كتب: أحمد السيد
تقوم علاقات سلطنة عُمان الخارجية على مبادئ راسخة ومعروفة منذ عقود، وتم التأسيس لها خلال خمسين عاماً من النهضة العمانية المباركة التي يتجدد عهدها اليوم في مرحلة جديدة من مراحل البناء والتنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة الإنسانية.
ولا شك أن تحديات كل مرحلة من المراحل تختلف عن سابقتها، وهذا طابع الحياة البشرية لا تقف عند نقطة بعينها بل تندفع دائما إلى الأمام، مع تنوع التحديات باختلاف الأزمنة.
ثمة أسس وثوابت مدركة في سياق السياسة الخارجية العُمانية، عمادها استقلال الرأي الداخلي الذي ينعكس على القرارات السيادية وكذلك التعامل مع كافة دول العالم سواء على المحيط الإقليمي أو الدولي.
فالسلطنة تحكم كل ما تقوم به بناء على الأهداف والمصالح العليا للبلاد، وفق سياسة تقوم على الحياد واعتماد سبل التواصل الإيجابي مع الشعوب كافة، والتعامل بناء على منطلقات التكامل الاقتصادي والثقافي والمعرفي والإنساني عامة، حيث إن هذه هي الشروط الأفضل لتجسير التواصل بين الأمم والدول.
ثمة حقيقة ثابتة بأنه على مدار التاريخ الإنساني طالما كانت الرؤى السياسية متداخلة مع الأهداف والمقاصد سواء الاقتصادية أو الثقافية، فهي كلها تدور في فلك واحد، ولابد أن التكامل بين هذه الحلقات هو ما تلتزم به سلطنة عُمان في ظل سياستها المستقرة ذات السلوك الهادئ، تلك السياسة التي تؤمن بحق الآخرين في التعبير عن إراداتهم، فيما تعبر هي عن مكنونها، فيما يعرف بعدم التدخل في شؤون الغير أو السماح لهم بالتدخل في الشأن الداخلي، وهذه سياسة واضحة ومتوارثة لعقود من الزمان في سلم التطور العماني عبر النهضة الحديثة التي أسس لها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه.
وقد أكد السلطان هيثم بن طارق، أن السلطنة ماضية وملتزمة بهذا الإرث في السياسة الخارجية، وهو ما بعث الطمأنينة منذ الوهلة الأولى إلى كافة الأطراف الدولية بأن هذا هو عهد السلطنة وسجلها المضيء في السلام والمحبة مع الدول والشعوب، واتخاذ الإخاء عنوانا لدفع العلاقات الإنسانية وفي كل المجالات الحيوية.
إن إدراك الذات ينبع من اتجاهات عديدة ولعل أبرزها الوعي الحقيقي والصادق بهذه الذات والعمل على تأكيد الثوابت والمفاهيم والقيم التي تؤمن بها، كذلك التعايش الأصيل ما بين قيم التاريخ واللحظة المعاصرة في سبيل اكتساب ثمرات المستقبل، كل ذلك تأسس في مكتسبات النهضة العُمانية وهو مستمر عبر التجديد والتطوير، بما يمهد الطريق إلى المزيد من التكامل والتعايش الأخوي مع مختلف الشعوب بما يخدم المصالح المشتركة للجميع.