الضغوط الاجتماعية والبيئية وعلاقاتها بالسلوكيات الإجرامية المختلفة
بقلم/ د. نجلاء الورداني
استخدم مصطلح الضغوط في البداية في العلوم البيولوجية ثم استخدمه علماء الاجتماع وعلماء النفس، حيث رأوا أن السلوك الإجرامي لا يصدر فقط متأثرًا بخصائص الجاني والضحية أو أساليب التنشئة الأسرية وخصائص السياق الثقافي والاجتماعي، بل يتأثر أيضًا بالظروف الطبيعية السائدة في البيئة، ولذا تعتبر نظرية الضغوط من أهم النظريات التى توضح العلاقة بين الضغوط البيئية والجريمة بأشكالها المختلفة.
وقد عرف “كولمان “Coleman (1973) الضغط بأنه تلك المطالب التي ترغم الفرد على الإسراع بجهوده أو تقويتها، بينما وضع “مواري”Murray (1983) مفهومًا للضغط يتمثل في كونه قوة بيئية تعمل في الاتجاه المضاد للأفعال المتعلقة بحاجات نفسية، وهو مفهوم يرتبط على نحو واضح بالضغوط الخارجية في البيئة التي من شأنها أن تدفع الفرد إلى السلوك المنحرف.
فالضغوط الاجتماعية تنشأ عندما يواجه الفرد بسلسلة من الأحداث والمواقف الصعبة ولا يستطيع التكيف معها، وبالتالي تؤثر على عدم قدرته على التكيف أو تحمل الضغوط فتظهر في صورة سلوكيات منحرفة تؤثر على سلوكه وتصرفاته ومنها ينتج الانحراف والجريمة.
وقد تكون هذه الضغوط: ضغوط شخصية؛ ناتجة عن الفشل أو الاحباط، الخوف أو القلق، الاكتئاب أو المرض….وهكذا.
أو ضغوط اجتماعية؛ ترتبط بعدم قدرة الفرد على أداء أدواره المختلفة داخل المجتمع وتحقيق مكانته الاجتماعية.
أو ضغوط مهنية؛ ترتبط بالعمل ومشكلاته، أو ضغوط فيزيقية مثل الازدحام والحرارة والضوضاء، ومختلف أنواع التلوث. ضغوط مادية؛ ترتبط بالفقر وقلة الدخل، وانخفاض المستوى الاقتصادي والبطالة.
وتوضح هذه النظرية نقطتين غاية في الأهمية، وهما:
أولًا: أن الضغوط الفيزيقية مثل حالة السكن أو الحي أو المنطقة المحيطة تؤثر سلبًا على الأفراد، مما ينعكس هذا على أداء الأفراد لأدوارهم الاجتماعية، بالإضافة إلى التأثير على الحالة النفسية فتؤدي إلى السلوكيات المنحرفة والجرائم في تلك المناطق بصورها كافة.
ثانيًا: أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يتعرض لها الأفراد قد تكون عاملًا مؤثرًا في حدوث الكثير من المشكلات الأسرية، وهذا بالطبع يؤثر بالسلب على طبيعة الجرائم والانحرافات في المناطق العشوائية.
وتنضم هنا أيضًا نظرية الحرمان البيئي والتي ترى أن البيئة التي لا تشبع احتياجات أفرادها سينتج عنها شعور بالحرمان يدفع هؤلاء الأفراد نحو السلوكيات المنحرفة والجرائم.
ويمكن التدليل على ذلك بملاحظة أن صعيد مصر كبيئة حاضنة للعنف تعاني الحرمان نسبيًا من الخدمات والمرافق والاستثمارات مقارنة بالوجه البحري، ولهذا نجد العنف في الصعيد أكثر من الوجه البحري.