بعد مرور شهرٍ على الانفجارين المُفجِعين في مرفأ بيروت، تبْقى الاحتياجات الإنسانية للناجين عالقة تنتظرُ تلبيتَها بينما تزداد يومًا بعد يوم. أودت الكارثة التي وقعت في 4 أغسطس/آب الماضي بحياة ما لا يقل عن 190 شخصًا، وجرحِ ما يقارب 6500 شخصًا آخر، وخلّفت وراءها 300000 شخص من دون مأوى.
وتساعد جمعية الصليب الأحمر اللبناني أكثر من 106000 شخصًا من فئة الناجين الأكثر ضعفًا بخدمات الإسعاف والخدمات الطبية والدعم النفسي، كما تعمل على تقييم احتياجاتهم على المدى القصير والمدى الطويل.
تمّ تقييم وضع أكثر من 6000 منزلًا حتى اليوم، وتحتاج الغالبية العُظمى من هذه الأُسَر (بنسبة 96%) إلى المساعدات اللازمة لترميم منازلهم، وأيضا إلى العناية الطبية، والأدوية؛ خاصة تلك اللازمة للأمراض المزمنة، وبالطبع تحتاج أيضا هذه الأسر إلى المساعدات النقدية والطعام. ونتيجة القيود المصرفية المفروضة منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019م، فإن نسبة 13% فقط من الأُسَر أبلغت بأن لديها حسابات توفير يمكنهم الوصول إليها.
وقال السيد “جورج كتانة” الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني، إن “الصليب الأحمر اللبناني سيبدأ في القريب العاجل بتوزيع الدعم النقدي المباشر لأكثر من 10000 عائلة، وسنقوم بصرف خمسة ملايين دولار أميركي كل شهر على التوزيع النقدي المباشر لتمكين الناس من التمتّع بدرجة من الكرامة في شراء طعامهم الخاص وتلبية متطلباتهم الخاصة”، “وفي ضوء حدّة وتأثير هذه الكارثة، سوف يعتمد الكثير من الناس على الدعم الوطني والدولي للمانحين؛ ولفترة زمنية طويلة قبل أن يتمكّنوا من إعادة بناء حياتهم وسُبل عيشهم”.
وتشير حالات التقييم إلى أن ما يزيد على نصف الناجين الذين خضعوا للتقييم (بنسبة 57%) لديهم فردٌ في العائلة يعيش مع مرض مزمن يتطلّب دواءً، و8% يعيشون مع حالة إعاقة ما، و5% بينهم من النساء الحوامل والأمهات المُرضِعات، كما تركت الكارثة أثرًا حادًا على الوضع النفسي والصحة النفسية لعموم السكّان؛ بمن فيهم العاملين والمتطوّعين في الصليب الأحمر اللبناني. وبينما لم يتم بعد تقييم الانعكاسات طويلة المدى لهذه الكارثة، يوفّر الصليب الأحمر اللبناني الدعم النفسي الاجتماعي في ثلاثة مواقع بالقرب من منطقة الانفجار، ويعمل أيضًا المتطوّعون والعاملون في الصليب الأحمر اللبناني للحفاظ على تقديم الخدمات بشكل منتظم مثل خدمات الطوارئ الطبية، وعمليات نقل الدم.
وصرّح الدكتور “حسام الشرقاوي” المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بأنه “لم يعد الانفجاران يحتلّان عناوين الأخبار الأولى، لكن أثرهما ما زال يحطّم حياة مئات الآلاف من الناس الذين هم بحاجة ماسّة إلى ترميم بيوتهم، وإلى الرعاية الطبية، والأدوية، والمال النقدي، والغذاء. ويقوم الصليب الأحمر اللبناني بكل ما بوسعه، لكنه يحتاج إلى دعمنا ودعم المانحين للقيام بالمزيد”.
لقد أطلق الصليب الأحمر اللبناني مناشدة لجمع 19 مليون دولار أميركي للاستجابة للاحتياجات خلال الأشهر الثلاثة الأولى والاستمرار في خدمات الطوارئ الطبية وعمليات الإغاثة، وفي خطوة منه لمسانَدة الصليب الأحمر اللبناني، ناشد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لجمع 20 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 21.8 مليون دولار أميركي) لتوسيع نطاق الدعم الطبي والسكني وسُبل العيش خلال الأشهر الـ24 المقبلة.