إيناس مقلد – الوكالات:
خاض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس رهاناً صعباً فى بيروت، حيث مارس ضغطاً كبيراً على القوى السياسية لتشكيل «حكومة بمهمة محددة» سريعاً تضطلع بإجراء إصلاحات «أساسية»، على أن يتولى بنفسه تقييم التقدّم ويزور مجدداً لبنان نهاية العام الجاري.
وينطلق ماكرون الذى يزور بيروت للمرة الثانية خلال أقل من شهر، من أنّ مساعيه تعدّ «الفرصة الأخيرة» لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي فى لبنان. ولم يتردد فى إبداء استعداده لتنظيم مؤتمر دعم دولي جديد مع الأمم المتحدة الشهر المقبل.
لكن حشدا من المتظاهرين الذين تجمعوا بعد الظهر فى وسط بيروت دعوه إلى عدم التعامل مع الطبقة السياسية التى يطالبون برحيلها.
واستبقت القوى السياسية وصول ماكرون بساعات بتكليف مصطفى أديب، سفير لبنان فى برلين، وهو شخصية غير معروفة من اللبنانيين، تشكيل حكومة جديدة.
وأطلق ماكرون الذى عقد خلوة مع نظيره اللبناني ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري فى القصر الرئاسي حيث أقيم غداء رسمي على شرفه بحضور كبار المسؤولين ورؤساء كتل برلمانية وسفراء، مواقف بارزة، خصوصاً ما يتعلّق بتشكيل «حكومة بمهمة محددة فى أسرع وقت».
وفيما يتعلّق بتسمية أديب التى جاءت ثمرة توافق سياسي بين أبرز القوى وتحديدا رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وعون وحزب الله، قال ماكرون أمس «يجب منحه كل وسائل النجاح»، بعد أن أكد فى وقت سابق أنه «لا يعود لي أن أوافق عليه أو أن أبارك اختياره». إلا أنه اعتبر أن تسميته السريعة بعد ثلاثة أسابيع من استقالة حكومة حسان دياب، بدلاً من «ستة أشهر»، هى «إشارة أولى» على «تغيير أكثر سرعة» ربطه بالضغط القائم على الطبقة السياسية.
وقال ماكرون، فى تصريحات لموقع «بروت» الفرنسي من مرفأ بيروت الذى تفقده ظهراً، إنه «سيضع ثقله» ليتمكن أديب الذى التقاه ليل الإثنين ومجدداً فى غداء بعبدا، من تشكيل حكومة سريعاً قادرة على «إطلاق إصلاحات» بنيوية.
وغالباً ما يستغرق تأليف الحكومة فى لبنان أسابيع عدّة أو حتى شهوراً. ولا يُعلم ما إذا كان وضع لبنان تحت المجهر الفرنسي هذه المرة وتداعيات الانهيار الاقتصادي الذى فاقمه الانفجار، قد يسرّع مساعي التأليف.
وغرّد ماكرون ظهراً «سيتمكّن لبنان من التعافي من الأزمة التى يمرّ بها».
ويسعى ماكرون الذى يعلم أن رهانه فى لبنان «محفوف بالمخاطر» إلى إنجاز مهمته والحصول على نتائج سريعة للحفاظ على مصداقيته أمام المجتمع الدولي، بإصراره على إجراء إصلاحات «أساسية» للحدّ من الفساد المستشري فى قطاعات عدة أبرزها الكهرباء والمرفأ والحسابات المالية. ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إجراء هذه الإصلاحات لتقديم الدعم المالي له.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون يعتزم إجراء زيارة ثالثة إلى بيروت فى ديسمبر.
وخلال حوار مع ممثلين عن المجتمع المدني والأمم المتحدة على متن حاملة المروحيات «تونّير» فى مرفأ بيروت، قال ماكرون «نحن بحاجة إلى التركيز خلال الأشهر الستة المقبلة على حالة الطوارئ وأن نستمر فى حشد المجتمع الدولي». وأضاف «أنا مستعد لننظم مجدداً، ربما بين منتصف ونهاية أكتوبر مؤتمر دعم دولي مع الأمم المتحدة».
وقال ماكرون لاحقاً فى تصريحات صحافية «أقترح أن تكون هناك آلية متابعة، فى أكتوبر ثم فى ديسمبر، وهذا ما سألتزم به شخصياً».