بقلم الدكتور محمد الحلفاوى
دفاعا .. عن السيد أحمد البدوي
انتشر فى الآونة الأخيرة منشور بعنوان ” ضريح الشرك والكفر .. ضريح دفاعًا عن السيد أحمد البدوي بطنطا ” ولم يكتف كاتب المنشور بعنوانه الصادم ولكنه حشاه بالأباطيل والأكاذيب ضد شخص القطب الصوفى الكبير السيد أحمد البدوى رحمه الله .
وسرعة انتشار ومشاركة المنشور على صفحات التواصل الاجتماعى يؤكد أن الموضوع ليس عملا فرديا ولكنه يتم فى إطار خطة ممنهجة ضد آل البيت الكرام يقوم بها ” النواصب الجدد ” الذين يكنون بغض آل البيت فى قلوبهم وإن كانوا يدعون أنهم يحبونهم بألسنتهم !!
و” النصب ” مرض خطير ابتلى به المحجوبون منذ زمن طويل .
فهذا أبو بكر ابن العربى الفقيه المالكى يبرر قتل يزيد للإمام الحسين رضى الله عنه قائلا فى كتابه ” العواصم من القواصم ” : إن الحسين قتل بسيف جده !!!
وهذا ابن تيمية الذى جعلوه شيخا للإسلام يجعل السفر لزيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم : سفر معصية لا يجوز فيه قصر الصلاة .. وينتقص الإمام على رضى الله عنه وآل بيت النبى فى كتابه ” منهاج السنة ” منكرا أحاديث متواترة فى فضل الإمام على كرم الله وجهه !!
وهؤلاء أدعياء السلفية يعتبرون مجرد زيارة مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد البدوى والسيد إبراهيم الدسوقى : شرك .
لذلك فإن منشور التطاول على السيد أحمد البدوى ليس غريبا وشاذا بل يتم فى إطار حملة ممنهجة .
ولما كان المنشور قد أثار استياء وغضب أصحاب الفطر السليمة الذين تربوا على حب وتوقير أولياء الله الصالحين .
فكان لزاما توضيح حقيقة ما جاء بالمنشور وهل يستند لدليل أم أنه مجرد أباطيل !!
أولا : تعريف موجز بالسيد أحمد البدوى ” 596ه – 675ه ” :
هو أحمد بن على بن إبراهيم بن محمد بن أبى بكر بن إسماعيل بن عمر بن على بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن على بن محمد بن حسن بن جعفر بن على الهادى بن محمد الجواد بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الإمام الحسين بن سيدنا الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه .
وهذا ما أجمع عليه علماء الأنساب والمؤرخون المحققين أمثال المقريزى والمرتضى الزبيدى
وقد ولد رحمه الله بمدينة فاس بالمغرب ثم هاجر إلى مكة المكرمة وهو ابن 7 سنوات وعندما بلغ 38 عاما سافر للعراق عائدا لمكة ثم هاجر لمدينة طنطا بمصر ومكث بها حتى توفى عن عمر يناهز 79عاما .
ثانيا : تاريخ الهجوم على السيد أحمد البدوى :
فى عام 1927م نشرت جريدة السياسة الأسبوعية عدد 89 مقالا بعنوان ” المولدان الأحمدى والدسوقى ” بقلم كاتب مجهول .. أدعى أنه عثر على مخطوطة بالمغرب تقول : إن السيد أحمد البدوى جاسوس شيعى اسماعيلى فاطمى , جاء لمصر لإعادة حكم الفاطميين .
وفى عام 1966م نشر الدكتور سعيد عاشور كتاب ” السيد أحمد البدوى : شيخ وطريقة “
اتهم فيه السيد أحمد البدوى أنه جاسوس شيعى جاء لمصر لإعادة حكم الفاطميين واستند لمقال ” المولدان الأحمدى والدسوقى ” للكاتب المجهول ومخطوطته التى ليس لها مؤلف ولا مكان ولا رقم .
وفى عام 1991م نشرت مجلة التوحيد لسان حال جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر كتيبا كهدية مع المجلة بعنوان ” السيد البدوى : دراسة نقدية ” باسم الدكتور عبد الله صابر ” وهو اسم وهمى لأحد أدعياء السلفية بطنطا ” 1) والكتيب ملئ بالنقد والتشويه للسيد البدوى مستدلا بما نشر فى 1927 و1966م 2)
ثالثا : المدافعون عن السيد أحمد البدوى :
إن سجل المدافعين عن السيد أحمد البدوى رضى الله عنه يضم أعلاما وأئمة كبارا منهم :
1-الإمام عبد الوهاب الشعرانى :
يقول : ” السيد الحبيب أبو العباس سيدى أحمد البدوى الشريف رضى الله عنه وشهرته فى جميع أقطار الأرض تغنى عن تعريفه ولكن نذكر جملة من أحواله تبركا به ” 3)
2- الإمام جلال الدين السيوطى :
يقول : ” سيدى أحمد البدوى هو أبو الفتيان … وكان حفظ القرآن وقرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعى واشتهر بالعطاب لكثرة ما يقع بمن يؤذيه من الناس وتؤثر عنه كرامات وخوارق ” 4)
3- الإمام عبد الرءوف المناوى :
يقول : ” أحمد بن على بن إبراهيم … البدوى الشريف الحسيب النسيب وكراماته أشهر من أن تذكر ” 5)
4- الإمام شهاب الدين الرملى :
يقول : ” سيدى أحمد البدوى نفعنا الله به ” 6)
5- الإمام عبد الحليم محمود :
يقول : ” لقد درس السيد القرآن بقراءاته السبع , ودرس الفقه على مذهب الإمام الشافعى , ولقد تحداه العلماء بأسئلتهم فتحداهم بعلمه وإجاباته الرقيقة , وكان يتكلم فى مسألة واحدة من علم القوم من الظهر إلى العصر ويطيب وقته بحديثه ” 7)
” أصبحت حياة السيد هداية وإرشادا , فهو يأخذ العهد على المريدين مبتدأ بمبدأ العهد وهو التوبة , ثم يلقنهم الذكر ويقودهم إلى الله تعالى , حتى إذا استقامت نفوسهم وحتى إذا اطمأن إلى تربيتهم بعثهم هادين مرشدين هنا وهناك ” 8)
” الحقيقة الثابتة التى لا مناص من الاعتراف بها هى أن السيد رجل قد وهب نفسه لله , ملتزما أمرين لم يتخل عنهما طيلة حياته : أحدهما مجاهدة نفسه بالعبادة والزهد والتقوى والثانى هداية الناس على أساس من الكتاب والسنة ” 9)
6- الأستاذ الدكتور جودة المهدى :
يقول :
” وفى الذروة العليا ممن تربعوا على عرش الولاية الربانية والوراثة المحمدية : الإمام العارف والغوث الفرد الجامع , قطب أقطاب الأولياء وسلطان العارفين الأصفياء … السيد الحسيب النسيب سيدى ومولاى السيد أحمد البدوى رضى الله تعالى عنه ” 10)
” بيد أن حقائق التاريخ تشهد للسادة الصوفية عامة وللإمام البدوى على وجه الخصوصبأنهم قادة الجهاد وصناع المجاهدين ومراجع الشورى للملوك والسلاطين فى القضايا المصيرية للأمة ” 11)
وأثبت بالمراجع والرسائل الجامعية مشاركة السيد أحمد البدوى فى حرب التتار والفرنجة .
رابعا : مهاجمو السيد أحمد البدوى :
يتزعم حملة الهجوم الممنهجة على أولياء الله الصالحين وفى القلب منهم السيد أحمد البدوى رضى الله عنه أدعياء السلفية وهذه نماذج من أقوالهم بمجلة التوحيد لسان حال جمعية أنصار السنة المحمدية المشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى !!!
ـــ فى العدد (2) صـــ 24 المجلد 23 لسنة 1415هجرية وتحت عنوان ” النصيحة المفتقدة “
بقلم محمد رزق ساطور رئيس فرع أنصار السنة المحمدية بترعة غنيم
جاء فيه :
إتهام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية التى تنقل مراسم الليلة الختامية لمولد السيد البدوى بأنها تؤيد بذلك الشرك وتشارك فى انتشاره .
– وفى العدد (2) صـ57 المجلد 26 سنة 1418 هـ وتحت عنوان ” الفهامة ـوالحسرة والندامة ” بقلم : مصطفى درويش
جاء فيه :
- مولد البدوى …. يذكرنا بالقليس الذى بناه إبرهة الحبشى ليصرف الحجيج عن بيت الله الحرام .
- إنها وثنية شيخ العرب والقطب الربانى والثالثة الأخرى صاحبة الشورى ورئيسة الديوان !!
- وفى العدد (8 ) صــ 34 المجلد 26 وتحت عنوان “الفتاوى “
إعداد : لجنة الفتوى بالمركز العام
جاء فيه :
ـ السيد البدوى ليس بينه وبين الإسلام صلة !!
- وفى العدد (1) صــ 60 المجلد 27 سنة 1419هجرية وتحت عنوان ” الصوفية بغير قناع ”
بقلم : مصطفى درويش
جاء فيه :
ــ يستشهد بتحقيق نشرته جريدة الدستور بتاريخ 25 يونية 1997م عنوانه “دراسة خطيرة … الصوفية علمت 6 ملايين مصرى الخضوع والنفاق” مع أن المجلة إتهمت الجريدة قبل ذلك بأنها مشبوهة وتحارب علماء الإسلام !!!
ــ يقول : الحسين ليس فى القاهرة وإنما فى القاهرة نصب من معدن وكسوة أطلق عليها الحسين وهذا النصب وثن يعبد من دون الله .
ـ يقول : إن ما يفعل بنصب البدوى شرك وكفر وإلحاد
والمثير للأسى أن هذا الكلام الخطير منشور بمجلة مصرح بها وتتبع جمعية مشهرة وتشرف عليها الدولة ولم يتم إتخاذ أى إجراء قانونى ضدها .
خامسا : الرد على ما جاء بالمنشور :
1-التشكيك فى نسب السيد أحمد البدوى :
الرد :
الطعن فى الأنساب محرم شرعا والناس مؤتمنون على أنسابهم كما قال الإمام مالك وهذا أمر متفق عليه بين العلماء , إلا أن أدعياء السلفية لا يلتزمون بذلك ويطعنون فى أنساب مخالفيهم وخصوصا كبار الصالحين والأولياء , وهذه جريمة كبرى يجب التصدى لها شرعا وقانونا .
لأن المعتمد عند فقهاء المسلمين أن الطعن فى الأنساب جريمة يستحق مقترفها :
حد القذف أو التعزيز .
ونسب السيد أحمد البدوى إلى آل البيت الكرام ثابت عند علماء الأنساب وكتب الطبقات
حتى أن الدكتور سعيد عاشور مؤلف كتاب ” السيد أحمد البدوى : شيخ وطريقة ” والذى يعتبر من مهاجمى السيد أحمد البدوى يعترف بنسبه الشريف .
2-إتهام السيد أحمد البدوى بأنه كان شيعيا اسماعيليا باطنيا :
الرد :
هذا مجرد افتراء لا يقوم على أى دليل يعتد به !!
وهذا الإتهام الباطل بنى على باطل وهو مقال جريدة السياسة الأسبوعية ” المولدان : الأحمدى والدسوقى ” الذى وقع باسم مجهول ” عالم كبير وكاتب معروف ” واستند المقال اللقيط إلى ” مخطوطة مغربية ” مجهولة غير معروف صاحبها ولا رقمها ولا فى أى مكتبة توجد !! وأين هى الآن ؟! وهل اعتمدها علماء المخطوطات أم هى مزورة ؟!
وقد نسب أدعياء السلفية هذا المقال اللقيط إلى الأستاذ الأكبر / مصطفى عبد الرازق الذى تولى مشيخة الأزهر فيما بعد ولكن الأستاذ الدكتور جودة المهدى أثبت عدم صحة تلك النسبة مستشهدا بأن المتواتر عن الشيخ مصطفى عبد الرازق رحمه الله عدم معاداته أو خصومته للتصوف وأقطابه وأن فى ثبت مؤلفاته كتابا كبيرا فى التصوف .. وأن المعروف عن الشيخ أنه شجاع فى الحق فكيف يتخفى وراء توقيع مستعار… وبما عرف عن الشيخ مصطفى عبد الرازق من خلق رفيع وتواضع جم يمنعه من التوقيع باسم ” عالم كبير ” وهو البصير بقوله تعالى ” فلا تزكوا أنفسكم ” … وقام الأستاذ الدكتور جودة المهدى بالاتصال بأسرة الشيخ مصطفى عبد الرازق وعلى رأسهم نجله الأستاذ ممدوح والدكتور سعاد اللذين نفيا بالقطع صحة نسبة هذا المقال المزعوم للشيخ وأكدا إحترام والدهما لأولياء الله الصالحين ومنهم السيد البدوى بيقين ولا سيما وأنه كان يدرس التصوف والفلسفة الإسلامية بالأزهر الشريف .. وأكد نجل الشيخ على دعوى توقيع والده ب ” عالم كبير وكاتب معروف ” بأنها دعوة باطلة وأنه فى حالة عدم توقيعه باسمه كان يوقع بالرمز ” م ” ثم إنه فى عام 1927م لم يكن بعد عالما كبيرا .. وأضاف الأستاذ الدكتور جودة المهدى كيف يعقل أن يكتشف الشيخ مصطفى عبد الرازق هذا الاكتشاف ولم يشتهر عنه لدى أثبات العلماء من أقرانه وتلاميذه وأصدقائه … وأن آثار الشيخ ومقالاته قد تم جمعها فى مجلد كبير وليس بها هذا المقال المكذوب . 12)
وحتى لو صحت – جدلا- نسبة المقال للشيخ مصطفى عبد الرازق .. فنحن نعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال .
وللدكتور عبد الحليم العزمى محاضرة ضافية فى الدفاع عن السيد أحمد البدوى منشورة على اليوتيوب جاء فيها :
لو كان السيد أحمد البدوى شيعيا لعرف ذلك بين خاصة تلاميذه وهذا لم يحدث فكل تلاميذه صوفية من أهل السنة .
ولو كان السيد أحمد البدوى شيعيا لثبت ذلك بمراجع وتواريخ الشيعة الإمامية أو الاسماعيلية وهذه مراجعهم لا يوجد بها أن السيد أحمد البدوى من قادة الشيعة التاريخيين .
2- إتهامه السيد أحمد البدوى بأنه جاسوس فاطمى :
الرد :
وهذا إتهام ساذج ليس عليه أى دليل إلا تخرصات أدعياء السلفية أعداء آل البيت
فهل يعقل أن يغفل حكام مصر من الأيوبيين والمماليك عن جاسوس فاطمى وهم من هم فى حربهم للفاطميين ؟!
هل يعقل أن الظاهر بيبرس وهو من هو فى عدائه للفاطميين يغفل عن جاسوس فاطمى بل يجله ويقبل يديه ؟!
هل يعقل أن يحارب جاسوس مع الدولة التى يعمل على الإنقضاض عليها ومشاركة السيد أحمد البدوى فى الحرب ضد التتار والصليبين ثابت تاريخيا ؟!
علاوة على أن السيد أحمد البدوى رحمه الله دخل مصر بعد انتهاء حكم الفاطميين بحوالى 70 سنة .
فهل يعمل ” جاسوسا بأثر رجعى ” على حد تعبير الدكتور عبد الحليم العزمى !!
3-إتهام السيد البدوى بأنه طاف ساجدا حول قبر الحلاج :
الرد :
هذا الإتهام محض افتراء وليس له أن سند أو مصدر يعتد به …إلا تخرضات النواصب وأدعياء السلفية .
وهذه كتب التاريخ وطبقات الأولياء ليس بها مطلقا أن السيد أحمد البدوى سجد لقبر الحلاج , ولكن الثابت أنه أثناء زيارته للعراق زار أضرحة الأولياء تبركا بهم مقتفيا آداب الزياة .
4-إتهام السيد أحمد البدوى بأنه ومريديه كانوا يصرخون ويهللون بعبارات الشرك وكانوا يتبولون ويتبرزون ثم يرمون قذارتهم من فوق السطوح :
الرد :
هذا الكلام كما يقول العامة ” كلام مصاطب ” ليس عليه أى دليل يعتد به .
كيف يهلل ويصرخ السيد أحمد البدوى ومريدوه بعبارات الشرك .. وكتب الطبقات تعترف له بأنه من أولياء الله الصالحين ؟! ما لكم كيف تحكمون ؟!
ما هذه الحملة المسعورة لتشويه أولياء الله الصالحين بدون أى دليل ؟!
أين هم من توجيهات فقهاء الأمة بوجوب حسن الظن بالمسلم العادى وحمل أمره على أحسن الوجوه .
فكيف بأولياء الله الصالحين وآل بيته الأطهار ؟!
أين هم من قوله تعالى فى الحديث القدسى : ” من عادى لى ولى فقد آذنته بالحرب ” رواه البخارى وفى رواية ” فقد بارزنى بالمحاربة ” ؟!
أما موضوع أن السيد أحمد البدوى ومريدوه كانوا يتبولون ويتبرزون ثم يرمون قذارتهم من فوق السطوح !!
فهذا الكلام الفارغ لا يقبل أن يقال على عوام الناس ؟!
فكيف تجرأ هؤلاء المحجوبين ورموا بهذا الكلام الفارغ أحد أقطاب التصوف الكبار الذى شهد له الأئمة الأعلام بأنه من الأقطاب ؟!
هل وصلنا إلى هذا المنحدر فى تشويه رموزنا وأعلامنا بهذه الاتهامات الغير معقولة وبدون أى دليل ؟! ولمصلحة من يتم ذلك ؟!
5-إتهام السيد أحمد البدوى بأنه لم يصل ولم يركع لله ركعة :
الرد :
يقول الدكتور جودة المهدى :
” وزعموا – زورا وبهتانا – أنه كان متحللا من التكاليف الشرعية إيجابا وسلبا فادعوا عليه ترك الصلاة وحاشاه وهو الصوام القوام العابد الأواه . كيف يتصور ذلك ممن أجمعت المصادر التاريخية وأئمة علماء الأمة على تحققه بالصلاح والتقوى فكان قدوة للهداة والمصلحين ومثلا أعلى لشيوخ الإسلام والدعاة المتقين ” 13)
ويقول الشيخ شمس الدين الشاذلي :
” وكان له إمامان يصليان به … وكان إذا جن الليل يقرأ القرآن إلى الصباح ” 14)
يقول الإمام عبد الحليم محمود : ” وهو لم يكن محافظا على الصلاة فى أوقاتها فحسب , وإنما كان محافظا علي الصلاة فى وضعها الكامل , أعنى فى جماعة , وقد خصص لذلك إمامان يصليان به , فإذا غاب أحدهما كان الآخر موجودا حتى تكون الأوقات كلمها متسمة بالكمال المطلوب , وكان على غرار كثير من الصوفية يتحاشى أن يصلى إماما , وذلك ليتجرد كل التجرد عن أن يشوب أعماله رائحة المظاهر أو سمة التظاهر ” 15)
6- إتهام السيد أحمد البدوى بأنه دخل المسجد وتوجه إلى القبلة وبال فيها والمرجع كتاب الشعرانى :
الرد :
هذه الرواية منسوبة إلى أبى حيان الأندلسى .. أوردها السخاوى فى تاريخه قائلا :
” وحدث المقريزى فى عقوده عن شيخه أبى حيان قال : ” ألزمنى الأمير ناصر الخطيب المسير معه لزيارة أحمد البدوى بناحية طنتدا فوافيناه يوم الجمعة …. إلى أن حان وقت الصلاة فنزلنا معه إلى الجامع وجلسنا لانتظار إقامة الجمعة فلما فرغ الخطيب وأقيمت الصلاة وضع الشيخ أحمد رأسه فى طوقه بعدما قام قائما وكشف عن عورته فى حضرة الناس وبال على ثيابه وعلى حصر المسجد واستمر ورأسه فى طوق ثيابه وهو جالس حتى انقضت الصلاة ولم يصل ” 16)
وهذه رواية ساقطة مكذوبة لأسباب :
أبو حيان الأندلسى ” 654ه – 745ه ” خرج من الأندلس متجها إلى مصر سنة 679ه أى بعد وفاة السيد أحمد البدوى 675ه , وبذلك تكون روايته عن السيد أحمد البدوى مكذوبة وغير صحيحة .
يقول الدكتور محمد نصار : ” أبو حيان معروف بتحامله على كثير من السادة العارفين , ويروى عنه فى هذا حكايات بعضها مكذوب منها حكايته فى سب العفيف التلمسانى قدس الله سره وهى مكذوبة لأن العفيف غادر مصر قبل أو فى أوائل استقرار أبى حيان بها , وكان الأخير شابا صغيرا وكان العفيف شيخا كبيرا على كل حال , كما فى الحكاية أن ابن سبعين جده لأمه , بينما العفيف ولد قبل ابن سبعين بأربعة سنوات !!
ولأبى حبان حكاية أخرى مع سيدى أحمد البدوى أراها مكذوبة كذلك حيث توفى السيد رضى الله عنه سنة 675ه ولم يدخل أبو حيان مصر إلا سنة 679ه ومع هذا شاعت عنه مثل هذه الحكايات بسبب إنكاره على السادة العارفين ” 17)
وبسقط هذه الواقعة أيضا أنها – إن صحت جدلا – المفترض أن تتوافر فيها دواعى الشهرة والاستفاضة وأن تروى من أكثر من مصدر , حيث يدعى راويها أنها حدثت أثناء صلاة الجمعة أمام خلق كثيرين وصاحبها شخصية مشهورة مثل السيد أحمد البدوى .. فتكون روايتها بواسطة راوى واحد فقط دليلا على عدم صحتها , وتلك قاعدة معروفة بعلم الجرح والتعديل .
والمثير للدهشة كيف ينقل السخاوى هذه الرواية الساقطة التى تسئ للإمام السيد البدوى – ولم يعلق عليها – مع أنه يعترف بولايته ويجله فى كتابه ” الضوء اللامع ” قائلا : سيدى أحمد البدوى ؟!
والغريب أن المنشور نسب هذه الرواية الساقطة لكتاب الإمام الشعرانى وهذا كذب وافتراء .. والثابت عن الإمام الشعرانى توقيره للسيد أحمد البدوى وهذا ثابت فى كتاباته .
وهناك رواية ساقطة أخرى عن مجهول تدعى أن السيد البدوى ومريديه كانوا يتبولون على معارضيهم
فتأمل !!
7-الانتقاص من السيد أحمد البدوى لعدم الزواج :
الرد :
المعروف فقهيا أن الزواج ليس واجبا على كل المكلفين .
فقد يكون الزواج واجبا عند من يخاف على نفسه الفتنة .
وقد يكون مكروها عند غير القادر على واجباته وتبعاته .
وقد يكون مندوبا كما هو الحال مع أكثر المكلفين .
لذلك فإن عدم زواج السيد أحمد البدوى ليس نقيصة وليس مخالفة شرعية .
والغريب أن أدعياء السلفية نسوا أو تناسوا أن إمامهم وشيخهم ابن تيمية لم يتزوج !!
يقول الإمام عبد الحليم محمود :
” كانت خطة السيد التى وضعها لنفسه هى أن يخلص للدعوة , إنه لا يحرم الزواج ولا ينفر منه , أنه لا يحرم حلالا كما لا يحل حراما , وهو لا يدعو إلى الرهبانية التى تتمثل أوضح ما تتمثل فى الامتناع عن الزواج , كلا , فالزواج شريعة الإسلام , وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكنه وجد أن العالم الإسلامى فى حاجة إلى تفرغ تام , وأن الدعوة تستغرق عمره وأعمارا مع عمره , فحزم أمره على التفرغ الكامل للدعوة , إنه لم يجد القوة التى كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عند خيار أصحابه من رجال الدعوة , والتى مكنتهم من الزواج والدعوة معا , وحب الدعوة وإرادة النهوض بالعالم الإسلامى صرف الكثير من رجال الإصلاح عن الزواج طيلة حياتهم , أو جزءا كبيرا من حياتهم , والأمثلة كثيرة على مجرى التاريخ ” 18)
8- إتهام السيد أحمد البدوى بأنه لم يترك من علم أو تفسير أو أى شئ من العلوم الشرعية
الرد :
يقول الإمام عبد الحليم محمود :
” لم يؤلف السيد كتبا .. وإنما ربى رجالا وأبطالا , وكان مثله فى ذلك الإمام الشاذلى الذى قال : ” كتبى أصحابى , ولقد كان للسيد فى هذا المجال : مجال تربية الرجال , ثروة وآثار هائلة وما يزال المدد متصلا , وما من شك فى أن للسيد فى عالم الطريق : أورادا وأذكارا ونصائح وآثارا كبيرة , بيد أن ما نقل إلينا عنه لا يتناسب وما كان ينبغى أن يكون من الحرص على آثار السيد ونقلها ” 19)
ومن مريدى السيد أحمد البدوى الذين رباهم بجامعته ثم انتشروا فى الآفاق العالم الإسلامى هادين للتصوف الحق :
( الشيخ حسن القلينى ” كوم قلين ” , الشيخ أبو بكر الدقدوسى ” ناحية دقدوس ” , الشيخ سعدون ” مدينة بلبيس ” , الشيخ رمضان الأشعث ” مدينة منف ” , الشيخ على البراق ” سبرباى ” , الشيخ يوسف البرلسى ” البرلس ” , الشيخ على البلعلبكى ” بعلبك الشام ” , الشيخ سعد التكرورى ” حوران الشام ” , الشيخ ” عز الدين الموصلى ” الموصل ” , الشيخ على الكنبراوى والشيخ عوسج المصرى ” اليمن ” , الشيخ بشير ” باب المعلاة مكة ” ) 20)
وللسيد أحمد البدوى صلوات مشهورة منها :
صلاة الأنوار :
” اللهم صل على نور الأنوار وسر الأسرار وترياق الأغيار , ومفتاح باب اليسار , سيدنا محمد المختار , وآله الأطهار , وأصحابه الأخيار , عدد نعم الله وأفضاله ” .
وصلاة نور القيامة :
” اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد , شجرة الأصل النورانية , ولمعة القبضة الرحمانية , وأفضل الخليقة الإنسانية , وأشرف الصورة الجسمانية , ومعدن الأسرار الربانية , وخزائن العلوم الاصطفائية , صاحب القبضة الأصلية , والبهجة السنية , , والرتبة العلية , من اندرجت النبيون تحت لوائه فهم منه وإليه , وصل وسلم وبارك عليه , وعلى آله وصحبه , عدد ما خلقت , ورزقت , وأمت , وأحييت , إلى يوم تبعث من أفنيت , وسلم تسليما كثيرا , والحمد للله رب العالمين ” .
9- إتهام السيد أحمد البدوى بأنه كان لا يغير ملابسه حتى تذوب وتتسخ
الرد :
يقول الدكتور محمد إبراهيم العشماوى : ” إن قذارة الثياب أمر نسبى يختلف من عين إلى عين , ومن حال إلى حال , وقد تبدو لى الثياب نظيفة وتبدو لك متسخة ومع النسبية لا يمكن الجزم بأن ثيابه قذرة , على أن شأن الزهاد والعباد التقشف فى أمر الثياب وترك الزينة , انشغالا بما هو أعظم , وما يروى عن سيدنا عمر رضى الله عنه من لبس المرقعات ووقائع السلف الصالح فى الزهد والتقشف كاف فى الرد على هذه الشبهة ” 21)
والوارد فى كتاب الشعرانى – وهو من مريديه – أنه رحمه الله كان لا يخلع عمامته حتى تذوب وكان مريدوه يغيرونها له وذلك تقشفا … ولم يرد فى أى مصدر معتمد أن ملابسه كانت متسخة … ولكن هذا من تخرصات الحاقدين .
10- إتهام السيد أحمد البدوى بأنه زنديق :
الرد :
وهذا ديدن الخوارج قديما وحديثا .. تكفير المخالف وإتهامه بالكفر والزندقة , مخالفين التحذيرات النبوية بعدم تكفير من ينطق بالشهادتين .
قال الشيخ أبو بكر بن فورك رحمه الله : ” الغلط فى إدخال ألف كافر بشبهة الإسلام ولا الغلط فى إخراج مسلم واحد بشبهة كفر ” 22)
إن التكفير قتل معنوى وهو أشد أنواع الإيذاء للمسلم بله الولى الصالح .. فكيف يجرؤ هؤلاء على تكفير ولى من أولياء الله الصالحين ومن أهل البيت الأطهار ؟!
أين هم من تحذير الله سبحانه وتعالى : ” من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب ” أو ” فقدبارزنى بالمحاربة ” ؟!
يا إلهى :
هل نترك الأئمة الأعلام الذين اعترفوا بفضل وإمامة السيد أحمد البدوى أمثال الأئمة الأعلام
” ابن دقيق العيد , شمس الدين اللبان , ابن حجر العسقلانى , والمقريزى , وابن الملقن , والسيوطى , والشعرانى , والمناوى , ونور الدين الحلبى , محمد ماضى أبو العزائم , صالح الجعفرى , محمد خليل الخطيب , محمد زكى إبراهيم , عبد الحليم محمود , محمد متولى الشعراوى وغيرهم كثير ” .
ونأخذ بشبهات الأغمار الجهال أدعياء السلفية ونكفر أحد أعلامنا الكبار ؟!
بأى فقه وبأى دين يتم تكفير الإمام السيد أحمد البدوى ؟!
ولكن هذا ليس غريبا على الخوارج فقد كفروا الإمام عليا كرم الله وجهه واغتالوه وهو يصلى فى المحراب !!
وبعد ….
الأمر جد خطير … فمثل هذه المنشورات لها آثار وخيمة على جميع الأصعدة
تخيلوا شاب قرأ هذا المنشور وتم شحنه أن السيد أحمد البدوى زنديق وكافر !!
أليس من السهل تجنيده عن طريق أى جماعة إرهابية لتفجير المقام بزائريه !!
هل ننتظر حتى تحدث هذه الفاجعة ؟!
أين دور مؤسساتنا الدينية والثقافية فى الرد على هذه الأكاذيب ؟!
أين مباحث الأنترنت من هذه المنشورات التحريضية ؟!
وأخيرا نؤكد أن أولياء الله الصالحين سيبقون فى عليين مهما تطاول عليهم الأغمار .
د.محمد حسينى الحلفاوى
المراجع :
1-أنظر كتاب ” السيد أحمد البدوى إمام من أئمة أهل السنة ” للدكتور جودة المهدى , الدار الجودية ص 5
2- أنظر كلمة الدكتور / عبد الحليم العزمى فى مولد السيد البدوى 2019م منشورة على اليوتيوب بتاريخ 17-10-2019م
3- أنظر ” الطبقات الكبرى ” للعارف بالله الإمام عبد الوهاب الشعرانى تحقيق أ.د أحمد السايح والمستشار توفيق وهبة ج1 الناشر مكتبة الثقافة الدينية ط1 سنة 2005م
4- أنظر كتاب ” حسن المحاضرة فى أخبار مصر والقاهرة ” ج 1 ص 428
5- أنظر كتاب ” الكواكب الدرية فى تراجم السادة الصوفية ج2 ص 62
6- أنظر كتاب ” نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ” ج2 ص 292
7- أنظر كتاب ” أقطاب التصوف .. السيد أحمد البدوى رضى الله عنه الإمام عبد الحليم محمود ط4 دار المعارف ص 19
8- المرجع السابق ص 28
9- المرجع السابق ص 30
10- أنظر كتاب ” بحار الولاية المحمدية فى مناقب أعلام الصوفية ” أ.د جودة محمد أبو اليزيد المهدى ص 499
11- أنظر كتاب ” حقيقة القطب النبوى السيد أحمد البدوى ص 313-315
12- أنظر كتاب ” السيد أحمد البدوى إمام من أئمة أهل السنة ” للدكتور جودة المهدى , الدار الجودية ص 35,32
13- أنظر كتاب ” السيد أحمد البدوى إمام من أئمة أهل السنة ” تأليف الأستاذ الدكتور / جودة محمد أبو اليزيد المهدى عميد كلية القرآن الكريم بطنطا .. الدار الجودية
14- أنظر كتاب ” مناقب سيدى أحمد البدوى المسماه.. الجواهر السنية والكرامات الاحمدية ” تأليف سيدى عبد الصمد داعى الحضرة الاحمدية ، تحقيق أ . د أحممد عبد الرحيم السايح والمستشار توفيق وهبة ط1 سنة 2007م الناشر مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة ص 125
15- أنظر كتاب ” أقطاب التصوف .. السيد أحمد البدوى رضى الله عنه الإمام عبد الحليم محمود ط4 دار المعارف عبد الحليم محمود ص 121
16- أنظر كتاب ” الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ” شمس الدين السخاوى ج9 ص 150
17- أنظر كتاب ” شرح عقيد الإمام الغزالى ” سيدى أحمد زروق تحقيق الدكتور محمد عبد القادر نصار ط1 سنة 2007م الناشر دار الكرز .. مصر هامش ص 74, 75
18- أنظر كتاب ” أقطاب التصوف .. السيد أحمد البدوى رضى الله عنه الإمام عبد الحليم محمود ط4 دار المعارف عبد الحليم محمود ص 34,33
19- المرجع السابق ص 109
20- المرجع السابق ص 70-85
21- مقال ” السيد أحمد البدوى شبهات وردود ” للدكتور محمد إبراهيم العشماوى أستاذ الحديث الشريف وعلومه كلية أصول الدين جامعة الأزهر بطنطا , موقع صوت الشعب
22- كما نقله القاضى عياض فى الشفاء .. نقلا عن كتاب ” شرح عقيد الإمام الغزالى ” سيدى أحمد زروق تحقيق الدكتور محمد عبد القادر نصار ط1 سنة 2007م الناشر دار الكرز .. مصر هامش ص 74, 75