قلوبُ الذاكرينَ أنوارٌ وأسرار
بقلم/ د. محمود عابدين
من علماء وزارة الأوقاف
في لمحة قرآنية عجيبة في سورة الكهف يقول الله تعالي: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) فالذي غفل عن الذكر هو القلب وكأن الذكر الذي ينتج الأنوار والاتصال بالرحمن هو ذكر القلب لا ذكر اللسان.
فالذكر الحقيقي ذكر القلب لا ذكر اللسان وإن كان ذكر اللسان وسيلة للوصول إلي أن ينطق القلب بالذكر فتتجلي فيه الأنوار والأسرار، وهذه هي الحياة الحقيقية التي يحرم منها أهل الغفلة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله مثل الحي والميت).
والمسلم في أشد الاحتياج لهذه الحياة الحقيقية خاصة في هذه الأوقات التي زاد فيها الاضطراب والتوتر والقلق فقد قال تعالي (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فذكر الله تعالي مصدر أمان وراحة قلب في زمن تفشي وباء الكورونا والتوتر المجتمعي.
وفوق ذلك فقد ذكر العلماء لذكر الله تعالي فوائد وأنوار وأسرار زادت علي المائلة وإليكم طرفا من هذه الانوار التي تسكن قلوب الأبرار من أهل ذكر الله العزيز الغفار:
١- ذكر الله تعالي طارد للشيطان وللوساوس والهواجس فلا قدرة للوساوس والشياطين علي قلوب الذاكرين وهو من أسباب قوة قلوبهم وهزيمتهم للشيطان وهو ما قاله الله تعالي (ان عبادي ليس لك عليهم سلطانا)
٢- ذكر الله تعالي فيه مرضات الرحمن فأولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فهل هناك انسان نال رضي الله تعالي يخاف من شيء او يخشي من أحد
٣- ذكر الله تعالي يزيل الهم والغم عن القلب~ فمن كان عنده هم الرزق او هم المرض أو أي نوع من أنواع الهموم فإن ذكر الله تعالي يرفع الهموم كلها فقلب الذاكر لا يحمل هما لأي شيء من هموم الدنيا (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
٤- ذكر الله تعالي يجلب الفرح والسرور لقلب الذاكر وهذا واحد من أهم أسرار قلوب الذاكرين فهي دائمة السرور والهناء والسعادة مهما ضاقت عليها أمور الحياة الدنيا
٥- ومن أهم هذه الأنوار والأسرار علي الإطلاق أن قلوب الذاكرين تعيش في مقام المراقبة لربها ومقام المراقبة مقام العارفين الصالحين المصلحين وهو من دوام الانطباع لأوامر الله وتعقب مرضاته في كل الأمور فلا تجد المراقب لربه صاحب كذب ولا غش ولا نفاق.
فكونوا أيها الأحبة من أهل الذكر لتتشبع قلوبنا بهذه الأنوار وتلك الأسرار.