إيناس مقلد – (أ ف ب):
كشف رئيس الحكومة التونسية المكلّف هشام المشيشي ليل الثلاثاء-الأربعاء عن تشكيلته الوزارية، مؤكدا أنّها من شخصيات مستقلّة، لتنتقل بذلك الكرة إلى البرلمان الذى سيعقد خلال أيام جلسة للتصويت على منح الثقة لهذه الحكومة وهى الثانية فى البلاد خلال ستّة أشهر.
وقال المشيشي فى مؤتمر صحفي «بعد سلسلة من المشاورات مع الأحزاب والكتل البرلمانية… وبعد تقييم الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، انتهي إلى ضرورة التفكير فى حكومة كفاءات مستقلّة تنكبّ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي واستحقاقات التونسيين».
وقبل الكشف عن التشكيلة، عبّرت أحزاب عن رفضها لقرار المشيشي تكوين حكومة تكنوقراط، لكنها تجد نفسها مدفوعة لخيار التصويت بالموافقة تفاديًا لجرّ البلاد التى تواجه وضعًا اقتصاديًا صعبًا إلى انتخابات نيابية مبكرة.
وبخياره هذا يتجاوز المشيشي دعوات حزب النهضة، ذي المرجعية الإسلامية وأكبر الكتل البرلمانية (54 نائبًا من أصل 217)، الذى تشبّث بحكومة ممثلة للأحزاب كما كانت عليه الحال مع حكومة إلياس الفخفاخ المستقيل. وتضمّ حكومة المشيشي 28 عضوًا ما بين وزراء وكتّاب دولة، من بينهم وزراء من الحكومة السابقة وثماني نساء، وغالبيتهم غير معروفين من الرأي العام.
وأسند المشيشي حقيبة الخارجية لعثمان الجرندي الذى شغل المنصب فى العام 2013 قبل تعيينه مستشارًا للشؤون الدبلوماسية لدى رئيس البلاد قيس سعيّد. كما منح المصرفي السابق علي الكعلي حقيبة الاقتصاد، بينما نال إبراهيم البرتاجي الأستاذ الجامعي المتخصّص فى القانون حقيبة الدفاع.
والمشيشي هو ثالث رئيس حكومة يتم ترشيحه منذ الانتخابات التشريعية التى جرت فى أكتوبر الفائت وأفرزت برلمانًا مشتّت الكتل دون غالبية واضحة. وللمشيشي خبرة واسعة فى الإدارة التونسية، فقد شغل قبل تعيينه وزيرًا للداخلية فى حكومة الفخفاخ منصب المستشار القانوني للرئيس سعيّد وقبلها تنقّل كمدير ديوان فى وزارات عدة مثل الصحة والنقل والشؤون الاجتماعية.
وتعهّد المشيشي إثر تقديمه لأعضاء حكومته «العمل فى كنف الاستقلالية والتفاعل مع كل المكوّنات السياسية… سنحاول أن نكون فى تفاعل مباشر مع الطيف السياسي» فى البلاد. وكانت حركة النهضة رشّحت فى يناير الفائت الحبيب الجملي الذى لم يتمكّن من نيل ثقة البرلمان، فما كان من الرئيس قيس سعيّد إلا أن كلّف إلياس الفخفاخ تشكيل حكومة قبل أن يستقيل هذا الأخير منتصف يوليو بسبب شبهات فى ملف تضارب مصالح وتشبّث النهضة آنذاك بخروجه من الحكومة.
وقد أرسل رئيس الحكومة المكلف اسماء المرشحين لحكومته إلى هيئة مكافحة الفساد للتثبت من فرضية وجود ملفات تضارب مصالح متعلقة بها يمكن أن تؤثر على عمل حكومته مستقبلا. ومن المفترض بعد أن شكّل المشيشي حكومته أن يدعو رئيس البرلمان راشد الغنوشي النواب للانعقاد استثنائيًا فى تاريخ يحدّده مكتب البرلمان وذلك بعد أن وجّه سعيّد فجر أمس الثلاثاء مراسلة رسمية فى ذلك، وفقًا لبيان من رئاسة الجمهورية.
وتجد الكتل البرلمانية نفسها أمام خيارين. إمّا التصويت بقبول حكومة المشيشي بالرغم من رفضها لخياراته وإما إسقاطها وفتح الباب أمام رئيس البلاد قيس سعيّد ليقرّر حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، وفقا لما ينص عليه دستور 2014. ويجب أن تحصل حكومة المشيشي ثقة 109 نواب لكي تنال ثقة البرلمان.