أزمة كورونا وتجنب المشاكل الزوجية
بقلم/ د. هدى عبد الهادي
استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري
تعيش معظم دول العالم خلال الفترة الحالية حالة من الحظر والعزل المنزلي ضمن الإجراءات الاحترازية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.. وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية يشعر الجميع بالضغط النفسي والتوتر والقلق والخوف بسبب هذه الأزمة أو بسبب فقدان الوظيفة، والقلق على أفراد الأسرة الضعفاء، والبعد عن الرؤية المُعتادة للأم والأب والأخوة، كما أن هذه الأزمة قد أجبرت الزوجين على التواجد في المنزل معاً طول اليوم والتعرض المستمر لإزعاج الأطفال 24 ساعة في مكان واحد.
وليس من المستغرب اندلاع الخلافات الزوجية التي قد تؤدي في بعض الحالات إلى الانفصال؛ وبالتالي ارتفاع معدل ونسبة النزاعات القضائية وعمل محاكم الأسرة .. ولكي نتجنب هذه النتائج المُـتوقعة – ونتجنب حدوث المشاكل الزوجية من الأساس– وللحفاظ على علاقة زوجية صحية في ظل هذا العزل المنزلي يجب اتباع الخطوات التالية:
1) أولاً على الزوجين قبول الوضع الطبيعي الجديد، وإدراك أن أحد الأسباب التي تجعلنا نشعر بالتوتر والعصبية في الوقت الحالي هو أن روتيننا اليومي مُعطل والحل هو خلق روتين جديد داخل البيت نقبله دون حرج.
2) على الزوجين التحلى بالهدوء والاسترخاء والمرونة؛ ليتمكنوا من إدارة الأزمة بكفاءة وحكمة، وليتجنبوا أي تأثيرات سلبية على علاقتهم ببعض وعلاقتهم بأبنائهم.
3) يسهم الاتفاق بين الزوجين على مسؤوليات الأسرة في تقليل الخلافات والصراع حول الواجبات والحقوق، ويعد احترام هذا الاتفاق مفتاحاً لتعزيز العلاقة وزيادة الثقة بين الزوجين.
4) يجب منح شريك الحياة بعض الخصوصية والاستقلالية داخل المنزل – بحيث لا تتواجد مع شريك الحياة طول الوقت في نفس الغرفة، بل حاول أن تبتعد عنه وتترك مسافة جميلة لبعض الوقت؛ ليحظى كل منكما بمساحة من الخصوصية والهدوء، وفي نفس الوقت تجنبا لمناقشة المشاكل وإثارتها بدون داعي.
5) ويجب التغاضي عن أخطاء شريك الحياة، واستخدام الحوار الراقي البناء الذي يعبر عن الاحترام .. وفي حال وجدت نفسك وسط شجار معه يجب أن تنسحب لغرفة أخرى لمدة ساعات حتى تهدأ وتتوضأ وتصلى، ثم تُعاود الحوار معه مرة أخرى بهدوء .. وتعبر عن ما يزعجك باستخدام عبارات مثل أنا أشعر بـ … وأنا أحتاج إلى … دون إلقاء اللوم والنقد عليه.
6) التحلى بالصبر والصلاة، والتجاوز عن الأمور والخلافات البسيطة في وجهات النظر، وعلى الزوجين إدراك أن المرونة والتسامح غاية، إن تم إدراكها تغيرت الحياة إلى الأفضل.
7) المشاركة في أعمال المنزل وسيلة مفيدة لتوطيد العلاقة والمودة والرحمة مع شريك الحياة، ومساعدته على إنجاز المهام اليومية بشكل أسرع، وبالتالي توفير وقت إضافي للاهتمام بالأبناء وحل مشاكلهم النفسية والدراسية في هذه الظروف؛ وتوجيههم لكيفية عمل الأبحاث الدراسية المطلوبة منهم، وكيفية التركيز والاجتهاد للاستعداد لامتحانات نهاية العام الدراسي.
8) كن إيجابياً داخل البيت، وتجنب الاكتئاب الذي قد ينجم عن المكوث في المنزل لفترة طويلة، فالعزل المنزلى لا يعني أن تعتزل أصدقاءك؛ حيث يمكنك التواصل معهم تليفونياً وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكنك بر الأقارب وصلة الأرحام.
9) كن إيجابياً واستثمر وقتك في إنجاز أشياء مفيدة لك ولأسرتك، كالاهتمام بالجلوس والحوار واللعب مع الأبناء وحل مشاكلهم، واجعل الهوايات المفيدة تزحف إلى حياتك، كممارسة الرياضة داخل المنزل مع أفراد الأسرة، أو القراءة، وتعلم مهارة جديدة كإتقان بعض برامج الكمبيوتر المهمة، أو تعلم لغة جديدة، أو اثقل خبراتك في تخصصك العلمي، أو تعلم أي مهنة إضافية جديدة يمكن أن تفيدك في الحياة وتزيد من دخلك.
10) وأخيراً على الزوجين أن يتفننا في خلق جو من المرح ورسم الابتسامة داخل البيت لإسعاد أنفسهم وإسعاد أبنائهم، والتغلب على ملل وروتين هذه المرحلة الأستثنائية.. فهذه الأزمة مؤقتة ولن تدوم إلى الأبد، فلا تجعلوها تؤثر بشكل سلبي على حياتكم الزوجية والأسرية.