والسرطان. كما توقفت جزئياً أو كلياً خدمات الطوارئ الخاصة بالقلب والأوعية الدموية في أكثر من ربع جميع البلدان.
ومع استمرار انتشار الجائحة، من المرجح أن يشتد تأثيرها على الخدمات الصحية الأساسية.
وناشد د. المنظري جميع البلدان أن تبذل جهوداً حثيثةً لضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية الأساسية، مع الاستجابة في الوقت نفسه لجائحة كوفيد-19.
وقالت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج، إن عمل منظمة الصحة العالمية في مجال الخدمات الصحية الأساسية
من كانون الثاني/يناير إلى أيلول/سبتمبر 2020 تمثل في النظم الصحية التالية:
• إعداد إرشادات تنفيذية للحفاظ على الخدمات الصحية الأساسية في سياق كوفيد-19
• نشر دورة تدريبية عبر الإنترنت بعنوان “دور الرعاية الصحية الأولية في جائحة كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط”، وإدماج خدمات الوقاية من العدوى ومكافحتها، وخدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، وسائر الخدمات
• تعزيز استعادة تأهّب النظم الصحية باتباع نهج “إعادة البناء على نحو أفضل” بعد كوفيد-19
• دعم خدمات الرعاية الطارئة من خلال التقييم وبناء القدرات والبحوث (تونس، السودان، الأردن، مصر)
تعزيز الصحة
• دعم الحفاظ على خدمات صحة المواليد والأطفال والمراهقين خلال كوفيد-19، وتوسيع نطاق الرعاية الأساسية المبكرة للمواليد لتشمل 14 مستشفى في السودان، وباكستان، والأرض الفلسطينية المحتلة
• دعم ومناصرة الاستجابة لكوفيد-19 والتعافي منه بما يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة
• تقييم خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأمهات والمواليد والأطفال والمراهقين أثناء جائحة كوفيد-19 في 13 بلداً
• إعداد دورة تدريبية على الإنترنت بشأن الروابط بين الصحة والسلام، وإعداد موجز سياسات بشأن الجائحة والسلام
الأمراض غير السارية والصحة النفسية
• إجراء تقييم سريع لتقديم الخدمات المتعلقة بالأمراض غير السارية خلال جائحة كوفيد-19
• نشر بيان سياسات مشترك بشأن التغذية للتعامل مع كوفيد-19 (مع برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة، واليونيسف، في أيار/مايو 2020) وتكييف مبادئ كوفيد-19 التوجيهية بشأن التغذية/سوء التغذية الحاد الوخيم في اليمن، والسودان، وسوريا، وباكستان، وأفغانستان، مع حزمة لبناء القدرات
• تعزيز تنفيذ برنامج عمل بشأن رأب الفجوة في الصحة النفسية من أجل التعرّف المبكّر على مشاكل الصحة النفسية ذات الأولوية والتدبير العلاجي لها، وإدماج الصحة النفسية في مراكز الرعاية الصحية الأولية
• إدماج الأمراض غير السارية وتدبيرها العلاجي في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتنفيذ إطار استراتيجي بشأن الحمى الروماتيزمية وأمراض القلب
الأمراض السارية
• مواصلة الأنشطة المتعلقة بالأمراض السارية المزمنة مثل السل، وفيروس العوز المناعي البشري، والتهاب الكبد، وأمراض المناطق المدارية المهملة
• مراجعة وتحديث معايير الوقاية من العدوى ومكافحتها في إطار مبادرة سلامة المرضى بما يتواءم مع المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن المكونات الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها على المستوى الوطني ومستوى المرافق
• دعم استمرار التمنيع الروتيني، بما في ذلك التمنيع ضد شلل الأطفال (حقق 11 بلداً ما لا يقل عن 90% من التغطية باللقاح الثلاثي على المستوى الوطني، وحقق 9 بلدان ما لا يقل عن 80% من التغطية باللقاح الثلاثي في جميع المناطق بنسبة 100%)
إدارة المعلومات والمعارف
• تعزيز البحوث وإدارة المعارف في إقليم شرق المتوسط في سياق كوفيد-19
• تقييم البلاغات الوطنية عن الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 وتقدير الوفيات الزائدة
إن الهدف الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية والحكومات والمجتمعات المحلية هو ضمان الصحة للجميع وبالجميع، والعافية من جميع الأمراض. ويجب ألا يتسبب توجيه جهودنا نحو كوفيد-19 في أن نخسر المكاسب الأخرى التي حققناها، تاركين مَنْ هم في أمس الحاجة إلى الخدمات الصحية الأساسية ومَنْ يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل ضعف إمكانية حصولهم على العلاج أو الرعاية الطبية. فإلى جانب التصدي لكوفيد-19، هناك كثير من الأمور التي يجب علينا جميعاً القيام بها لنضمن حماية صحة جميع الناس وعافيتهم.