بقلـم :
الكاتب الصحفى
النائب محـمود الشاذلـــى
فلنحذر دعوات الفتنه التى تضر بالوطن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصر الحبيبه فى ضمير ويقين كل المصريين ، وهى الأهل ، والوطن ، والملاذ ، والمستقر ، فيها ولدت ، وفى مدفن عائلتى سيوارى التراب جسدى ، أنعم بظلها ، أستنشق هوائها ، لايطيب لى المقام إلا فيها حتى ولو كنت فى أجمل بلاد الدنيا ، لذا لن أقبل بأى حال من الأحوال أن يقترب منها أحدا بسوء ، أو يدفع لهدمها مغرض ، أو يتآمر عليها مجرم ، أو يهدر مقدراتها سفيه . مصر هى شريان الحياه ومنطلق التعايش ونبراس الوجود .
إنطلاقا من ذلك وبوضوح شديد أرفض وبشده أى دعوه للتظاهر كتلك التى يروج لها البعض بأن تكون سبتمبر الجارى ، أو تعطيل العمل ، أو الإقتراب من المنشآت ، أو هدم الإقتصاد ، أو ترويع الناس ولو بهاجس المظاهرات ، أو تخويفهم مما هو قادم ، أو بث الإحباط فى نفوسهم ، والعمل على تضليلهم ، بل إننى أرى أن من يدعو لمثل ذلك ولو بالقول مجرم لايعى قيمة الأوطان ، ولم يدرك تداعيات ذلك على أبناء هذا الشعب العظيم خاصة الفقراء ، والبسطاء ، والمهمشين ، ورقيقى الحال الذى أفخر بالإنتماء إليهم .
إن الدعوه لثوره جديده فى هذا المناخ الملتبس ، والظروف المعيشيه القاسيه ، والمجتمعيه الأشد قسوه هى دعوة يراد بها باطل ، ودفعا للمحرقه ، لأنه لاثوره لجهال ، ولاقيمه لأغبياء ، ولاشكوى لمغيبين عن الوعى ، ولاإعتبار لمن يدرك القهر والظلم ثم يصفق لفاعليه ، ويرى طمس معالم الإسلام حتى ولو كانت عبر حذف كلمة الإسلام ذاتها كما حدث بجمعية الشبان المسلمين العالميه العريقه والتى تم حذف الإسلاميه منها وأصبحت جمعية الشبان العالميه ثم لايستنكر ذلك أى أحد من الذين صدعوا أدمغتنا بالشعارات .. ياساده ياكرام الثورات لايصنعها جهلاء متخلفين أمثالنا ، لذا أتمنى أن تكون الدعوه للمظاهرات منطلقا لتصحيح المفاهيم .
إن تلك الدعوات تجعلنى أستحضر مامضى بالدراسه والتحليل تجردا للحقيقه لعل الغفلى يستيقظون ، والجهلاء يتعلمون ، والشباب يستوعبون خطورة مثل تلك الدعوات وتداعياتها على الوطن والمواطن ، الأمر الذى يجعلنى أقول مرتاح الضمير ، مؤسف أن ظننت يوما أن ثورة 25 يناير ستحقق آمال الشعب ، وطموحات الشباب تأثرا بالشعارات البراقه التى كانت تدغدغ المشاعر وتهز الوجدان ، وتجعلنى وغيرى نصفق لكل من يلقى خطابا حماسيا ، وإذا بنا نكتشف أنها ثوره أخرجت أفضل ماعند الشعب المصرى وأسوأ مالديه حيث جلبت القهر ، والذل ، والمهانه لكل أبناء الشعب ، وتأثر بتداعياتها أمثالى من الذين يبحثون عن غد أفضل للأجيال القادمه ، والأمنيات الطيبه أن يعيش الشعب فى رخاء خاصة وأننى أنتمى إلى جيل لم يعد لدينا طموحا فى شيىء بالحياه بعد أن أصبحنا على مشارف أن نودع تلك الحياه بكاملها حيث مستقر رحمة رب العالمين ، ويكفى ماحققه البعض منا من طموحات والوصول إلى أعلى المراتب الشعبيه والوظيفيه مثلى بفضل الله .
يتعين علينا أن نتذكر أنه تصدر الشباب مشهد الثوره وقبلت وغيرى أن يتحدثوا باسم الشعب ظنا منى أننى أصابنى عطب فى التفكير نظرا لإنتمائى لحزب ” الوفد ” الذى يضم العواجيز ، وإذا بهؤلاء الشباب يتملكهم الغرور ، ويتحكم فيهم الأنا وأخذوا يتقاسمون الغنائم الماديه والوظيفيه والشعبيه ، فجاء الإخوان وصفقنا وهللنا أملا فى الرخاء المنشود ، والمكان الذى نحلم به ، والمكانه التى نتمناها وظننت أن مصر تنتعش ، وتقدمت للترشح بالبرلمان على قوائم حزبهم وذلك عن الأحزاب المدنيه ولم يؤلمنى إعتراض البعض منهم على هذا الترشح تحفظا لإنتمائى الوفدى سياسيا ، رغم أنه تم وضعى فى مركز متأخر بالقائمه يستحيل معه النجاح ووضع قياداتهم ورموزهم فى الصداره ، ثم فوجئت بعد ذلك بالتحكم فى المناصب والإستحواذ عليها للمنتمين إليهم وحوارييهم ، بل إن منحها خضع لتوازنات حتى فى مواقع رؤساء التحرير التى أستحق أحدها عن جداره وإستحقاق كان لامكان فيه لأمثالى لأننى لست من المحظوظين وتبوأ المقاعد والوظائف القياديه بعض الحواريين ومن كانوا يهيلون التراب على الإخوان فى محاوله لإسكاتهم عن الهجوم عليهم ، وقد إعتبر البعض ذلك طبيعيا حيث يأتى إنطلاقا من تلك المرحله التى أسموها مرحلة الإستقطاب ، حتى بعد رحيل الإخوان أفرادا ، وكيانا ، ونظام كانت المأساه عندما تناول البعض منهم أمر ترقيتى لمنصب رفيع بالصحافه المصريه على أنه جاء وفقا لتوازنات عكس الحقيقه تماما ، وعبثا حاولت الإيضاح أن ذلك جاء إنصافا لم أنله فى عهدهم الأمر الذى وجدت فيه نفسى أعيش فى تيه مع كل جموع الشعب حيث ظللت متعجبا من أمرى أبحث عن الحقيقه الضائعه وما خلفته الثوره على شخصى وأبناء الشعب من ترديات .
رحل من أطلقوا على أنفسهم شباب الثوره بكل ماكان لديهم من خيلاء وغرور ، ورحل الإخوان وأصبحت مع كثر ندفع أمنيا ضريبة ثقتنا بأن ثورة 25 يناير ستنقل مصر إلى آفاق الآفاق ، لذا وبعد مرور كل تلك السنين كثيرا ماأسأل نفسى وأنا أتابع الذين تصدروا المشهد من شباب لم أكن أتصور يوما أن كل همهم تحقيق المكاسب الشخصيه ، والوصول على أكتاف حسنى النيه من أبناء الشعب ، وحتى البعض من الذين شاء قدرهم أن يكونوا نزلاء بالسجون من هؤلاء الثوار كان خلافهم حول التورته ومارسموه فى خيالهم من مناصب ومكانه ، وحتى الذين غادروا البلاد منهم خاصة إلى أوروبا صدمتنى ألفاظهم البذيئه التى ماباتوا يخجلون منها عبر رسائلهم على اليوتيوب خاصة الذين كان يعتبرهم الشباب أيقونة الثوره وزعماء النضال الملهمين .
قد يفهم البعض من تناولى هذا أننى أبغى من ذلك الترويج بأن الأمور الآن بالوطن على خير مايكون ، أو أننا نعيش فى رخاء فاق الوصف وتعدى الحد ، بل على العكس من ذلك تماما فكثيرا ماأجتهد قدر الإمكان أن أنقل هموم الناس وأوجاعهم والتأكيد على أنهم يئنون من الوجع تأثرا بشظف العيش وصعوبة المعيشه التى جاءت ناجمه عن قرارات لاتشعر بمعاناتهم المعيشيه ، وتفتقد للإنسانيه ، ولاضير أن أنبه من خطورة تلك القرارات بل إن ذلك واجبى لكن بعيدا عن تهييج الناس ، والدفع بهم إلى المجهول ، فقد تعلمت من زعيمى فؤاد باشا سراج الدين أهمية المعارضه الوطنيه الشريفه والمسئوله التى يجب أن تتعلم من دروس الماضى .
قد يظن البعض أن منطلق تناولى عربونا لمقعد بالبرلمان عبر بوابة القائمه المحظوظه التى يقودها الحزب الوليد ، والذى لو كنت أملك الملايين لتحقق ذلك لى بلا عناء ، ولو أردت لإستطعت بفضل الله ثم بثقة الكرام فى دائرة إتخاذ القرار من الأصدقاء الأحباب عشرة العمر الطويل الذين يرون فى شخصى المقدره على تمثيل هذا الشعب ، لكننى إعتذرت عن الترشح ولن أكون طرفا فى تلك المعادله البرلمانيه التى أهدرت قيمة العمل السياسى والنيابى وحتى المجتمعى .
خلاصة القول .. يتعين علينا جميعا أن نضع الوطن الغالى نصب أعيننا ، ونجتهد لتصحيح المسار وتصويب الأخطاء ، وتناول الموضوعات بحكمه وعقلانيه دون تهييج أو تهوين ، رافضا المشاركه فى أى مظاهرات ، أو مسيرات ، بل وأناشد الجميع ألا ينساقوا وراء تلك الدعوات التى ينادى بها البعض بالداخل من خلف ستار عبر الغرف المغلقه ، وهؤلاء الذين يقيمون بالخارج ولايشعرون بخطورة ذلك على الوطن وتداعياته على أبناء الشعب ، لذا كان من الطبيعى أن يروجوا لتلك الدعوات دون إنتباه منهم بالمعاناة المعيشيه لكل أبناء الشعب . وستظل الدعوات المخلصات أن يحفظ الله مصرنا الحبيبه ووطننا الغالى من كل مكروه وسوء .