الكاتب الصحفى
النائب محمود الشاذلى
رئيس جامعة طنطا والإنسانيه المفتقده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإنسانيه فى يقينى منطلق كل الفضائل ، ونبع كل إحساس بالآخر ، والركيزه الأساسيه لبناء مجتمع يقوم على الإحترام ويبنى على الفضائل ، لذا من إفتقد الإنسانيه إفتقد العطاء الحقيقى حتى ولو كان قد وصل إلى أعلى الدرجات العلميه ، من هنا كان تولى المسئوليه أمانه لايجب أن يتحملها إلا من هو إنسان ، وماالقسم أن يؤدى وظيفته بالأمانه والصدق إلا تأكيدا على تلك الإنسانه . من هنا وجدنا كل مسئول ناجح هو فى الأصل إنسان .
إنتابنى اليوم حاله من الإنزعاج الشديد على هذا الوطن الغالى وعلى مستوى المسئولين فيه تأثرا بما لمسته من طريقة تفاعل البعض منهم مع هموم الناس خاصة المرضى منهم ، وتعاطيهم مع مشاكلهم وإحتياجاتهم ، الأمر الذى يجعلنى أقول بصراحه أنه لاكرامه ولاإحترام ولاتوقير لأى مسئول فى هذا الوطن الغالى يتعامل مع أبناء هذا الشعب العظيم على أساس أنه سيدا عليهم وليس خادما لهم منوط به التفاعل مع قضاياهم .
لم يكن فى برنامجى اليوم الذهاب إلى الدكتور مجدى سبع رئيس جامعة طنطا وذلك قبل التحرك من بلدتى بسيون إلى طنطا عاصمة المحافظه قاصدا الخلوق المحترم النبيل الدكتور إسلام صبرى الشاب الرائع مدير مركز أورام طنطا لمساعدة إحدى المريضات ، لكننى تلقيت إستغاثه من أسرة أحد مرضى بلدتى يستنجدون بى نظرا لتدهور صحته حيث يخضع للعلاج من أورام بمستشفيات جامعة طنطا وحالته خطيره ، ويعانى معاناه بالغة الشده فأجريت إتصالا بالفاضله الأستاذه آمال أبوباشا مدير عام مكتب الدكتور سبع للإطمئنان على حضور سيادته ثم ذهبت إليها وأحسنت إستقبالى فهى إبنة الأصل الطيب ، ثم إلتقيت الدكتور سبع وياليتنى ماإلتقيته لأن هذا اللقاء زلزل كيانى بحق كمواطن قبل أن أكون كاتبا صحفيا يشغل موقعا رفيعا بالصحافه المصريه ونائبا سابقا بالبرلمان .
ماإكتشفته أن هذا الرجل مع شديد إحترامى لشخصه الكريم ، وعلمه الغزير ، ومكانته الرفيعه ، لايعنيه أى أحد ، حتى شخصى الضعيف ، ولايعنيه أن يتعامل بإحترام من عدمه معى أو مع غيرى من الناس طالما يتعامل بإحترام شديد ، وتوقير أشد مع الأجهزه الأمنيه وكل من يملك زمام جلوسه على الكرسى ، بل إنه دائما مايتمسك بأن يكون مطأطىء الرأس ، مربع اليدين أمام أحدث رتبه أمنيه ، بل إنه يتعامل مع المترددين عليه بألف وجه فى آن واحد ، وهذا الإبداع فى التعامل لايتوافر إلا عند المسئولين الألمعيين ، فعند دخولى عليه بمكتبه كان ودودا ، حبوبا ، ملاكا مع من كانوا معه ، لكنه سرعان ماتجهم وجهه والشرر يكاد يخرج من عينيه ، وأصبح إنسانا مستفزا فور إدراكه أننى أخرج أوراقا من جيبى هى تحاليل وتقارير أشعات بالحاله المرضيه رافضا ليس النظر فيها وفقط بل معرفة محتواها ، وإمعانا فى التدنى أشار لى أن أعطيها إلى عامل البوفيه مع إحترامى لعامل البوفيه الذى أقدر وظيفته وماإعتراضى إلا لأنه ليس منوط به أخذ الأوراق من أى أحد ، أى والله العظيم عامل البوفيه الذى كان قد أدخل لتوه شاى وقهوه لضيوفه دون حتى إبداء الرغبه أن أتشرف بمشاركتهم الشاى ، أو حتى بالجلوس مؤكدا على أنه لاينظر لمثل تلك الطلبات إلا فى وقت يراه هو مناسبا له ، مخاطبا شخصى بـ ” الحاج ” على سبيل السخريه رغم أنه يعرف جيدا مع من يتكلم لأننى لم ألتقيه إلا بعد أن أعطته الأستاذه الفاضله آمال أبوباشا علما بشخصى ، لذا سرعان ماإنصرفت ، ومن هول المفاجأه التى ألجمت لسانى ولم أنتبه أنه كان يتعين أن أقول له عيب دكتور مجدى سبع لامؤاخذه ،
يقينا .. أتصور أن هذا الوطن الغالى ظلم كثيرا بصراحه شديده بالدكتور مجدى سبع وبأمثاله من المسئولين الألمعيين الذين أضروا بالحكومه ، وأساءوا لمناصبهم ، وأهدروا قيمة ماتعلموه عبر سنين عمرهم ، ولم يدركوا أن قيمة الإنسان فى تعاطيه مع هموم الناس ، وليس فى البحث عن منصب هو زائل إما بالمعاش كما فى حالته بعد أيام وإما بالإقاله ، وأن القياده السياسيه تدرك جيدا أنه ماذهب إلى لبنان على رأس وفد طبى لعلاج بعض ضحايا إنفجار بيروت إلا ليلفت النظر إليه لعله ينال منصب وزارى بعد خروجه على المعاش بعد أيام ، ولو كان صادقا مع نفسه لنظر إلى التقارير الطبيه التى كنت أحملها إليه .
خلاصة القول وبمنتهى الإحترام والتقدير لشخص الدكتور مجدى سبع وكل المسئولين أرى أنه من المناسب إنطلاقا من تلك الواقعه المخزيه التى عرضتها بأمانه مطلقه أن أطالب بحتمية حصول كل المسئولين قبل أن يشغلوا موقعا وظيفيا رفيعا على دوره تدريبيه عن الذوق فى التعامل ، والأدب فى التعايش ، والإحترام فى التواصل مع الناس كل الناس فى القلب منهم البسطاء والمهمشين ورقيقى الحال الذين لايستطيعوا الإقتراب من خيال منازل هؤلاء البهوات من المسئولين ، أو حتى المرور من الشوارع التى تقع فيها مكاتبهم المكيفه التى شيدت بأموال المساكين من أبناء الشعب .