جنود القبض والبسط
بقلم/ د. شعبان عطية
إن الله تعالى إذا أراد أن يقربك إليه قُربَ الواصلين لا قرب العوام فإنه يقطع عنك الأصحاب والأهل والأحباب فيتخلى عنك الجميع ويترڪونك بلا سبب حقيقي ثم يرسل إليك جنوده (( القبض والبسط )) وتڪون الغلبة للقبض أڪثر أيامك ولياليك ويقطع عنك الدنيا وأسبابها فيصرخ قلبك من شدة ما يعتريك حتى تضيق عليك أنفاسك ويڪون البسط محدود التعامل فيك ثم تزداد في قلبك الوحشة من الخلق فتراهم وڪأنهم أعداءك (( فإنهم عدو لي إلا رب العالمين )) ثم تزداد حدة الانقطاع بينك وبين الخلق وتتجرع من ڪؤوس الابتلاءات أنواع وأنواع إلى أن ترى نفسك غريباً عن الجميع (( فطوبا للغرباء )) ثم يغمسك الله في عين بحر الوحدة فلا ترى إلا الله حتى يتم محو صور الأڪوان من قلبك وترحل جميع الأغيار عن قلبك وتصل إلى التجريد ثم يزج بك إلى التفريد فتتنزل عليك أنوار الله فتڪن (( له • منه • به • فيه • إليه )) ثم تناديك هواتف الحق: ((إني أنا الله رب العالمين))
ثم يزداد قربك إليه بهاتف: (( وأنا اخترتك )) فتحيا بوصاله على الدوام متلذذاً بمناجاته في الليال والأيام، فيفتح الله ماشاء لك من خزائن العلوم والمعارف ويجعلك قدوة لڪل ولي وصالح وعارف إلى أن تخرج من دار الدنيا وينتهي دور جسدك وتبقى روحك في عالم البرزخ ذاڪرة شاڪرة لأنعم الله إلى حيث يشاء الله رب العالمين.