نجاملك في الأفراح
د. نجلاء الورداني
قصتنا تسرد لنا أحداثا ربما تكون في نظر البعض بسيطة ومألوفة وإنها لتكثر في هذا الزمان.
إذ تحكي عن شاب في سن العشرين، محب للصداقة ومقولة “الناس للناس”، مؤمن بنجدة الصديق في السراء والضراء دون تفكير أو تردد.
وأبطالها ينتمون لعائلات بسيطة ومستورة، تلكم العائلات التي تعاني من تبعات الحياة ومشقاتها، ولكنها أيضًا تنعم بملذاتها وخيراتها، كما تحلم وتحقق أغلب أحلامها.
أما الشاب فيعيش في ترابط أسري جميل ومريح، وهو سعيد في بيته ووسط إخوته، يحكي ويتكلم ويدلل ويدلع، ويتعلم ويعمل في الإجازات، ويمتلك سيارة وشقة، ويرتبط بفتاة لا يمنعه من خطبتها سوى التفرغ للعام النهائي في دراسته بكلية الحقوق جامعة عين شمس.
وبينما هو جالس ذات يوم يشاهد التلفاز ويتنقل بين برامج هاتفه المحمول، رن الجرس بأرق كلمات الأغاني الجميلة، وسرعان ما فتح هاتفه ليرد على صديقه الذي سلم عليه سلامًا حارًا، ودعاه هو وأسرته لحضور عقد قران أخيه الأكبر.
ولأنه مؤمن بالمحبة والمودة والصداقة بين العائلات، فقد رحّب قائلا:
“هذا فرحنا جميعا وليس فرح أخي، فكلنا لا بد أن نفرح ونساعد في إقامة فرحنا على أكمل وجه، لتعم السعادة بالعروسين وبنا جميعًا”.
بل عرض خدماته، وبالفعل أكد صديقه على احتياجه له في أمرٍ ما، ولكنه سيغلق معه الهاتف في الوقت الحالي، وسيبلغه عما قريب فيما يمكن أن يقدم من خدمة.
ومر على هذا الحديث يومان، ليتصل الشاب ببطل قصتنا مرة أخرى، ودون أي تردد وبسرعة وعجلة يرد الفتى:
ـ اؤمرني، أتحتاج مني شيئًا؟
ـ نعم يا صديقي أحتاج منك أشياء وليس شيئًا واحدًا.
ـ اؤمرني ولك ما تشاء.
ـ تسلم لي يا صديقي الغالي.. فكرت كثيرًا مَن يذهب معي في هذا المشوار المهم، وأول من خطر ببالي أنت، فأنت صديقي الصدوق “الجدع” الذي يقف بجوار أصدقائه دائما ويساندهم.
ـ اؤمرني تجدني طوع يمينك.
ـ أريدك أن تذهب معي ليلًا بسيارتك في مشوار مهم يخص فرح أخي.
ـ نعم يا صديقي سأمر عليك ليلًا ونذهب سويًا كيفما تشاء.
لم يعلم الفتى بأن هذا موعده مع القدر و”المستخبي” كما يقولون، وأن هذا المشوار سيسبب له مشكلات لا حصر لها، حيث يتسبب في ضياع مستقبله وسمعته وسمعة أهله وعائلته في مجتمع لا يرحم بل يعاير.
ذهب الفتى مع صديقه وفي الطريق أخبره بأنهم سيذهبون لصديق للعائلة ليحضرا شيئًا يخص الفرح.
لم يسأل الفتى ولم يعبأ بالأمر، فكل ما يهمه هو مجاملة صديقه في فرح أخيه، وساق سيارته وذهب مع صديقه وقابلا الرجل الذي لفت مظهره وهيئته نظر الفتى ولكنه صمت.
أخذ الصديق من الرجل كيسًا ملفوفًا جيدًا بعدة لفافات ووضعه بجواره في السيارة.
وفي رحلة العودة سأل الفتى صديقه عن الكيس وعن الرجل فأخبره بأنه كيس به بعض أنواع المخدرات والأقراص البسيطة التي تستخدم في الأفراح كتحية من صاحب الفرح، وردد عليه مقولة “نجاملك في الأفراح”.
استمر الفتى في طريقه يسوق سيارته وكأنه لم يسمع شيئًا على الإطلاق، ولكن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن، فيقابل الفتى أحد الأكمنة في الطريق.
يسأله الضابط عن متعلقات السيارة ورخصة قيادته، ويجد الضابط كل ما يطلب من أوراق مستوفيًا للشروط لكن لفت انتباهه منظر الشابين وارتباكهما، فأمر بتفتيش السيارة ليجد المخدرات مع الفتيين.
ولا داعي لأسرد لكم النهاية فيقينا قد عرفتموها فلتحذروا من مقدماتها.