الآليات البلاغية في بناء القصة الشاعرة
“من ثقب الشتلات الأولى” للأديب محمد الشحات محمد “أنموذجًا”
بقلم/
د. عادل السيد أحمد رمضان الفقي
مدرس البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية
فرع جامعة الأزهر بالمنوفية
* من أهم ما يُمَيِّزُ البلاغةَ العربيةَ مواكبتُها لِكُلِّ الأجناس الأدبية قديما وحديثا، فلم تكن يوما ما جامدةً تُناسب جنسًا أدبيًا دون آخر، بل كانت دائما وأبدا مرنة متطورة تساعد الأدباء-قديما وحديثا- أيا كان توجههم وأيا كان الجنس الأدبي الذي ينسجون فيه تجاربهم الأدبية المتنوعة.
ومن هذا المنطلق أردت في هذا البحث أن أُبرز دورَ البلاغة العربية في بناء أحدث الأجناس الأدبية في وطننا العربي، ألا وهو جنس:(القصة الشاعرة) ذلك الفن العربي المصري الخالص، الذي لم يتأثر بثقافة واردة من شرق أو من غرب، ومن ثم كان عنوان هذا البحث:(الآليات البلاغية في بناء القصة الشاعرة- ديوان: من ثُقْبِ الشَتْلاتِ الأولى للشاعر: محمد الشحات محمد أنموذجا)
موضوع البحث وفكرته
تدور فكرة هذا الموضوع حول إبراز دور البلاغة العربية في بناء هذا الجنس الأدبي المستحدث، وكيف تُساعد الآليات البلاغية المبدعَ في بناء فَنِّهِ الأدبي ومعالجة فكرتِه في أحسن صورة وأبدعِ شكلٍ وأبهى هيئةٍ وأروعِ منظرٍ، مما يؤكد أهمية البلاغة العربية ومرونتها ومسايرتها لشتى الأجناس الأدبية في كل الأزمان.
أهمية الموضوع
ترجع أهمية الموضوع إلى أنه يعد الأول من حيث التناول البلاغي للقصة الشاعرة، فقد تناول الأدباء والنقاد هذا الجنس الأدبي بالتحليل والنقد، لكن أحدا لم يُعنى بإبراز الجانب البلاغي فيه، فأحببت أن أثبت للبلاغة دورا في معايشة كافة الأجناس الأدبية التي تُستحدث بين الحين والحين، ومن ثم كان البحث.
أسباب اختياره
أما أسباب اختيار الموضوع فكثيرة منها :
- توسيع دائرة البحث في البلاغة العربية لتخرج من الطور التقليدي الذي يُعنى بالبحث في النصوص المأثورة من قرآن وحديث وشعر ونثر، إلى البحث في شتى الأجناس الأدبية التي تُستحدث حتى يوم الناس هذا.
- الرد على من يتهمون البلاغة العربية بالجمود والعجز عن مواكبة العصر، فكثيرا ما تُتْهَمُ البلاغةُ العربيةُ بالتقوقع في مرحلة ما أو عند نصوص معينة، وهذا افتراءٌ وظلم جاء هذا البحث لدفعه ولإثبات العكس بسوق الأدلة على مرونة البلاغة العربية ومعايشتها لشتى الأجناس الأدبية منذ العصر الجاهلي وحتى الآن.
- إثبات التلاحم والتناغم بين الأدب بشتى صوره والبلاغة العربية بكافة فنونها، فهما وجهان لعملة واحدة، لا ينفصلان عن بعضهما، فبدون الأدب لا توجد بلاغة، وبدون البلاغة يصير الأدب هباء منثورا.
- الرغبة في حضور البلاغة العربية في شتى المنتديات والمؤتمرات والصالونات الأدبية والثقافية التي تُعقد بين الحين والحين، فالأمر ليس حكرا على الأدباء والنقاد، بل لابد من إضفاء اللمسة البلاغية التي بدونها يكون العمل الأدبي ناقصا غير مكتمل، فمنذ عشر سنوات يُعقد مؤتمر سنوي للقصة الشاعرة يحضره الأدباء والنقاد من شتى أنحاء الوطن العربي، وبكل أسف يكون خاليا فيما مضى من البلاغيين، وهذا نقصٌ بيِّن، فأحببت أن أحضر في مؤتمر هذا العام الذي يعقد في أكتوبر 2020م ممثلا عن البلاغيين حتى تتم الفائدة وتكتمل الصورة من جميع جوانبها الأدبية والنقدية والجمالية.
الدراسات السابقة:
كما ذكرتُ من قبل: إن كلَّ الدراسات التي قامت حول القصة الشاعرة كانت تتناول هذا الجنس الأدبي من الناحية الأدبية والنقدية، ومن يريد دليلا على هذا فليفتح كتاب أي مؤتمر من المؤتمرات العشرة التي قامت حول القصة الشاعرة، من ذلك مؤتمر (القصة الشاعرة بين سيكولوجية الإبداع والنص الجامع) وهو المؤتمر العربي العاشر للقصة الشاعرة، وقد عُقد في 20-21 أكتوبر 2019م، وفيه من الأبحاث الأدبية ما يأتي:
- الإيقاع السمعي والبصري في القصة الشاعرة، للأستاذ الدكتور صبري أبو حسين.
- القصة الشاعرة والنص الجامع، للأستاذ الدكتور/ أحمد فرحات.
- سيميائية الخطاب العنواني في القصة الشاعرة، للأديبة شاشة الزواي.
- قراءة في سيكولوجية القصة الشاعرة، للأديبة الدكتورة وفاء محمد سيد.
- السرديات القصصية الشعرية والقصة الشاعرة، للكاتب حاتم عبد الهادي
وكما هو ظاهر غلبة التوجه الأدبي والنقدي في تناول هذا الجنس الأدبي الحديث، وخلو التناول البلاغي، ومن ثم كان هذا البحث المتواضع.
منهج البحث وطريقتي فيه:
اعتمدتُ في هذا البحث على المنهج التحليلي الذي يُعنى بتحليل بعض الآليات البلاغية التي تساعد في بناء هذا الجنس الأدبي الطريف.
خطـة البحث
وجاءت خطة البحث على النحو الآتي:
يتكون البحث من مقدمة وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة وفهارس، فجاء مقسمًا كالآتي:
المقدمة: وفيها: عنوان البحث، وأهميته، ودوافع اختياره، ومنهج السير فيه، والدراسات السابقة، وخطته، وما تشتمل عليه من مباحث.
التمهيد، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: علاقة القصة الشاعرة بالبلاغة العربية.
المطلب الثاني: إطلالة على مفهوم القصة الشاعرة.
المطلب الثالث: أضواء على مؤسس القصة الشاعرة.
المبحث الأول: آليات بلاغية من علم المعاني، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الإيجاز
المطلب الثاني: الأساليب الإنشائية
المبحث الثاني: آليات من علم البيان وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الاستعارة
المطلب الثاني: الكناية
المبحث الثالث: آليات من علم البديع، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تشابه الأطراف
المطلب الثاني: الاقتباس
الخاتمة، وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات التي توصل إليها البحث.
الفهارس الفنية، وتشمل:
- ثَبَتُ المصادر والمراجع.
- فهرس الموضوعات.
التمهيد، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: علاقة القصة الشاعرة بالبلاغة العربية:
القصة الشاعرة، فنٌ أدبيٌ مستحدثٌ معاصرٌ يُعنى بالتكثيف والرمز، وهي من هذا القبيل ذات علاقة وطيدة بالبلاغة العربية، وهذه العلاقة تظهر أول ما تظهر من تسميتها بالقصة الشاعرة، فوصف القصة بالشاعرة مجاز لغوي فيه استعارة بالكناية، حيث شُبِّهت القصة بإنسان، ثم حُذف المشبه به ورُمِز إليه بشيء من لوازمه وهو الشعور على سبيل الاستعارة المكنية، وهذه الاستعارة تعكس لنا مدى الإثارة والتفاعل الذي تُحدثه تلك القصة الشاعرة في المتلقي، فمن شدة تأثيرها فيها أصبحت هي بذاتها شاعرة، وفي هذا ما فيه من المبالغة في وصف مبدعها بالشعور والخيال.
وهذا التركيب (القصة الشاعرة) أيضا فيه إيحاء بأن هذه القصة مُحدِثةٌ للشعر شاعرةٌ في ذاتها، وعلى هذا يكون في (الشاعرة) مجاز عقلي علاقته المفعولية، حيث أسند اسم الفاعل إلى الضمير العائد على اسم المفعول، وفي هذا أيضا مبالغة في أثر القصة، حتى إنها أصبحت مصدر الشعور ومنبع الإحساس.
وهذا التركيب أيضا (القصة الشاعرة) قد ميز هذا الجنس الأدبي من غيره من الأجناس الأخرى كالقصة الشعرية، أو الشعر القصصي.
وكون القصة الشاعرة مبنية على التكثيف والرمز يجعلها وثيقة الصلة بالبلاغة العربية التي تُعنى بالمعنى ومعنى المعنى، وفي البلاغة العربية العديد من الأبواب المعنية بهذا الأمر، من مثل الإيجاز، والمجاز، والكناية، والرمز والتعريض، وغير ذلك مما يكشف البحث عنه اللثام، ويوضح مدى هذه الصلة والانسجام.
المطلب الثاني: إطلالة على مفهوم القصة الشاعرة
“القصة”: جنس أدبي نثري يقوم على السرد والحوار، يلخص أحداثًا ووقائع معينة في بيئة مناسبة وزمان محدود، وتهدف إلى وحدة التأثير، و”الشاعرة“: اسم فاعل ” كل قصة شاعرة هي شعرية بالطبع وليس العكس”([1]) أي إطلاق اسم الفاعل وإرادة المفعولية، وهي سمة تَعني الإطار الأجمل بما تنتجه من أثر في الآخرين، وجاءت من الشعر لما يتميز به الشعر من مميزات على رأسها الجمال والتصوير والرمز، وشاعرية القص قد تعني شاعرية السرد أو التصوير، لا شاعرية وزن أو تفاعيل، وتفعيلة الشعر التدويري في(القصة الشاعرة) ضرورة سردية. فالقصة الشاعرة إذن هي انصهار فَنَّي القصة القصيرة وشعر التفعيلة في بُوتقة واحدةٍ، لينتج لنا فنا سرديًّا إيقاعيًّا عذبًا في تجربة واحدة لاشعرية ولا قصصية .
أما الشاعرية: فهي صفة بما له علاقة بالجمال والعواطف والأحاسيس، ومدى اندماج المتلقى معها، ويقصد بالشاعرية كل “عناصر التأثير على الشعور في عمل أدبي أو فني فيقال نثر شاعري، إذا كان يصطنع لغة الشعر الفنية، ووسائله في الإمتاع”([2]) والشعرية: نسبة إلى علم الشعر، ويطلق المصطلح في الدراسات النقدية الحديثة للدلالة على الدراسات التي تهتم بخصائص الشعر وقضاياه.([3]) أما القصة الشعرية فهي أقرب إلى الشعر منها إلى النثر، فهي “أسلوب إبداعي من أساليب القريض، ينسج فيه الشاعر قصيدته على المنوال القصصي؛ بحيث يتوفر فيها من العناصر ما للقصة النثرية لا يشترط فيها الطول الإيقاعي ولا النزعة الملحمية الأسطورية، فالشعر والقصة هنا ناتجان من التداخل وليس الاندماج/لانصهار، مع بروز لفن الشعر في المقام الأول، فالشعر فيهما أساس، والقصة فيهما وسيلة فنية، وحيلة تعبيرية أو تشكيلية “([4])
إن مصطلح(القصة الشاعرة) حفظ للشعر جلاله وللقرآن الكريم مكانته وقداسته وبيانه، فعندما ننسب القصة للشعر فإننا نريد أن نرتقي ونرتفع به، فعندما أطلق كفار قريش على القرآن الكريم شعرا، فإنما لأمور ترجع لإعجازه اللغوي البليغ، فنسبوه إلى أفضل وأرقى أنواع القول عندهم آنذاك وهو الشعر، مع علمهم بأن الشِّعر لا يكون إلا موزونًا، كذلك الحال عند إطلاقنا على القصة أنها شاعرة، كي تكتسب من الشعر- الذي هو أرقى وأفضل أنواع الكلام- بعض خصائصه الأسلوبية والإيقاعية .
القصة الشاعرة: النشأة والمفهوم
وقد نشأت (القصة الشاعرة) من تقنيات أدبية مختلفة أهمها شعر التفعيلة والقصة القصيرة والقصيرة جدًّا، وهو ما أعلن عنه الشاعر المصري: محمد الشحات محمد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أواخر عام 2006 م. وقام بالتنظير لها وبين مفهومها بأنها:”قص إيقاعي تدويري وفق نطام التفعيلة، مؤسس على التكثيف والرمز والمرجعيات الثقافية”.([5]) والقصدية الإبداعية شرط من شرائطها.
سياحة حول التعريف:
قص إيقاعي تدويري: أي: سرد حكائي معتمد على التفعيلات الإيقاعية، المتماسكة والمرتبطة ببعضها عن طريق التدوير ، ويعد “التدوير الشعري في (القصة الشاعرة) آلية سردية لازمة”([6]) ولا وجوب للساكن بل تتابع الحركة مع تتابع السطور.
التكثيف والرمز: التكثيف في اللفظ من حيث الاختصار الشديد من ناحية، وتكثيف في الدلالة يجعل النص مفتوحا يحتمل تأويلات عدة يتفاعل معه المتلقي حسب رؤيته الذاتية، والرمز هو السِّمَة كما في قوله تعالى: {تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ}([7]) والسِّيمَاءُ في معاجم اللغة: هي العلامة، أو الرمز الدال على معنىً مقصود ، كرمز الحمامة للسلام .
المرجعيات الثقافية: لدى المبدع تعني كونه قادرا على الاستحضار والتحوير وتوظيف العلامات السيميائية الأكثر بروزا، فكلما زاد مستوى المبدع ثقافيا كلما زاد ترابطه بين هذه العلامات وبين مايريده في باطنه، والمرجعية الثقافية لا تتوقف على المبدع، بل لابد منها عند المتلقي أيضا فكلما ازداد المتلقي ثقافةً فإن ذلك يزيد من ثراء القصة الشاعرة.
وبذلك تُعد(القصة الشاعرة)جنسا عربيا خالصا، غير ما يعرف بـ (المَسْرِواية) ([8]) التي تعد فنا غربيّ النشأة، حينما حاول توفيق الحكيم مزج المسرحية والرواية على روايته “بنك القلق”، ومن بعده الكاتب: السيد حافظ، لكنها لم تنتشر الانتشار المرتقب كالقصة الشاعرة الآن .
المطلب الثالث:
أضواء على مؤسس القصة الشاعرة
في فعاليات الدورة 51 لمعرض الكتاب الذي عُقد في القاهرة في الفترة ما بين 22 يناير- 4 فبراير 2020م كان لي شرف اللقاء بمؤسس فن القصة الشاعرة الشاعر والأديب: محمد الشحات محمد([9])، وهو مفكر وشاعر وناقد، ولد بالدقهلية سنة 1966 م ، أسهم في مختلف الفنون (شعر- قصة- مسرح- مقال) وأسهم في ابتكار فن (القصة الشاعرة)، وأسس لمؤتمر عربي سنوي هو” المؤتمر العربي للقصة الشاعرة” انعقد عشر مرات، كما صدر له حوالي أربعون كتابا ما بين الشعر والنقد والقصة القصيرة و(القصة الشاعرة) والمسرح والمقالات، وهو مؤسس جمعية دار النسر الأدبية.
ومن خلال مناقشتي له حول بعض الأعمال الأدبية ومنها القصة الشاعرة اتضح لي عُمق تفكيره، وحِدةَ ذكائه، وشمولَ ثقافته، وبراعةَ تصويره، وتعددَ قراءاته، ونبوغَ موهبته الأدبية، حتى إنه بعد انتهاء الجِلسة معه فاجأنا بإبداع أربع قصص شاعرة من خلال حوارنا معه، مما يدل على سليقةٍ متوقدة وموهبةٍ فطريةٍ فريدة ونموذج أدبي فذٍ يستحق الدراسة من نواحٍ متعددة أدبية ونقدية وبلاغية وتربوية وقيادية وإدارية، وهذا إن دل فإنما يدل على تفرد مصر بالنبوغ والأفذاذ والمبدعين الذين يملأون الدنيا إبداعا وثقافة وتنويرا.
المبحث الأول:
آليات بلاغية من علم المعاني
المطلب الأول: الإيجاز([10])
سبق وذكرت في التعريف أن القصة الشاعرة مؤسسة على الإيجاز والتكثيف، ولما كانت كذلك فقد اعتمدت في بنائها من الناحية البلاغية على الإيجاز بنوعيه: إيجاز القِصَر وإيجاز الحذف، أما إيجاز القِصَر([11]) فهو واضح جدا في بنائها من حيث إنها في معظم صورها مُكَثَّفة مركزة بحيث إنها في بعض الأحيان لا تتعدى عَشر كلمات، كما في القصة الشاعرة التي جاءت بعنوان: (رد)([12]) وهذا نصها:
“رد
أغلقتِ البابَ ،
فأخرجَها قسرًا تعتذر ، ولكن..
هيتَ لها !”
واضح من بنائها مدى التركيز والتكثيف الذي بُنيت عليه هذه القصة الشاعرة، وهذا التكثيف والتركيز والإيجاز واضح من بداية عتبة النص: (العنوان) الذي جاء كلمة واحدة من حرفين (رد) وهذه الكلمة عبارة عن مبتدأ لخبر محذوف والتقدير: رد هذا، أو خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: هذا رد، والرد هنا كان مشتركا بين الغاصب والممغتصب، فالغاصب قام بفعل قابلته المرأة برد، ثم رد الغاصب على هذا الرد برد أعنف وأقسى على ما سيأتي في التحليل.
ثم يأتي النص حاملا الكثير من الدلالات والإيحاءات، وأول هذا ظاهر من الضمير في الفعل: (أغلقت) الذي هو عائد ربما على امرأةٍ مقهورة مغتصبةٍ مهضومٍ حقها، تحاول جاهدة أن تُقيم حاجزا بينها وبين مغتصبها حتى لا يصيبَها منه مكروه، لكنَّ الفاجر المغتصب يأبى إلا أن يُذلها ويخضعها له مُجْبَرَةً مُنْكَسِرَةً مَقْهُورَةً مُعْتَذِرَةً، ثم هو لجبروته لا يكتفي بهذا ولا يشبع من هذا، وهذا ما عبر عنه بقوله (هيت لها) أي: أنها رضيت بالذل والهوان والاعتذار والانكسار ولكنه وجد أن هذا لم يُشبع نهمه ولا جبروته، بل أخذ يتفنن في إذاقتها سوء العذاب، وهذا كله رد على إرادتها الأولية التي أعلنت فيها رفضها لظلمه وجبروته فأغلقت الباب، وقد تكون هذه المرأة رمزا للوطن المقهور المظلوم، الذي أبى الذل والانكسار فلاقى ما لاقى من القهر والاضطهاد، فكان الرد على الرد، وواضح في هذه القصة الشاعرة الموجزة ما فيها من تكثيف وإيجاز وتلاحم بين مفرداتها من أولها إلى آخرها، وواضج أيضا ما فيها من إيحاءات ودلالات وقراءات مختلفة، وهذا إن دل فإنما يدل على مدى مقدرة الكاتب وحُسن بيانه، فقد استطاع من خلال كلمات معدودة لم تتعد السطر الواحد أن يَنْسُجَ لنا قصة شاعرة مكثفة موجزة مترابطة تحمل العديد من الإيحاءات والدلالات، وهكذا جلُّ هذه القصص الشاعرة تتخذ من إيجاز القِصَر أساسًا في بنائها، وهذا هو عين البلاغة، إذ البلاغة كما قالوا هي الإيجاز.
أما عن إيجاز الحذف فهو أيضا سمةٌ غالبة في بناء القصة الشاعرة، والحذف من أدق أبواب البلاغة العربية ويكفي فيه ما قاله عنه إمام البلاغة العربية الشيخ عبد القاهر الجرجاني في كتابه الرائع: (دلائل الإعجاز)، إذ يقول في مقدمة باب الحذف: ” هو بابٌ دقيقُ المَسْلك، لطيفُ المأخذ، عجيبُ الأَمر، شبيهٌ بالسِّحْر، فإنكَ ترى به تَرْكَ الذِكْر، أَفْصَحَ من الذكْرِ، والصمتَ عن الإفادةِ، أَزْيَدَ للإِفادة، وتَجدُكَ أَنْطَقَ ما تكونُ إِذا لم تَنْطِقْ، وأَتمَّ ما تكونُ بياناً إذا لم تُبِن”([13])، ويعقبُ الدكتور محمد أبو موسى على أهمية باب الحذف فيقول: “والمتذوق للأدب لا يجد متاع نفسه في السياق الواضح جدا والمكشوف إلى حد التَّعرية، والذي يسيء الظن بعقله وذكائه، وإنما يجد متعة نفسه حيث يتحرك حِسُّه وينشط؛ ليستوضح ويتبين ويكشف الأسرار والمعاني وراء الإيحاءات والرموز، وحين يدرك مراده، ويقع على طلبته من المعنى يكون ذلك أمكن في نفسه وأملك لها من المعاني التي يجدها مبذولة…الح”([14]) وكلام الشيخ أبي موسى مستوحى من كلام الإمام عبد القاهر الذي يقول فيه: “ ومن المركوز في الطبع أن الشيء إذا نيل بعد الطلب له أو الاشتياق إليه، ومعاناة الحنين نحوه، كان نَيله أحلَى، وبالمزِيَّة أولى، فكان موقعه من النفس أجلّ وألطف، وكانت به أضَنَّ وأَشْغَف، ولذلك ضُرب المثل لكل ما لَطُف موقعه ببرد الماء على الظمأ“([15])
والأمثلة على إيجاز الحذف في القصة الشاعرة لا تُحصى، أكتفي منها بما جاء في القصة الشاعرة التي بعنوان: (أثر) ([16]) وهذا نصها:
“أثـر
كان “عمّار” يصلي الظهر في مسجد عمرو ،
سلّم الشيخُ ونادى في المُصلّين: استعدّوا ، فاستوى طفلٌ على المنبر حتى اصطفَّ الناس ..،
مرَّ الوقتُ ، لم ينطقْ سليمانُ بغير “الحمد لله” ، استقرّتْ طَلْقةٌ في الصدْرِ ..، كان الشيخ مشغولاً بلوحات سليمان على بابِ المُصلّى ، بينما عمّار يُدْلي باعترافاتٍ أمام الشاشة الحمراء ،
نادتْه التحرِّيَّاتُ أنِ استفْتِ ضمير العصْرِ، وارفعْ بصمة “السبْعِ المثاني” ..
بدأتْ حمْلاتُ ترْقيم الحواري ،
ساسةُ الإعلام فكّوا الشّفْرة الأولى ، وعاد الشيخ :
يا الناس استعدوا ..
حان توزيع الهدايا!
هذه القصة الشاعرة تنقل لنا أثرا من الآثار التي خلفتها ثورة من الثورات التي قامت في الوطن العربي، وفي هذا الأثر يجسد لنا نموذجين من النماذج التي خلفتها تلك الثورات، النموذج الأول يمثله ذلك الشاب البريء الذي يُدعى (عمار) وهو رمز للبراءة والنقاء، وقد كان هذا النموذج هو الأساس الذي قامت عليه الثورات في البدايات، ثم ما لبث أن انقض عليها النموذج الثاني الذي يجسده ذلك الشيخ الذي انتظر اللحظة المناسبة ليحصد ثمار تلك الثورات معتديا على آمال وطموحات ذلك الشباب النقي البريئ.
ويُلاحظ كثرة المحذوفات في هذه القصة الشاعرة، مما يساعد على التكثيف والتركيز والإيجاز الذي تُبنى عليه القصة الشاعرة.
فأول سطر مثلا: (كان “عمّار” يصلي الظهر في مسجد عمرو ،) يطوي عدة محذوفات يُقدرها عقل المتلقي، منها وبينما هو في المسجد جالسا بعد الصلاة مع أصدقائه إذ جاءهم شيخ (والشيخ هنا رمز للمستَغِل) يستحثهم على الثورة والخروج بينما هو متوارٍ خلف الصفوف لا يظهر إلا وقت توزيع الغنائم، فما أن فرغ من كلامه الحماسي حتى استجاب له الشباب البريء النقي الطاهر الذي رمز الكاتب له بالطفل الذي استوى على المنبر، والمنبر هنا رمز لكافة وسائل التواصل التي كانت عاملا أساسيا في تجميع الناس وتوجيههم، ومع مرور الوقت نجح هؤلاء الشاب في تجميع الناس واصطفافهم معهم، ولكن ما أن تجمعت الجموع حتى بدأت الضحايا تتساقط على الأرض من هؤلاء الشباب الأنقياء، في الوقت الذي كان فيه النموذج الثاني الذي يمثله هذا الشيخ المستغِل مشغولا بما لا يمت للثورة بصلة، والشباب ما بين قتيل ومعتقل يُدلي باعترافات لا تمت له بصلة، حتى حانت لحظة انتصار هذا الشاب النقي في ثورتهم وحينها عاد الشيخ المستغِل ليأخذ نصيبه من الهدايا والغنائم، والهدايا هنا رمز للمناصب والسلطة التي كان هذا الشيخ قد وضع عينه عليها منذ البداية ولكن دون أن يُقدم أيَّ ثمن لها، وإنما قدم ثمنها هذا الشاب النقي الذي دفع الغالي والنفيس من أجل تحقيق آماله وطموحاته ثم جاء هذا الشيخ ليأخذ هذه الثمار على طبق من ذهب.
وواضح مدى ما في هذه القصة الشاعرة من تكثيف وتركيز حتى تكاثرت المحذوفات بين جنباتها، وهذا الحذف الكثير مما يساعد على إشراك المتلقي للمبدع في صُنع المعنى، وتخيُّل ما بين السطور، وهذه طريقة طريفة في عملية الإبداع التي لا تكتفي بطرف المبدع، وإنما هي مشاركة بين المبدع والمتلقي.
المطلب الثاني:الأساليب الإنشائية([17])
من الركائز الأساسية والآليات البلاغية التي تعتمد عليها القصة الشاعرة في بنائها الأساليب الإنشائية، وهذا يتناسب مع ما تتمتع به القصة الشاعرة من تكثيف وتركيز، ومن أهم الأساليب الإنشائية التي تُبنى عليها القصة الشاعرة الاستفهامات والنداءات، فالاستفهمات تُثير في النفس التساؤلات والانفعالات بالأساليب، والنداءات تحثُّ النفس على الإيقاظ والتنبُّه لما يحويه الكلام من معان ذات قيمة وأهمية يجب الوقوف عليها، وهذا هو لُبُّ القصة الشاعرة التي تستدعي الانفعالات والتنبيهات في أثناء تلقيها وقراءتها والتعايش معها، والأمثلة على ذلك كثيرة متنوعة منها ما جاء في القصة الشاعرة التي بعنوان: (تسريح) ([18]) وهذا نصها:
“تَسْرِيح
فتَحَ الموقعَ في منتصف الليل ، ونادى :
أيها العمّال مَنْ منكمْ يُغنّي ثورةَ الشكّ بصوت العنْدليب الحرّ ، مَنْ يُمكنه عزفَ كمان ، أو لديْه النكتة الغير وشكوى من مديرٍ؟
ليس عاديًّا من العمال في ليلة عيدٍ كلُّ هذا الصّمْتِ .. ما يشغَلُهم ، أين ينام الحارسُ المسكين .. يا مُسعدُ هلْ تسمعني؟
ردّتْ ثريّا:
وَمَتَى تَفْهمُ أنّ الكَهْرباءَ انقطعتْ مُنذ خروج الليثِ في نشْرة أصْحاب المعالي؟ ..
شدّ بطّانيّةَ الغابِ ،
استراحتْ”
يحكي الشاعر في هذه التجربة الإبداعية الشاعرة قصةً مؤلمة من القصص التي يعاني منها الوطن والمواطن، وهي قصة غلق المصانع والمواقع الإنتاجية وتسريح العمال وفصلهم منها؛ لعدم الحاجة إليهم، نظرا لتوغل أصحاب المصالح وتوحش الرأسمالية التي لا تراعي عاملا أو مسكينا، وفي ذات ليلة حالكة السواد دخل مجهول في موقع من المواقع الإنتاجية ونادى على العمال طالبا منهم أن يُغنُّوا بصوت العندليب الحر، وهو لا يدري ما يعتصر قلوبهم من الألم الذي ألزمهم الصمت، فلم يعد يُسمع لهم صوت بغناء أو بنكتة أو حتى بشكوى من مدير أو مسئول.
هذا الألم الذي يعيشون فيه جعلهم لا يفرقون في أيامهم بين الأعياد وغيرها، وجعل كل همهم في آلامهم التي يُعانون منعا ويعاني منها حتى الحارس النائم المسكين الذي بلا سكن أو مأوى وهو الذي يفترض فيه-بحكم عمله حارسا- القوة واليقظة، لكنه تائه في بحور الهموم والأشجان، وكل هذا بسبب توغل أصحاب المصالح والنفوذ، مما جعل حياة الناس تنقلب إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف، فآثر الناس الخوف والجُبن وعدم المواجهة ليستريحوا من ظلم المستبدين.
والمتأمل في هذا النص يجد تكاثر الأساليب الإنشائية فيها لا سيما النداء والاستفهام، فقد ورد النداء مرتين في قوله: (أيها العمال…) وقوله: (يا مسعد…)، ووظيفة النداء هنا هو الإيقاظ والتنبيه لهذه الطائفة المطحونة من طبقات المجتمع، فالعمال هم من أكثر طبقات المجتمع معاناة، فعملهم شاق مُتْعِب، ومع ذلك لا يكافأون عليه بما يستحقون، مما دفع هذا المجهول الذي دخل عليهم في مقر عملهم يستحثهم على الإيقاظ من غفلتهم حتى ينالوا حقوقهم المسلوبة، فنادى عليهم أولا بصيغة الجمع(أيها العمال…) ثم أخذ يستحث كل واحد منهم باسمه (يا مسعد)؛ ليفيقوا من غفلتهم ومن نومهم العميق لعلهم يتحصلون على حقوقهم المسلوبة وأتعابهم المنهوبة.
أما الاستفهامات فقد توالت في هذا النص حتى بلغت ستة استفهامات في قوله: (من منكم يغني ثورة الشك بصوت العندليب؟) (من يمكنه عزف كمان؟) (أو لديه النكتة الغير وشكوى من مدير؟)(أين ينام الحارس المسكين؟) (يا مسعد هل تسمعني؟) (متى تفهم أن الكهرباء انقطعت منذ خروج الليث في نشرة أصحاب المعالي؟)
وهذه الاستفهامات الستة نحمل معاني كثيرة منها: الحث على النهوض من هذا النوم العميق، وبث روح الأمل في النفوس بهذه الأغاني التي تُلهب المشاعر وتشحذ الأحاسيس، وتعديل المزاج بهذه الروح الفكاهية بفعل هذه النكات الطريفة، والحرص على عدم الاستسلام لظلم المديرين الذين يأكلون حقوق العمال والمستضعفين، والبحث عن كل المستضعفين والتكاتف معهم لنزع حقوقهم من أيدي الجبابرة المستبدين الذين استضعفوا هؤلاء المساكين.
كل هذه المعاني التي حملتها تلك النداءات والاستفهامات حتى لا نصل إلى النتيجة التي ختم بها الكاتب قصته الشاعرة، وهي عيشة حياة الغاب التي يأكل القوي فيها الضعيف ليستريح.
وهكذا نجد أن الأساليب الإنشائية وخاصة أسلوب النداء وأسلوب الاستفهام من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها القصة الشاعرة في بنائها الفني البديع.
المبحث الثاني:
آليات بلاغية من علم البيان
إن علم البيان من الفنون التي يركن إليها كاتب القصة الشاعرة كثيرا في رسم لُوحاته الفنية، وأكثر ما يستعين في هذا بالاستعارة والكناية
المطلب الأول: الاستعارة
من الأسس التي تُبنى عليها القصة الشاعرة الاستعارة بنوعيها: التصريحية والمكنية، والاستعارة قسيم المجاز المرسل، والاثنان: المجاز المرسل والاستعارة هما قسما المجاز اللغوي، ومعناها(الاستعارة) اللفظ المستخدم في غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي([19])
والصور البيانية التي تُستخدم فيها الاستعارة كعامل أساسي في بناء القصة الشاعرة كثيرة ومتنوعة من ذلك على سبيل المثال ما جاء في القصة الشاعرة التي سُمي الديوان باسمها: (من ثُقب الشتلات الأولى) ([20]) وهذه القصة الشاعرة قد جمعت بين الاستعارة التصريحية والاستعارة المكنية، وهذا نصها:
“مِنْ ثُقب الشّتْلاتِ الأولى
منتصفُ الليل، وأدْعيةٌ في ديوان النّسوة، معروضاتٌ في ثقْبٍ لم يُردم منذُ القرن الماضي ..، عاد الجدُّ يُفكّر في زيجاتٍ عابرةٍ للجنسيات، وجائزة الدولة، والصّبْية تنْهشُ في الأسْرى، وسبايا المؤتمر السّرّيّ ..،
توارتْ داعشُ، فاخترق الجمهور المَلْعبَ ..،
كانت ليلى مُدْرجةً في قائمةِ الأطفالِ، ولكن باتَ عليها أن ترضعَ أحفاد أبيها ..، شَقّتْ جلبابَ الملجأ،
راحتْ تلْعنُ مُغْتصبَ الشّتْلاتِ الأولى“
يعالج الشاعر في هذه القصة الشاعرة بعض الجوانب السلبية التي ابتليت بها بعض المجتمعات، ومنها مجتمعنا العربي، الذي يعيش بين نارين، نار الشهوة ونار الإرهاب، أما نار الشهوة فهي من الخطورة بمكان، إذ شاعت ظاهرة “زنا المحارم” التي تتعدد أسبابها في مجتمعاتنا العربية بين أسباب نفسية وأسباب اقتصادية وأسباب أخلاقية، والضحية في هذه هؤلاء الأطفال من البنات البريئات الضعيفات التي رمز الشاعر لهن بــ (الشتلات الأولى)، والمعتدِي عليهن من أقرب الناس لهُن وهو الجد ذلك الشيخ الكبير الذي يُفترض فيه الوقار والحماية والسند، ذلك الشخص الذي لم يشبع من كثرة الزيجات العابرة للجنسيات فراح يعتدي جنسيا على بنات أبنائه، ثم هو مبتلى بالإضافة لاعتداءاته الجنسية بالولع المادي والجوائز الدولية التي تُشبع رغباته الجسدية والمادية، هذه نار حامية يكتوى بها المجتمع العربي، فإذا ما خمدت قليلا اشتعلت فيه نار الإرهاب الذي رمز الشاعر له بــ (داعش) تلك الجماعة الإرهابية التي كثيرا ما أذاقت المجتمعات العربية والإسلامية سوء عملياتها الإجرامية الإرهابية، وهكذا تشتعل نار الإرهاب حينا ثم تخمد وتشتعل من بعدها نار الشهوة والرذيلة التي تُخلف العديد من الضحيات اللاتي أنجبن سفاحا بسبب فُجُورِ أقرب الناس إليهن، فما كان منهن إلا الدعاء في الظلام الدامس أن يرفع عنهن هذا البلاء، وأن يلعن الله مغتصبهن ومن يعتدي عليهن.
وقد برزت في هذه القصة الشاعرة بعض الصور البيانية التي جاءت في صورة الاستعارة بنوعيها التصريحية والمكنية.
أما التصريحية ففي: (الشتلات الأولى) فقد استعار الشتلات الأولى والشتلات جمع شتلة، وهي النبتة الصغيرة تنتقل من منبتها إلى مغرسها، وهي من الكلمات المحدثة([21]) استعارها للأطفال الصغيرات المعتدَى عليهن جنسيا من أقرب الناس إليهن، ثم حذف المستعار له (المشبه)، وصرح بالمستعار منه(المشبه به) على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية، وقيمة هذه الاستعارة تبدو في تصوير هؤلاء الأطفال في صورة رقيقة ضعيفة تحتاج إلى رعاية خاصة نظرا لضعفهن ورقتهن، إلا أن هذا الضعف وهذه الرقة قد قوبلت بالعنف الجسدي والاعتداء الجنسي، مما يوحي بغلظة وقسوة هذا المعتدِي الذي هو في الأصل مكمن الرعاية والعناية، إلا أنه آثر تلبية رغباته الجنسية مما خلف لهؤلاء البنات الضعف والخزي والانكسار وتحمل فوق ما يُطقن.
وأما عن الاستعارة المكنية فقد جاءت في قوله عن تلك الطفلة البريئة المغتصبة: (شقت جلباب الملجأ) فقد شبه الملجأ بثياب، ثم حذف المشبه به، ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الشق على سبيل الاستعارة بالكناية أو الاستعارة المكنية، وواضح من اسمها أن فيها نوع خفاء، وهذا يتناسب مع القصة الشاعرة التي من خصائها الخفاء والغموض كما سيأتي في سياق حديثنا عن الكناية.
وقيمة هذه الصورة البيانية المتمثلة في الاستعارة بالكناية تتبدى في أن هذه الطفلة المغتصبة قد فاض بها مما يُفعل بها من أقرب الناس إليها، فصرخت وشكت أمرها لربها في السماء من خلال الدعاء آناء الليل وأطراف النهار، وراحت تشكو أيضا للمسئولين في الأرض حتى يُنقذوها من هذا الحِمل الثقيل الذي كبلها وكسر ظهرها، فلم تعد تحتمل المزيد، فهي الطفلة البريئة الذي من المفترض أن تكون مدللةً، لكنَّ قسوة الأيام غيرت حالها إلى أسوأ حال، فصارت أُمًا لبنين وبنات جاءوا سفاحا من أقرب الناس إليها، وباتت تُرضعهم وتحمل همهم، مما دفعها للانفجار والشكوى والثورة على هذا الوضع المزري الذي باتت فيه، والملجأ هنا قد يكون رمزا للعادات والتقاليد أو للحياء والستر، فهذه نزعت كل هذه السواتر وصرخت بأعلى صوتها، وثارت بكل قوتها، واشتكت لكل من تصلح له الشكوى في السماء والأرض.
ومن هنا نُدرك قيمة اجتماعية للقصة الشاعرة، حيث إنها تسلط الضوء على قضايا اجتماعية غاية في الخطورة، لعل المجتمع يفيق من غفلته ويعالج تلك السلبيات المجتمعية قبل أن تتفشى أكثر وأكثر، ويغرق الجميع في بحار الفاحشة وأخطار الرذيلة.
المطلب الثاني: الكناية([22])
لما كانت القصة الشاعرة معتمدةً في معناها على التكثيف والرمز والمرجعيات الثقافية، فكان من الطبيعي أن تتخذ من الكناية أساسا في بنائها الفني، فما من قصة شاعرة تخلو في بنائها من الكنايات والرمز والتلميحات، مما يُفسر لنا ما يكتنزها من غموض وخفاء في معظم تعبيراتها الفنية، فالكناية في المعنى اللغوي تعني الخفاء يقول ابن فارس: ” الْكَافُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَدُلُّ عَلَى تَوْرِيَةٍ عَنِ اسْمٍ بِغَيْرِهِ. يُقَالُ: كَنَّيْتُ عَنْ كَذَا. إِذَا تَكَلَّمْتُ بِغَيْرِهِ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ. وَكَنَوْتُ أَيْضًا”([23])، ويكفي أن نقرأ أي نص للقصة الشاعرة لنرى كثافة الكنايات التي تتزاحم في النص الواحد، ومن ذلك القصة الشاعرة التي بعنوان (رقص) ([24])، وهذا نصها:
“رقْص
دارتْ هندُ على بطنِ الحوتِ ، وراح كريمٌ يلْعَبُ فوق الشاطئ ..،
بعد قليلٍ دَقّتْ “سارينة” إنقاذِ كي تجمع أطفال البحْر على موجة “صوت العرب” المُحْتَلّةِ حتى لا يغضبَ قرشُ الساعة ..
رقص المالح”
وهذه قصة شاعرة مكتظة بالكنايات والرموز، فهي تحكي قصة الهزيمة التي مُنِي بها العرب في حرب 1967م على يد العدو الصهيوني، ويُرجع الشاعر هذه الهزيمة إلى انغماس العرب في الشهوات والملذات، وعدم جاهزية الجيوش العربية لملاقاة عدوها اللدود، مما كان له أكبر الأثر ساعة الحسم وقت أن دقت سرينة الإنذار والتحذير من ذلك الهجوم العنيف المُباغت الذي قام به العدوُّ على معظم البلدان العربية التي كانت كل مؤسساتها في الحقيقة محتلة من قِبل العدو الذي كان يعلم عنهم كل كبيرة وصغيرة، وقد كان لهذه النكسة وتلك الهزيمة أصداؤها في العالم كله بين سعيد بها من قبل الغرب وبين حزين مهموم لما أسفرت عنه تلك الهزيمة النكراء.
والمتأمل في النص لن يجد كلاما مباشرا على هذا التحليل، وإنما سيجد رموزا وكناياتٍ خفية تشير إلى المعنى المقصود، فمثلا عتبة النص (العنوان) “رقص” المعنى المباشر له يشير إلى تلك الحركات التي يقوم بها الإنسان في حالات النشوة والفرحة، لكن الشاعر يريد من وراء هذه المفردة أن يكشف عن السبب الرئيس وراء تلك الهزيمة المخزية وهو انغماس الناس ومنهم الجنود في الملذات والشهوات، مما كان له أكبر الأثر في هزيمتهم وانكسارهم على يد هذا العدو الألد، وقول الشاعر: (دارت هند على بطن الحوت) كناية عن مدى سيطرة الغوازي والراقصات على القادة والمسئولين في الوطن العربي مما ترتب عليه ما حدث في 1967م من هزيمة نكراء، والحوت هنا رمز للقائد والمسئول الكبير، و(كريم) في قوله: (راح كريم يلعب فوق الشاطئ) رمز وكناية للشباب والجنود فاقدي الهُوية والمسئولية، فهم يلعبون ويمرحون ولا يُبالون بأن العدو على الجانب الآخر يتربص بهم الدوائر، وأنه يتمنى استمرارهم في تلك الحالة الفارغة من اللهو واللعب وعدم المبالاة، وقوله:(دقت سارينة الإنقاذ) كناية عن أصوات التحذيرات التي ارتفعت ساعة هجوم طيران العدو على معظم الأراضي العربية، وقوله (لكي تجمع أطفال البحر) كناية عن جنود الوطن العربي الذين كانوا أشبه ما يكونون بالأطفال في الضعف والبراءة وعدم المبالاة، ومثل هؤلاء جدير بهم الهزيمة وعدم الصمود أمام أي تهديدات وغارات تأتيهم من أي مكان، وقوله: (حتى لا يغضب قرش الساعة) كناية عن القائد الكبير، وقوله في الختام: (رقص المالح) كناية عن الفرحة العارمة التي غمرت من يسكنون على البحر المالح، والبحر المالح هنا يشمل البحر الأحمر الذي يطل عليه الكيان الصهيوني، ويشمل أيضا الغرب الذين يقطنون خلف البحر الأبيض المتوسط، فهؤلاء جميعا (إسرائيل والغرب) قد عَمَّتهم الفرحةُ وحفَّتهم السعادة لذلك الانتصار العظيم الذي حققه الكيان الصهيوني على معظم الدول العربية في ضربة واحدة وحرب واحدة.
وهكذا نرى تتابع الكنايات في هذا النص الموجز، فقد بلغت سبع كنايات متتالية، وهذا التتابع لتلك الكنايات يضفي على النص مزيدا من الغموض والخفاء، مما يحتاج إلى مزيد تأمل وكثير تدقيق في كل كلمة من كلمات النص، وهذه ليست القراءة الأخيرة لهذا النص، فقد يقرأه آخر ويستكشف منه معاني أخرى غير التي استكشفتها، وهذه مزية من مزايا نصوص القصة الشاعرة، أنها لا تحرم من تأمل فيها، بل تعطي لكل متلق قراءة تتناسب مع ثقافته ومرجعياته، مما يجعل التلقي فيها حرا غير مقيد بقيود معينة.
المبحث الثالث: آليات بلاغية من علم البديع
المطلب الأول: تشابه الأطراف
تشابه الأطراف مُحَسِّن بديعي معنوي وهو يُمثل صورةً من صور التناسب في الكلام وهو “أن يُختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى”([25])، والمتأمل في نصوص القصة الشاعرة يرى تناسبا عجيبا بين أطرافها: (العنوان والخاتمة) حتى إنه في بعض الأحيان ترى التطابق التام بينهما في اللفظ والمعنى، والأمثلة على هذا كثيرة من ذلك ما سبق في قصة (من ثقب الشتلات الأولى)، فقد ختمت هذه القصة بقوله: (مغتصب الشتلات الأولى)، وقد يكون التطابق بزيادة كلمة أو حذف كلمة، كما في قصة:(رقص) فقد ختمت بقوله (رقص المالح)، أما في قصة (تسريح) فقد خُتمت ب (استراحت) وفيهما تشابه بين اللفظين، وكل هذا يدل على مدى التناسب بين أطراف القصة الشاعرة الواحدة على وجازتها وما فيها من تكثيف وترميز، ومن القصص الشاعرة التي ظهر فيها جليا ما يسمى تشابه الأطراف القصة الشاعرة التي بعنوان: (دقت الكلمات)([26]) فقد خُتمت بنفس الكلمتين، وهذا نصها:
دقّت الكلمات
توقّفَ عقْربُ ساعته ليلة كان فيها يُدَاعب بشْرةَ طفلتِه المستباحةِ في “آل عمران” من غير ضبطٍ .. ،
تصوّر وجْه أبيه على الرّبع دائرة ، فاستراحتْ براويزُ حُجْرته .. ، سَكَنَتْ في الحوائط زاويةٌ .. ،
راحَ يْبكي منَ القَمْع .. ، يرنو إلى”آل عمران” متكئًا في البروج على شفتيه .. ، تحرّك ضلْعَاه فوقَ سريرِ السّكوتِ لكي يتوضّأ لكنْ …
هُنا السّاعة ارتفعتْ .. ،
دُقّتِ الكلمات.
يتباكى الشاعر في هذه القصة الشاعرة الموجزة على أرض الفيروز السليبة المغتصبة(فلسطين) تلك الأرض التي يرمز إليها الشاعر بالطفلة المستباحة إشارة إلى براءتها وما فيها من خير قد انتزع منها بفعل العدو الغاشم، وهذه الأرض المقدسة بمكانها وبمن سكنوها وعاشوا فيها من الأنبياء والصالحين كان لزاما على المسلمين والعرب أن يحافظوا عليها وأن يدافعوا عنها، لكن مما يُبكي القلب قبل العين هذه الحالة المستكينة المستسلمة التي يعيشها العرب والمسلمون، فهم لا يمكلون إلا البكاء كالنساء على أرض لم يحافظوا عليها كالرجال، ومما يمكلونه أيضا الشجب والإنكار بالكلمات والشعارات وفقط، ومن هنا جاء التلاحم والتناسب بين عتبة النص: (العنوان) وخاتمة النص في عبارة واحدة متوافقة لفظا ومعنى وهي عبارة (دقت الكلمات) فلأننا لا نملك إلا الكلام فقد بدأنا بها شجبُنا وانتهى به دفاعُنا عن أولى قبلتنا، ومسرى نبينا، وأرض الأنبياء والمرسلين، حتى إن الكلام قد بدأ الآن يتلاشى ويندثر فلم نعد نسمع حتى شجبا ولا إنكارا لما يحدث في أرض فلسطين، ولعل هذا سببا في ترك تشكيل (دقت) الأولى التي جاءت في العنوان فجاءت محتملة البناء للمعلوم والبناء للمجهول، حيث كان الكلام موجودا، بينما شكل (دُقَّت) التي في الختام فجاءت مبنية للمجهول؛ ذلك لأننا قد حُرمنا حتى من مجرد الكلام عن أرض الفيروز، وهذا التلاحم والتناسب بين أطراف القصة الشاعرة يُعد خصيصة من خصائصها الفنية، فمفرداتها متلاحمة متناسقة متناسبة من أول كلمة إلى آخر كلمة في النص الواحد، فالتدوير العروضي القائم فيها قائم مثله في التدوير التناسبي التناسقي، وهذه ميزة من مزايا القصة الشاعرة.
المطلب الثاني: الاقتباس
الاقتباس مُحسن بديعي لفظي ومعناه أن يضمن الكلام- شعرا كان أو نثرا شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه، وسمي الإتيان بالقرآن أو الحديث على هذا الوجه المذكور اقتباسا أخذا من اقتباس نور المصباح من نور القبس وهو الشهاب؛ لأن القرآن والحديث أصل الأنوار العلمية([27])
والمتتبع لبعض نصوص القصة الشاعرة في هذه الديوان:(من ثقب الشتلات الأولى) محل الدراسة يجد أن الشاعر قد عمد إلى تزيين بعض نصوصه بكلمات من القرآن الكريم؛ وهي وإن كانت ليست بنفس تركيبها القرآني إلا أن فيها إضافة من أنوار القرآن الكريم على نصوصه، وهذا يدل على مدى ثقافة الشاعر الإسلامية، ومدى مقدرته الأدبية، تلك المقدرة التي تُمكنه من توظيف بعض الكلمات القرآنية في خلال سرده للقصة الشاعرة، من ذلك ما سبق في قصة (أثر) من قوله: (وارفعْ بصمة “السبْعِ المثاني) ففيه اقتابس من قوله تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ )([28])
وقد جاء الاقتباس أيضا في قصة (رد) في قوله: (هيت لها)، فقد اقتبس الفعل هيت من قوله تعالى على لسان امرأة العزيز: (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)([29])
ويُلاحظ أن الشاعر لم يقتبس تعبيرا كاملا من القرآن الكريم، وإنما اقتبس كلمة من تعبير أو نحوها، ومع ذلك فقد اكتسب هذا الاقتباس الذي يشم منه رائحة القرآن الكريم شيئا من النورانيات التي يفيض بها كتاب الله الكريم على من ركن إليه في مقروء أو مكتوب.
الخاتمة
ومن أهم نتائج البحث ما يأتي:
- البلاغة العربية ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها في أي جنس أدبي شعرا كان أو نثرا أو قصة شاعرة، وبدونها يفقد النص الأدبي إبداعه ورونقه.
- تعتمد القصة الشاعرة في بنائها الفني اعتمادا أساسيا على فنون البلاغة العربية وبدونها لا يمكن لأي نص فيها أن يكون ذا قيمة.
- القصة الشاعرة في حاجة إلى أبواب البلاغة الثلاثة (المعاني، والبيان، والبديع) وإن كانت أكثر احتياجا لبعض الفنون عن البعض الآخر، كما سيأتي.
- أكثر الفنون البلاغية حضورا في القصة الشاعرة ما يتلاءم مع طبيعة فن القصة الشاعرة التي تُعنى بالتكثيف والرمز والإيحاءات والمرجعيات الثقافية، ومن ثم فالقصة الشاعرة أحوج ما تكون في بنائها إلى الحذف بنوعيه: القِصَر والحذف، والأساليب الإنشائية التي تعمل على استثارة المتلقي وإشراكه في إنتاج العمل الأدبي، والكنايات، والتشابه الأطراف.
- تتميز القصة الشاعرة في بنائها الفني البلاغي بتعدد القراءات، فهي ليست جامدة ذات قراءة واحدة، بل مَرِنةً تستوعب أكثر من قراءة، وتتعدد القراءات بتعدد الثقافات والمرجعيات لدى المبدع والمتلقي.
- من أهم المزايا الفنية البلاغية للقصة الشاعرة التلاحم والتناسب والتناسق بين جميع مفرداتها، من أول كلمة في النص إلى آخر كلمة فيه، مما يدل على أن ظاهرة التدوير فيها لا تتوقف على العروض فقط، وإنما تشمل التدوير التناسبي والتلاحمي، وهذه من أهم مزايا القصة الشاعرة.
- القصة الشاعرة ليست ترفا إبداعيا، وإنما لها أهداف كثيرة منها هدف اجتماعي، تحرص من خلاله على تتبع قضايا المجتمع، وتشجيع الصالح منها ونقد الطالح.
- وأوصي من خلال هذا البحث إلى ضرورة الحضور البلاغي في كافة المنتديات والمؤتمرات والمشاركة الفعالة في تقويم وتقييم أي عمل أدبي يطرأ على الساحة، إذ البلاغة العربية هي عمود الإبداع العربي، ، فإذا فُقدت البلاغة اندثر الإبداع ومات، وإذا وجدت البلاغة فَثَمَّ الإبداع.
ثبت أهم المصادر والمراجع
أولا: القرآن الكريم
ثانيا: أهم المصادر والمراجع
- أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود محمد شاكر، دار المدني بجدة
- بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة، المؤلف: عبد المتعال الصعيدي (المتوفى: 1391هـ)، الناشر: مكتبة الآداب، الطبعة: السابعة عشر: 1426هـ-2005م
- تحرير التحبير لابن أبي الإصبع المصري، تقديم وتحقيق د. حنفي محمد شرف، القاهرة 1433هــ2012م، وزارة الأوقاف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لجنة إحياء التراث الإسلامي.
- التصوير البياني: دراسة تحليلية لمسائل البيان للدكتور محمد محمد أبي موسى، مكتبة وهبة القاهرة.
- خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني للدكتور محمد محمد أبي موسى، مكتبة وهبة- القاهرة- الطبعة الرابعة.
- دلالات التراكيب: دراسة بلاغية، للدكتور محمد محمد أبي موسى، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الرابعة.
- دلائل الإعجاز في علم المعاني، المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471هـ)المحقق: محمود محمد شاكر أبو فهر، الناشر: مطبعة المدني بالقاهرة – دار المدني بجدة، الطبعة: الثالثة 1413هـ – 1992م
- شروح التلخيص.
- فنون بديعية تحليل وتطبيق للدكتور أحمد هنداوي هلال، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثانية 2008م.
- في البيان العربي: دراسة مُيَسَّرة لفنونه وصلتها بالرمز للدكتور عبد الموجود متولي بهنسي، مكتبة المتنبي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى.
- القصة الشاعرة بين الاقتصاد الإبداعي والقيمة المضافة، محمد الشحات محمد.
- القصة الشاعرة بين المسايرة والمغايرة: المؤتمر الدولي التاسع للقصة الشاعرة 15-16/10/2018م
- القصة الشاعرة بين سيكولوجية الإبداع والنص الجامع عنوان المؤتمر العربي العاشر للقصة الشاعرة، وقد عُقد في 20-21 أكتوبر 2019م.
- قطوف من بستان البديع للدكتور السيد سلام صــ36، مطبعة الشمس شبين الكوم، مصر بدون
- مباحث البيان بين المتقدمين والمتأخرين للدكتور السيد محمد سلام، دار الوفاء للطباعة-شبين الكوم –مصر،2004م
- المجلة العربية مداد ، المجلد الثالث العدد 7، أكتوبر 2019م
- المسرواية بين التأصيل وإشكالية التزاوج بين المسرح والرواية في: حتى يطمئن قلبي. بجريدة مسرحنا العدد(510) يوليو 2017م تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة .
- المعجم الوسيط، المؤلف: مجمع اللغة العربية بالقاهرة (إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار)، الناشر: دار الدعوة.
- معجم مصطلحات الأدب.
- معجم مقاييس اللغة، المؤلف: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م.
- من ثُقْبِ الشتلات الأولى: قصص شاعرة للكاتب محمد الشحات محمد، دار النسر الأدبية.
- مواهب الفتاح لابن يعقوب المغربي.
- الوجوه الحسان في علم البيان للدكتور سعيد جمعة، مكتبة وهبة القاهرة.
([1]) (القصة الشاعرة) بين الاقتصاد الإبداعي والقيمة المضافة، محمد الشحات محمد، صــ 168
([2]) ينظر: معجم مصطلحات الأدب جــ 1، صــ 89 .
([4]) المجلة العربية مداد ، المجلد الثالث العدد 7، أكتوبر 2019م، صــ 5، بحث للأستاذ الدكتور صبري أبو حسين.
([5]) مقال بعنوان القصة الشاعرة بين المصطلح الواقع ، لمحمد الشحات محمد، ضمن مؤتمر القصة الشاعرة بين المسايرة والمغايرة، صــ15
([6]) مقال بعنوان القصة الشاعرة والضمير النقدي لمحمد الشحات محمد، ضمن أبحاث المؤتمر العربي العاشر للقصة الشاعرة، القصة الشاعرة بين سيكولوجية الإبداع والنص الجامع، صـ18 .
([8]) يشير مصطلح (المسرواية) إلى التداخل والاندماج بين الرواية والمسرحية من الأدب, حيث تندمج الصيغتان السردية و المسرحية بشكل متوال و متعاقب على مدار العمل .. إلا أنه فن غربي نشأ في نهاية القرن التاسع عشر عند “هاردي” و “فلوبير” ثم “جويس” في القرن العشرين . مقال بقلم أحمد محمد الشريف بعنوان (المسرواية بين التأصيل وإشكالية التزاوج بين المسرح والرواية في حتى يطمئن قلبي. بجريدة مسرحنا العدد(510) يوليو 2017م تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة .
([9]) كان هذا اللقاء يوم 2/2/2020م س10 صباحا
([10]) ينظر: خصائص التراكيب: دراسة تحليلية لمسائل علم المعاني للدكتور محمد محمد أبي موسى، صـــ153، مكتبة وهبة- القاهرة- الطبعة الرابعة.
([11]) إيجاز القِصَر معناه أن يكون الكلام مركبا من جمل قصيرة تتضمن معاني كثيرة من غير حذف في جزء من أجزائه.
([12]) من ثقب الشتلات الأولى: قصص شاعرة للكاتب محمد الشحات محمد، صــ31، دار النسر الأدبية
([13])دلائل الإعجاز في علم المعاني، صــ146، المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (المتوفى: 471هـ)
المحقق: محمود محمد شاكر أبو فهر، الناشر: مطبعة المدني بالقاهرة – دارالمدني بجدة، الطبعة: الثالثة 1413هـ – 1992م
([14]) خصائص التراكيب صـــ 154
([15]) أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني صــ139، قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود محمد شاكر، دار المدني بجدة
([16]) من ثقب الشتلات الأولى، صـــ22
([17]) ينظر: دلالات التراكيب: دراسة بلاغية، للدكتور محمد محمد أبي موسى، صــ190، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الرابعة
([18]) من ثقب الشتلات الأولى، صــ23
([19]) ينظر: أسرار البلاغة للإمام عبد القاهر الجرجاني، صــ27.، شروح التلخيص، 4/30، تحرير التحبير لابن أبي الإصبع المصري، صــ97، تقديم وتحقيق د. حنفي محمد شرف، القاهرة 1433هــ2012م، وزارة الأوقاف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لجنة إحياء التراث الإسلامي، التصوير البياني: دراسة تحليلية لمسائل البيان للدكتور محمد محمد أبي موسى، صــ184، مكتبة وهبة القاهرة، وفي البيان العربي: دراسة ميسرة لفنونه وصلتها بالرمز للدكتور عبد الموجود متولي بهنسي صـــ146، مكتبة المتنبي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، ومباحث البيان بين المتقدمين والمتأخرين للدكتور السيد محمد سلام صـــ127، دار الوفاء للطباعة- شبين الكوم –مصر، والوجوه الحسان في علم البيان للدكتور سعيد جمعة 224، مكتبة وهبة القاهرة.
([20]) من ثقب الشتلات الأولى صـــ25
([21])المعجم الوسيط،صــ 472المؤلف: مجمع اللغة العربية بالقاهرة (إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار)، الناشر: دار الدعوة.
([22])الكناية: “لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ1؛ كقولك: “فلان طويل النجاد” أي: طويل القامة” بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة 3/538، المؤلف: عبد المتعال الصعيدي (المتوفى: 1391هـ)، الناشر: مكتبة الآداب، الطبعة: السابعة عشر: 1426هـ-2005م
([23])معجم مقاييس اللغة، 5/139، المؤلف: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)، المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م.
([24]) من ثقب الشتلات الأولى 24
([25]) ينظر: بغية الإيضاح 4/584، وقطوف من بستان البديع للدكتور السيد سلام صــ36، مطبعة الشمس شبين الكوم، بدون
([26]) من ثقب الشتلات الأولى، صــ28
([27]) ينظر: مواهب الفتاح لابن يعقوب المغربي 4/510، وفنون بديعية تحليل وتطبيق للدكتور أحمد هنداوي هلال صـــ 163، مكتبة وهبة، القاهرة، الطبعة الثانية 2008م