ما بعد الهاوية
قصة واقعية للأديب محمد الشرقاوي
في إحدى الساعات الوسطى لوقت الضحى ما زالت الشمس تغازل الناس بأشعتها التي لم تشتد بعد وكذلك لأن هذا اليوم من الأيام الأخيرة لفصل الصيف ، الباب مفتوح على مصراعيه والفتيات يدخلن ويخرجن وعلى وجوههن ترتسم علامات السعادة التي تفصح عن العودة إلى الحياة بعد عدة أسابيع مضت بين جدران المنازل .
تدخل ثلاث فتيات ملابسهن لا تتعدى بنطالا ممزقا وقميصا شفافا ضيقا ذات أكمام قصيرة ويتجهن نحو أشخاص جالسين بالقرب من الباب وعلى وجوههم علامات الاستسلام والجفاف إلا واحدا فقط يدعى محمد ويطلق عليه الجميع لقب الأديب ، هذا الأديب كم نصحهم بما يعلي شأنهم لأداء عملهم كما ينتظره المجتمع ولكنه وجد أن طوفان التغريب وقتل الأخلاق أقوى مما يتخيل فآثر أن يصور بقلمه أمراض العصر حتى يضع الوجوه أمام مرآتها الحقيقية .
يقف عصام مرحبا بالفتيات ويدور الحوار التالي :
عصام : أهلا بالجميلات .
دعاء : صباح الحب يا قلبي .
عصام : صباح الفل يا روحي .
سمر : اشتقنا لك يا عصومة يا قصير .
عصام : وأنا أيضا مشتاق للحلويات .
نانسي : متى سيكون موعدنا ؟
عصام : الثالثة عصر الخميس القادم بنفس المكان ، أبلغن باقي البنات .
وهكذا تم الاتفاق على الزمان والمكان وتأكيد أرقام الهواتف وتبادل كلمات المزاح والأشواق بصوت مرتفع للغاية .
دعاء : أين رضا يا عصومة ؟
عصام : موجود ، سيظهر حالا .
وخلال لحظات يظهر رضا قادما من المبني المقابل ، يشير له عصام بالإسراع وعندما يصل إليهم يرحب بالفتيات ، ثم يمد عصام يده إلى بطن رضا قائلا : إنه حامل في الشهر الخامس ، تتعالى الضحكات وتتمايل الفتيات ويضربن كفوفهن بكفي عصام ورضا ثم يتفقن على الموعد مع رضا الذي يبادر قائلا :
– أين المكان ؟
سمر : نفس العمارة ولكن في الطابق الثالث .
عصام : جميل يا رضا فالطابق الثالث قريب حتى لا تجهض حملك .
تتعالى الصيحات مرة أخرى ويزداد التمايل من شدة الضحك الذي خرج عن السيطرة وبعد محاولة للتماسك من تلك الحالة تقول نانسي : تحفة يا عصومة ، أنت قصير لكن جبار ، يخرب عقلك .
ينتهي الحوار وقبل الانصراف تقول دعاء : سلام يا عصومتي وتعقب سمر : سلام يا عشقي ، أما نانسي فما زالت غارقة في الضحك . يقول عصام مارا بنظراته على الفتيات الثلاثة : سلام يا قلبي ، يا روحي ، يا عيوني ثم يلوح لهن رضا بالسلام فتقول له سمر : حافظ على الحمل يا رضا ، انتبه كي لا يسقط . تنصرف الفتيات ويجلس عصام ورضا ينظران إلى الأديب السابح في أفكاره ولا يدريان أنهما أهديا له قصة واقعية ولكنها أغرب من الخيال .
—————————————-
الأشخاص :
عصام كبير معلمين لغة عربية ودين .
رضا معلم خبير لغة فرنسية .
الفتيات طالبات .
مكان القصة يتم تخمينه .