إيناس مقلد – الوكالات:
وقّع قادة حركات سودانية متمردة ومسؤولون فى الحكومة السودانية رسميا بالأحرف الأولى أمس اتفاق سلام تاريخي ينهي نزاعات فى مناطق عدة، ولا سيما فى إقليم دارفور حيث تسبب القتال منذ 17 عاما بمئات آلاف القتلى.
وأقيمت مراسم توقيع رسمية فى جوبا برعاية رئيس جنوب السودان سالفا كير، وقع فيها الاتفاق عن الجانب الحكومي رئيس الوفد الحكومي محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي نائب رئيس مجلس السيادة، وقادة أربع حركات متمردة مجتمعة ضمن تحالف الجبهة الثورية السودانية.
وتناولت التواقيع على التوالي إقليم دارفور ثم جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وانتقل عدد كبير من المسؤولين السودانيين إلى جوبا على رأسهم رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك، للمشاركة فى الاحتفال بأول إنجاز كبير منذ إسقاط الرئيس السابق عمر البشير فى أبريل 2019.
كما وقّع مسؤولون سياسيون وقبليون اتفاقات أخرى تتعلق بالتنمية فى مناطق عدة.
وحضرت الاحتفال وفود إماراتية وسعودية ومن دول إفريقية.
ونشأت الجبهة الثورية السودانية فى عام 2011 وتتألف من أربع حركات وقعت الاتفاق. وكانت الحركات المعنية والحكومة السودانية وقعت بالأحرف الأولى خلال الأيام الماضية البروتوكولات التى يتألف منها الاتفاق.
والحركات الأربع هى: حركة تحرير السودان/جناح مني مناوي، وحركة العدل والمساواة، والمجلس الثوري الانتقالي، والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح مالك عقار.
وتمّ التوقيع بالأحرف الأولى فقط، لأن المتفاوضين يسعون إلى ضمّ حركتين كبيرتين لم تشاركا فى الاتفاق، هما: حركة جيش تحرير السودان/جناح عبدالواحد نور التى لم تدخل فى المفاوضات، والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح عبدالعزيز الحلو التى تقاتل فى جنوب كردفان والنيل الازرق، والتى علّقت التفاوض مع الحكومة قبل أيام لاعتراضها على ترؤس دقلو للمفاوضات.
وكان ممثلو الأطراف المختلفة وقّعوا خلال الأيام الماضية بالأحرف الأولى من أسمائهم ثمانية بروتوكولات تشكل اتفاق السلام وتتناول: الأمن وقضية الأرض والحواكير والعدالة الانتقالية والتعويضات وجبر الضرر وبروتوكول تنمية قطاع الرحل والرعاة وتقسيم الثروة وبروتوكول تقاسم السلطة وقضية النازحين واللاجئين.
وينص الاتفاق على ضرورة تفكيك الحركات المسلحة وانضمام مقاتليها إلى الجيش النظامي الذى سيعاد تنظيمه ليكون ممثلا لجميع مكونات الشعب السوداني.
وقال متحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح على هامش الاحتفال لوكالة فرانس برس: «نعرف أننا سنواجه بضع مشاكل عندما نبدأ بالتنفيذ على الأرض، لكن لدينا إرادة سياسية بأن ينجح تطبيق الاتفاق». وأضاف: «نعتقد أننا بدأنا التغيير الحقيقي فى السودان من دكتاتورية إلى الديمقراطية».
ولقي الاتفاق ترحيبا عالميا واسعا، فقد رحب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط بتوقيع اتفاق السلام قائلا إن «الجامعة العربية ملتزمة بدفع كافة أشكال التعاون والتنسيق مع جميع شركاء السلام السودانيين خلال الفترة الانتقالية القادمة والمقرر أن تمتد لثلاث سنوات تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق».
وبعد ترحيبها بالاتفاق دعت الخارجية السعودية «بقية أطراف النزاع للانخراط فى عملية السلام، وعدم تفويت هذه الفرصة التاريخية».
وفى بيان صادر عن الخارجية المصرية، جددت القاهرة تأكيدها الوقوف بجانب «الأشقاء فى السودان فى مساعيهم الحثيثة من أجل إحلال السلام فى ربوع البلاد، بما يعود بالاستقرار والمنفعة والرخاء على الشعب السوداني الشقيق». ورحبت قطر بالاتفاق.
ورحبت الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) بالاتفاق وقالت فى بيان أنه «يضع أساسا لسلام واستقرار دائمين فى دارفور ومناطق اخرى متضررة من النزاعات، ويعد أساسيا للانتقال الديمقراطي فى السودان».
من جانبه قال جيريمايا مامبولو رئيس بعثة الامم المتحدة فى دارفور إن الاتفاق يحمل الأمل لسودان أكثر اشراقا، لكنه «يتطلب التزاما».