كتب: عبد الرحمن هاشم:
يروي تاريخ سلطنة عُمان قصص البطولة والشجاعة والحكمة وحب الوطن والإخلاص له، وهو ما يدل على أن التجربة الحضارية العُمانية تجربة غنية ثرية، والذي أسهم في بناء سلطنة عُمان الحديثة.
لـعـب موقع عُمان الاستراتيجي دوراً كـبيراً فــي الأطمــاع والـنـزاعات الإقليميــة الـعـديـدة فـي الـمنطقـة، حـيـث تـطــل أراضـيـهـا علـى بحــر العــرب وبحر عُمــــان والخيلج العربي، كمــا أنهــا تتحكـم بمضيق هـرمـز والـذي يعتبر مـن أكـثـر المرافـق الـحيويـة أهميـة فـي المنطـقة حيث يـربـط خـليـج عُمــان بالخيلج العربي وهـو بوابـة دخـول جميع الســفن القـادمـة من الـمـحـيـط الـهـنـدي وبحر العرب.
وتعتبر منطقة الوطية في محافظة مسقط من أوائل المدن المأهولة إذ تشير الاكتشافات الحديثة أن وجود الإنسان فيها يرجع إلى العصر الحجري أي إلى أكثر من 10,000 عام.
كما أن البابليون والأشوريون استوطنوا عُمان لرغبتهم في السيطرة على خط التجارة الذي يربط آسيا بشواطئ البحر المتوسط.
ومع انتشـار الإســلام ودخول مازن بن غضوبة كأول من دخل الإســلام في عُمــان وهجرتـه إلى المدينـة المنورة للقاء رسـول الله صلى الله عليه وسـلم ، وعند عودتـه ارتفع صرح مسـجد المضمار كأول مسـجد في عُمــان والذي مازال قائماً حتى الآن في ولايـة ســمائل ، ومـهـد ذلك كلـه لأن يسـلم ملكـي عُمــان آنذاك جيفر وعـبـد ابنـي الـجـلندي عن إيمـان وقناعـة تـامـة بعد أن بعث رسـول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه لهما.
وقد ورد في بعض الأحاديث قوله صلى الله عليه وسـلم “رحـم الله أهل الغبيراء (أي أهل عُمان) آمنو بي ولم يروني” ، كما ورد في خطبة سـيدنا أبي بكر الصديق خليفة رسـول الله صلى الله عليه وسـلم لأهل عُمان (معاشـر أهل عُمــان إنكم أسـلمتم طوعــاً لم يطـأ رسـول الله سـاحتكم بخف ولا حـافـر ولا عصيتموه كما عصيه غيركم من العرب ، ولم ترموا بفرقة ولاتشـتت شـمل فجمع الله على الخير شـملكم).
ومع انتخاب أول الأئمة ابن مسعود 751 م بدء عهد الإمامة في عُمان والذي استمر قرابة أربعة عقود حتى عام 1154 م، وقد جرت بعض المحاولات التي لم يكتب لها النجاح لإعادة حكم الإمامة لعُمان في أواسط القرن الخامس عشر.
وخلال الفترة 1498-1507 م حاول البرتغاليون السيطرة على عُمان، وببطولات سطرت تاريخاً وقصص تروى دحر أبناء عُمان الأبرار البرتغاليون بعد نضال أبنائها وبصمودهم وبطولاتهم، وتم انتخاب ناصر بن مرشد إماماً في 1624م.
وبحكم موقع عُمان الساحلي المميز برز أسطول عُمان البحري والذي احتل مكانه مميزة إقليمياً مما أثار حفيظة البرتغاليين والذين لم ينسوا هزيمتهم النكراء فدارت معارك طاحنة بين الأسطول البرتغالي (والذي اتخذ من الهند قاعدة له بعد تحرير عُمان) والأسطول العماني العتيد، وبعد معركة طاحنة تمكن الأسطول العماني من إلحاق الهزيمة بالأسطول البرتغالي.
وتوسعة الإمبراطورية العُمانية آن ذاك لتضم إلى أراضيها مدن الساحل الشرقي لإفريقيا والممتد من ممباسا إلى كيلا وزنجبار وبيمبا وباتا وذلك في عام 1698م، وظلت موزامبيق تحت الحكم البرتغالي حتى القرن العشرين.
وتعرضت عُمان لمحاولات عديدة من الفرس لغزو أراضيها، ولكن صمود وبطولة العمانيين والتي سطرت روائع النضال في تلك الفترة ردت المحتل الغاصب عن أراضيها مسطراً مآثر العمانيين الأبطال في الدفاع عن أراضيهم، وتحقق النصر الكبير على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي والذي هزم الفرس شر هزيمة وانتخب إماماً .
ومع إطـلالـة عــام 1970م، بزغ فـجـر النهضـة الحديثـة للســلطنـة مـع بدايـة عـهـد الراحل السـلـطـان قــابوس بـن ســعيد – طيب الله ثراه- في بناء سلطنة عُمان الحديثة.
وفي 11 يناير 2020 تتواصل مسيرة النهضة العُمانية المتجددة تحت القيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، مع تحمل الأعباء ومواجهة التحديات لاستكمال مسيرة البناء والتنمية في عُمان متخذاً من “رؤية عُمان 2040” أولى الخطوات والاستراتيجيات لديمومة النهضة العُمانية.