شروط إعادة فتح الحرمين والمساجد بأمر الله
أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية
إذا كنا نؤمن بأن ما من شيء يحدث إلا بأمر الله، فلننظر إلى غلق الحرمين الشريفين والمساجد التي هي بيوت الله في وجه المصلين، لأنه آية من آيات الله، وليس من سلطة من أصدر أمره أو فتواه بالغلق، فما كان لبشر أن يفرض أمره على بيت غيره، فكيف ببيوت الله؟!
لاستقبال الله تعالى ضيوفا في بيوته الحرام شروط وضعها الله لمن يريد زيارتها، فإذا منعت هذه البيوت لسبب ما، فلندرك أن ذلك بسبب عدم تحقق الشروط التي فرضها الله لمن يعمر بيته!
فلنراجع قوله تعالى في سورة التوبة: ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين، أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين.
وقوله تعالى في نفس السورة: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون، لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أ يتطهروا والله يحب المطهرين، أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه علي شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين، لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم.
وقوله تعالى في سورة الأعراف: قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجهوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له له الدين كما بدأكم تعودون، فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون، يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين.
من هذه الآيات البينات يمكننا أن نستخلص شروط الله في زوار بيوته الحرام ومساجده.
أولا: ليس من حق الكافر الذي شهد على نفسه بالكفر أن يدخل مسجدا لله.
ثانيا: لا يجوز للمؤمنين الصلاة في مسجد ضرار، قصد ببنائه التفريق بين المؤمنين ودعم من يحارب الله ورسوله من قبل، فما يسمى المسجد مسجدا إلا ما يؤسس على التقوى.
ثالثا: سقاية الحاج أو عمارة المسجد الحرام ليست حقا بمنع زائرا آمن بالله وجاهد في سبيله، فتوفرت فيه شروط الزائر.
رابعا: الصلاة في كل المساجد التي بنيت على التقوى فرض، وفيها يكون الدعاء بإخلاص الدين لله.
خامسا: شروط دخول بيوت الله ومساجده الإيمان بالله واليوم الآخر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وعدم الخوف من أحد إلا الله.(بما في ذلك الابتلاء)
سادسا: الطهارة الكاملة شرط من شروط الصلاة في المسجد.
سابعا: التزين فرض في دخول كل مسجد.
ثامنا: عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب في المسجد عند الحاجة.
عندما يشاء الله أن يغلق مسجد أو حرم فربما يكون بسبب مخالفة الناس الشروط التي أمر بها الله المصلين، فكم من المصلين يشركون النظام العالمي في قدرة الله، أو الليبرالية أو العالمانية أو الماركسية؟!
وكم ممن بنوا المساجد كتبوا عليها أسماءهم ونسبوها إلى أنفسهم بدلا من الله: مسجد فلان بن فلان؟!
وكم ممن خطب على منابر المساجد اتقى الله في خطبته، ولم يشرك هواه أو تبعيته لغير الله فيما يقول؟!
وكم من المصلين لا يؤدي الصلوات كاملة في أوقاتها؟!
وكم من المصلين لا يؤدون الزكاة في المال والصحة والقوة والعلم؟!
وكم من المصلين نفَّذ أمر الله بالقسط؟!
وكم من المصلين دعوا الله مخلصين، أو عملوا لتحقيق ما تمنوه على الله؟!
وكم من المصلين اتخذ من الشياطين أولياء ويحسبون أنهم مهتدون؟!
وكم من المصلين دخلوا المساجد بثياب العمل المتسخة والمتربة وأنفاسهم المريضة الملوثة؟!
تذكروا سورة الفيل وثقافتها وأبعادها، وموقف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على دين إبراهيم من الكعبة؟ ولماذا ولد الرسول عليه السلام في عام الفيل؟ وكيف عاقب الله من سعى لهدم بيته الحرام؟ وكيف أنقذ الله السكان المقيمين حول الكعبة؟!
أما من أمر بغلق بيوت الله وحرمه أو أفتى بذلك، فهو ونيته، إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فإن كان من خوف غير الله أو إحساس بعجز، فهو ضعف إيمان، وأمره إلى الله.
الشيطان لا يعرًف إلا بأفعاله فهو لا يٌرى، ولكن آثار أفعاله واضحة. إن شيطاننا هو الجهل والتقاعس والغفلة عن آيات الله وكتابه، وعدم إعمال العقل وآثار ذلك واضحة في التخلف وسوء الفكر وسوء العمل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: فلا أقسم بمواقع النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، إنه لقرآن كريم، في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين، أفبهذا الحديث أنتم مدهنون، وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون، فلولا إذا بلغت الحلقوم، وأنتم حينئذ تنظرون، ونحن أقرب إله منكم ولكن لا تبصرون، فلولا إن كنتم غير مدينين، ترجعونها إن كنتم صادقين. صدق الله العظيم.(سورة الواقعة)