حكايات “زومبي” التي لا تنتهي
بقلم/ د. نجلاء الورداني
ضحايا قصتنا ليسوا فردًا واحدًا بل عدة أفراد .. إنهم ضحايا (زومبي)، ذلك المخدر الذي اشتهر في السنوات الأخيرة بين الشباب؛ حيث تعمل طبيعة المخدر على فكرة رؤية الأفراد في حجم أقل من حجمهم الطبيعي، فمن يتناوله يرى نفسه عملاقًا قويًا لا يقدر عليه أحد، مما يجعله قادرًا –في مخيلته– على فعل أشياء غريبة تنتمي لعالم الخوارق لا عالم الحقائق؛ فالأول فتى في كلية الطب ذهب ليجلس بين أقرانه في سهرة مسائية يضحكون ويمرحون، فما هي إلا وقد عرض أحد أصدقائه عليهم ذلك المخدر الجديد الذي يشعرك بالمرح والمتعة، فأخذوه جميعهم بهدف التجربة، وقضوا وقتهم بحب وضحك، وذهب كل منهم إلى بيته فرحًا بالأمسية التي قضاها مع أقرانه، إلا أن أحدهم –وهو طالب بكلية الطب– ذهب لبيته وعجبته الفكرة والمتعة التي شعر بها، فاتصل بصاحبه الذي أتى بالمخدر في الصباح ليطلب منه قرصًا آخر ، فهو مرهق من مذاكرة طوال العام ويحتاج لمثل هذا النوع من العقار للفرفشة فقط ولا يأخذه مرة أخرى.
لبى له صاحبه طلبه على الفور وقال: ألقاك عند المغرب، وبالفعل تقابلا وأعطى له القرص فتناوله، وذهب كل منهم في طريقه، إلا أن طالب كلية الطب شعر بالمتعة والراحة وأخذ يتجول في الشوارع يستنشق هواءها، فما كان منه سوى أن ألقى بنفسه من فوق الكوبري فخرَّ على الأرض متلفظًا آخر أنفاسه، وحتى الآن لا يعلم أحد بماذا شعر وكيف تخيل.
هذا الأول.. أما الآخر فقرر أن يذهب إلى بيته، وأثناء سيره في الطريق وجد جمعًا من البشر ، فدخل بينهم دون سابق معرفة يحكي معهم وكأنه منهم، وحينما استغربوا ذلك وبدأوا يلفتون نظره لهذا، أخذ يهلل ويضرب وكأنه هرقل زمانه، فضربه أحد الشباب، فما هي إلا أن سقط على الأرض مغشيًا عليه، فطلبوا له الأسعاف لينقل إلى المستشفى، حيث مكث بها لمدة ثلاثة أسابيع، خرج على إثرها ليعلم أن صديقه ألقى بنفسه من فوق الكوبري فمات وترك وراءه مستقبله كطبيب وأهل يبكون على شباب ابنهم الذي مات، ولا أحد يعلم ماذا كان في مخيلته حينما فعل ذلك.
هذه هي إحدى حكايات (زومبي) ومتناوليه التي لم تنتهي بعد ولن تنتهي .