اعرف بلدك: قصر الجيزة
كتب: أحمد آدم
في حديقة الحيوان الواقعة في منطقة الجيزة، وتحديدًا داخل “مغارة الشمعدان” الشهيرة بمغارة التمني، يوجد مقعد ملكي موثق عليه تاريخ 1861م، وهو تاريخ يسبق تاريخ التأسيس الفعلي لإنشاء الحديقة. يرجح بعض المؤرخين أن هذا الكرسي بطرازه الملكي يعد جزءًا من قصر “سراي الجيزة” قبل أن يهدم القصر الذي توسط السراي وتُضَم بعض حدائقه إلى المنطقة التي بُنيت عليها حديقة الحيوان بالجيزة، فعلى الرغم من ضخامة ما تم إنفاقه على سراي الجزيرة (فندق الماريوت بالزمالك حاليا) فإنه يُعد ضئيلاً إذا ما قورن بما تم إنفاقه على سراي الجيزة.
كان قصر الجيزة “أعجوبة زمانه” نظرًا لجماليات العمارة الإسلامية التي زانت مبناه من الخارج، فضلًا عن عراقة تصميماته الداخلية، كان في البداية قصرًا صغيرًا بناه سعيد باشا عم الخديوى إسماعيل على مساحة 30 فدانًا، وعقب وفاته اشتراه الخديوي إسماعيل من ابنه طوسون وضمه إلى السراي الخديوية.
أعاد الخديوى إسماعيل بناءه وفرشه وجاء بمتخصصين في تنظيم البساتين من الأستانة، وكانت هناك إلى جانب الأشجار والزهور المتنوعة والفريدة أكشاك الجلوس للاستمتاع بالمناظر الخلابة وأقفاص الطيور النادرة، فكانت حديقة قصر الجيزة على غرار حديقة سراي الجزيرة، ولم يكتفِ الخديوي بتلك المساحة بل زاد فيها باتجاه النيل. الخديوي إسماعيل أراد أن يجعل “سراي الجيزة” الأكثر تميزًا، لذا استدعى متخصصين من الأستانة لتنسيق حدائق السراي الجديدة، فأتوا بالحصى الملون من جزيرة “رودس” اليونانية لتزيين ممراتها، وجلبوا لحدائقها جبلاياتًا وأكشاكا، وزودوها بالطيور والحيوانات النادرة بين العامين 1870 و1872م، لذلك أصبحت حدائق السراي نواة حديقة الحيوان.
وعندما اتجهت الحكومة عام 1874م إلى تحويل إحدى حدائق السراي إلى حديقة حيوان، تم اقتطاع جزء من سراي الجيزة تبلغ مساحته نحو 50 فدانًا ليضم إليها ويعاد تنسيقها بشكل يصلح لعرض مختلف الحيوانات والطيور، وعندما افتتحت حديقة الحيوان في العام التالي 1875م، تبرعت الأميرة فاطمة بجزء من حدائق السراي لتضم إليها، ثم أضيفت إليها حدائق الأورمان القبلية عام 1938م فأصبحت مساحتها نحو80 فدانا. جدير بالذكر أن هذا القصر استُخدم قبل هدمه بفترة كدارٍ للآثار المصرية وكمتحف قبل بناء المتحف المصري في ميدان التحرير بوسط القاهرة في العام 1902م.